لو تم تصنيف فترات حكم الرؤساء الموريتانيين منذ الاستقلال على صعيد الانجازات والإخفاقات، لكانت حقبة الرئيس الحالي الاكثر تميزا في مجال انعدام الحس التربوي وسقوط العملية التعليمية وتردي المنظومة التعليمية ككل.
في هذا العهد بيعت المدارس برخص التراب ورميت الجامعة اليتيمة في أعماق الصحراء وسويت مدارس المهندسين بالعدم عبر قرار غريب لجمعها دون مراعاة لمصالح طلاب متفوقين لو كانو في مكان آخر من هذا الكون الفسيح لحملو على الأعناق عرفانا بذكائهم وتميزهم.
لكن وللانصاف لاينبغي أن نلوم هذا الرئيس(غير المتعلم) على قرارات عرجاء صدرت عن وزير للتعليم العالي يفترض أنه دكتور وأستاذ جامعي عارف بمكامن الخلل في المنظومة التربوية.
للأسف يتمتع وزير التعليم العالي بميزات قلما تجتمع في شخص واحد فهو إنسان متعجرف ينظر إلى الطلاب بدونية ويحتقرهم رغم أنه كان طالبا ذات يوم ويعلم علم اليقين الصعوبات التي تواجه الطالب الموريتاني في مشواره التعليمي الحافل بالمطبات.
في عهد هذا الوزير ألغيت منح الطلاب وقطعت وتضورو جوعا في الخارج واعتصمو امام السفارات الموريتانية في أكثر من بلد للمطالبة بحقوقهم وكان الوزير بقراراته المتسرعة وعنجهيته وأسلوبه المتعالي جزءا اصيلا من هذه المشاكل .
وأخيرا كان القرار المتسرع وغير المدروس للوزير بجمع مدارس المهندسين في البلاد ضربة موجعة لأحلام شباب في عمر الزهور فضلوا المكوث في بلدهم رغم إغراءات المنحة في الخارج، ونجحو بتميز في تجاوز امتحانات الفصول التحضيرية لمدارس المهندسين ليفاجؤو بقرار آخر أكثر غرابة وهو إعادتهم إلى الفصل الدراسي الذي تجاوزوه بجرة قلم
وحتى عندما رفع الطلبة المظلومون قضيتهم أمام المحاكم وقضت لهم المحكمة ببطلان قرار الوزير أخذت الأخير العزة بالإثم فتطاول على القضاء معلنا أنه لن يلتزم بهذا الحكم ولن يتراجع عن قراره الجائر.
الرئيس لم يكن أيضا وللأسف الشديد أكثر حرصا على العدالة من وزيره المتعجرف حيث نقل عنه أنه عندما عرضت عليه مشكلة الطلبة المهندسين وحكم المحكمة لصالحهم أجاب بأن هذا غير مهم، طبعا هذه الإجابة مفهومة لمن يعرف أن هذا الجنرال وأقرانه آخر من يكترث للعدالة وللتعليم لأنهم ببساطة لايكترثون للتعليم وينصابونه العداء بل ويعتبرون أنه خطر داهم منظوكتهم السلطوية الانقلابية المعادية للتربية والتعليم.
لكن حتى لانشطح بعيدا او نلبس هذا الملف لبوسا سياسيا لا يحتمله فإنه على هذا الوزير وهذه السلطة أن لاتأخذها العزة بالإثم فتسترسل في الدوس على أحلام الشباب المهندسين وأن لاتدفع بعضا من خيرة عقول هذا البلاد إلى حافة الانهيار بقرار غير أخلاقي من مسؤول غير "مسؤول" يصر على امتهان كرامة الطلاب المهندسين وتدمير مستقبلهم فقط لغرضاء غروره وسلطويته.
وليعلم هذا الوزير أن زهوهه بهذه الايام زائل وأن مآله كسابقيه إلى مدارك النسيان فليعتبر منهم واليعد الحق إلى أصحابه فالاعتراف بالحق ميزة والرجوع عن الخطأ فضيلة.