تظهر الدراسة المتأنية لماهية الشكلية القانونية أنه يراد بها الصورة التي يري يظهر المضمون :قاعدة قانونية-كان أو معيارا قانونيا أو مبدأ.
وكذلك قد تصدق الشكلية علي اشتراط عنصر خارجي في القانون من دونه لا تترتب الآثار ولا تنتج والأمثلة عديدة أقربها الي الأذهان عندنا في موريتانيا :اشتراط النشر في الجريدة الرسمية قصد النفاذ واشتراط الكتابة في القرارات الادارية .
أما الشكلية الدستورية وهي هنا تهمنا أكثر لكونها حديث الساعة وموضوع من مواضيع الحوار الأخير فتعني مجموعة الاجراءات والأوضاع التي تتبع –بضم الأول- وتراعي قبل المصادقة علي أي عمل تشريعي .
وفي العادة يشترط –بفتح الأول-سن الدستور عمليات شكلية لا بد من اتباعها ليكون التشريع دستوريا وعدم مراعاة الشكل وقواعده مبطلة في الأصل فيولد التشريع باطلا للعيوب المذكورة الناتجة عن القفز علي الشكل المطلوب –ان صح التعيير .
ويؤدي ذلك الي الطعون امام المحكمة المختصة بسبب التعارض وعدم القيام بالإجراءات الجوهرية الشكلية .
ومن الأمثلة الشائعة في موريتانيا:اشتراط حصول النصاب والجدولة للقانون قبل نقاشه وتحديد جهة التقديم و الاصدار الخ..
وفي المخيلة الوطنية أن الشكل غير مهم والواقع أن كثيرين منا لا يهتمون بالأمور القانونية ظنا منهم أنها حكر علي أصحاب الاختصاص أو أنها وعرة المنال والحقيقة أن القانون علم أعد للجميع ودراسته ممكنة لكل مهتم وإذا أضفت أن لا عذر في جهل القانون تحتم عليك أن تبادر بدراسته ..
الحكمة من الشكل :
يظهر علي نطاق واسع أنها تختلف من اجراء لآخر فمثلا :وراء اشتراط النصاب أن يشارك أكبر عدد من النواب ما يعطي النص مزيدا من الدراسة والتقييم ويزيد من مصداقية سنه باعتبار عدد الحضور المصدقين .
كذلك الجدولة :اشتراطها يسمح للنواب بدراسة المشروع بصفة أشمل ويجنب الغياب المترتب عن عدم الابلاغ بالجلسات الخ...وهو كذلك يجنب التصديق علي قضايا جوهرية في غياب عدد كبير من النواب بسبب عدم الاشعار مع فرضية أنهم لو أشعروا ما تغيبوا .
وبالنسبة للجهاز التنفيذي ومسؤوليته عن تفديم مشاريع القوانين :أنه قريب من الناس ومسؤول عنهم فهو أعلم بما يحتاجون وبظروف حياتهم ولأن علاقته بالعامة تتم عبر القانون ,فقد عهد اليه بتقديمه .
هذا مع غرض آخر جوهري متعلق بتبيان سلامة الارادة التشريعية وبأن الأمور تمت طبقا لما ينص عليه القانون ثم لأن الشكل هو التجسيد المادي لتلك الارادة –لا أدري هل وفقت في شر ح هذا المعطي !
وفي مقام آخر يري الباحثون أن هذه الشكليات وجدت قديما وكانت تتم بطرق معينة في شكل كلام وحركات وأنها اليوم أكثر دقة .
ومن جهة أخري يتم التمييز بين الاجراءات الشكلية الجوهرية التي بعدمها يقع الابطال والإجراءات الشكلية الأخرى الغير جوهرية التي لا ترتب البطلان .
ومن الأمثلة :عدم ترتب بطلان نتيجة الانتخابات بسب حرمان عدد قليل من الناس من التصويت لأنهم لو صوتوا ما كان ذلك ليؤثر علي النتيجة العامة . الخ..
انطلاقا من هذا يتبين أن الشكل الذي نحسبه هينا عظيم في الفقه الدستوري ويترتب عليه الكثير ومادام كذلك فالعجيب أن البعض لا يوليه أهمية رغم ماله من اعتبار.
وأخيرا علي النخبة أن تدرك ان التعديل يتم وأنه يشترط من الشكليات ما نراه بسيطا وهو في حال لم يعمل به يمكن أن يفتك بمنظومة كاملة من خلال المساس بأبهتها .
ان عدم تقيد القوانين بالقواعد العامة للدستور يصب في خروجها علي الدستور ما يجعلها وكأنها عملت علي تعديله و هو الخرق الكبير ,ذلك ما سنبين في حلقة قادمة .
مع رجاء الخير للجميع ...
محمد يحيي ولد العبقري