يكتسي الإنتاج الحيواني أهمية خاصة لبلادنا التي تصنف ضمن الدول الرعوية بامتياز، ورغم المساهمة الكبيرة في الناتج الداخلي الخام والدور المتميز في الأمن الغذائي ومكافحة الفقر، فان نظم الإنتاج الحيواني التقليدية لم تتطور و لم تواكب التحولات الجذرية التي عرفها المجتمع الموريتاني العصري، الذي انتقل بصفة
متسارعة من مجتمع ريفي منتج، إلى مجتمع مدني مع ما يترتب على ذالك من زيادة في الطلب على الخدمات ، خصوصا على المنتجات من أصل حيواني وشعبنا من أكثر المستهلكين لها في شبه المنطقة.
و أمام هذه الوضعية و على مدى عقود ، لم يتم التفكير في وضع برامج تنموية لتطوير ثروتنا الحيوانية المتجددة ، على غرار ما حصل في قطاعات أخرى كالصيد و الزراعة، ومع ذلك ظلت توفر الاكتفاء الذاتي من اللحوم الحمراء، مع فائض يتم تصديره على شكل حيوانات حية، أما المنتجات الحيوانية الأخرى كالألبان والدواجن فقد استنزفت مئات الملاين من العملات الصعبة نتيجة اللجوء إلى الاستيراد.
لقد قام القطاع الوصي في2010 ـ2012، بوضع إستراتجية لتنمية القطاع الريفي أفق2025، اعتمدت مقاربة تنمية الشعب الأكثر إنتاجية حيوانية كانت أم نباتية ، وتوجت تلك الإستراتجية بقانون توجيهي زراعي ـ رعوي، تمت المصادقة عليه من طرف البرلمان. وكان لهذه الإستراتجية اثر ايجابي على توسع المساحات الزراعية على ضفة النهر، وتطور برامج التنمية الحيوانية.
طالعت سلسلة مقالات لأحد المهتمين بالقطاع ، منها مقال تحت عنوان (برنامج التحسين الوراثي الوطني تهديد للإرث الطبيعي) ،و مقال تحت عنوان مصنع الألبان في النعمة (عندما يحاول الهواة تدارك الأخطاء) ، ومقال أخر تحت عنوان (زراعة الأعلاف في انبيكت لحواش تهديد لأمننا المائي). وكمتابع للصحافة الالكترونية ، أحتفظ بكل المقالات التي تكتب عن القطاع الريفي ، إلا انه لم تتسنى لي الكتابة وقتها، حتى لا يكون سجالا، ولأننا واثقون من برامجنا، بيد أن إنارة الرأي العام حول الانجازات الملموسة في مجال الإنتاج الحيواني، تبقي إحدى أهداف قطاعنا.
أما عن مقالكم ( برنامج التحسين الوراثي تهديدا للإرث الطبيعي) ، فقد تم نشره بتاريخ18 /06/ 2016، يوما واحدا بعد صدور المرسوم المنظم للتحسين الوراثي و المادة الوراثية ،الذي صادق عليه مجلس الوزراء بتاريخ 17 /06/ 2016 ، ويأتي هذا المرسوم ،لضمان حسن استغلال وتسيير المادة الوراثية سواء كان ذالك عبر التهجين أو الانتقاء.
أما عن النتائج المتحققة، فلا يسع المجال لذكرها مفصلة، ولكن كان بودي لو تشرفتم بالاتصال علينا ،وزودناكم بكل المعلومات التي تنيركم في التحاليل التي تقدمونها لقرائكم، ولكنتم نشرتم مثلا، في مقالكم صورا من الجيل الأول، المولود في بلدكم ،بدل استخدام صور من الانترنت لحيوانات أوربية، فالنتائج التي تحصلنا عليها في ظرف وجيز(خمس سنوات) وعلى مواردنا الذاتية، تفوق تلك المتحصل عليها في دول مجاورة سبقتنا في هذا المجال، وذلك حسب شهادتهم عبر زيارات متبادلة، رغم أن هذا النوع من البرامج يتطلب وقتا طويلا لتقييمه.
ويمكن متابعة تلك النتائج على مستوى المنمين وكذلك على مستوى البحث، في المركز الوطني للبحوث البيطرية ، كما يمكن الاطلاع على وثائقي تم إنتاجه منتصف 2015 عن تلك التجربة ،على موقع وزارة البيطرة.
و بخصوص مصنع الألبان في مدينة النعمة، فقد أظهرت التحاليل الكيميائية التي تم إجراءها على الألبان، جودة المنتج وقدرة المنمي على إنتاج حليب قابل للتصنيع. كما أن استجابة المنمين كانت كبيرة، وتم تزويد المصنع بالكميات الضرورية للتشغيل التجريبي. وهنا أتشرف بدعوتكم لزيارة المؤسسة والاطلاع على ما تحقق، وستعلمون علم اليقين انه ليس تخطيط هواة،بل هي الخطوات الأولى على طريق الاكتفاء الذاتي من الألبان و مشتقاتها، إلا أن البعض يستعجل أحيانا، ويشكك كثيرا، تماما مثل ما حصل مع مشاريع كبرى مماثلة، نأخذ منها مثلا، مطار أم التونسي الدولي.
أما عن زراعة الأعلاف الخضراء، فتشكل إحدى المحاور الأساسية ضمن الإستراتجية أنفة الذكر، وتم التحصل على نتائج هامة، سواء في انبيكت لحواش وضفة النهر أو على مستوى المناطق الرطبة، ويتوفر المركز الوطني للبحوث الزراعية في كيهيدي على المعطيات الفنية التي قد يحتاجها الباحث في هذا المجال.
وهنا أوجه دعوة إلى جميع المهتمين بقضايا التنمية الحيوانية، للاتصال بنا، ونحن على أتم الاستعداد لتزويدهم بكل المعلومات التي تساعدهم في إجراء تحقيقات صحفية، حول التحولات الكبرى في القطاع، قيد الانجاز أو الدراسة، وذلك في مجالات البنية التحتية، الألبان، اللحوم الحمراء وصناعة الدواجن.
لكن يجب أن لا ننسى أن برنامج تطوير قطاع التنمية الحيوانية بدأ سنة 2010، وفق إستراتجية تتبنى أفق2025، لتحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات الحيوانية .
محمد الأمين ولد حكي