لا زلنا نحن في الاردن نحّمل مسؤولية ارتفاع نسب الجريمة للجوء السوري وغيره ونقول أن الزحف السكاني من سوريا الى الاردن والعراق وغيرها أدخل عادات ومفاهيم جديدة على مجتمعنا الاردني وحرم الاف الشبان من العمل بسبب المنافسة الشديدة بسوق العمل الاردني الذي يعتبر أصلا خاليا من العمل .
لكن هذا المجتمع المحافظ الذي أصبح في كل منزل اردني ” مدمن مخدرات ” وربما تاجر لمواد المخدرات التي بأتت منتشرة بدون رقيب أو عتيد في المدارس والجامعات والشوارع والازقة ولازالت الحكومات المتعاقبة تنظر الى أفة المخدرات وأرتفاع نسب الجريمة أمر طبيعي فكل هم رؤساء الحكومات عاجلا أم أجلا ” التغني بالمديونية ” …
لكن الغناء على أنغام االمديونية يتوقف حين يطلب ابن أحد الذوات ” وظيفة ” بالخارجية ملحقا دبلوماسيا وربما سياحيا وتعود مراحل الغناء بالمديونية اذا خرج مواطن أردني من طبقة ” الكادحين ” مطالبا بحقوقه بعيش كريم وأمن فكل جرائمنا بالاردن مرتبطة ” بالمديونية ” التي هي بالاصل لا يعرف عنها الشعب شيئا وكأن المديونية شماعة وفزاعة الاردنيين لكسب ما تبقى من أموال داخل جيوبهم اذا وجدت .
فمن الطبيعي ان ترتفع نسب الجرائم بالاردن وهناك الاف الشبان عاطلين عن العمل لا يجدون قوت يومهم ونسينا كلام ابو الذر “عجبت لمن لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج شاهرا سيفه “.
المواطن بالاردن لا يشهر سيفه ولا سكين الفواكة خاصته بل يمر في أصعب الظروف ففي كل يوم يسمع عن جرائم القتل من شمال المملكة الى جنوبها ولا زالت الحكومة الاردنية تضع يدها في أذنها دون أن يطل علينا وزير الداخلية وربما وزير ألاعلام أيضا للحديث عن ما يحدث بالبلد ..لتصبح البلد بنظر ابنائها ” حارة كل من أيده اله “..؟
برأي الشخصي أنه من الطبيعي حدوث تلك الازمات والكوارث في الاردن فمن يفتح الراديو صباحا باحثا عن محطة قران وربما فيروز أو خبر ” يسر الخواطر ” يستمع الى ” ميرا وانجيلينا ” بالبرنامج الصباحي على راديو روتانا وغيرها وسط الحديث عن فوائد الملفوف ” للرجيم ” والضحك والقهقهة وفلانه طلقت زوجها لأنه لا يجد خمسين دينارا لأطعامها بمطاعم ورد الفخيمة في عمان وهنا نود سؤال الجمهور لو كنت مكان ” الزوج ” ماذا فعلت.
هنا بالكاد لا يحتاج المواطن الاردني من الطبقة الكادحة للاستماع الى الاذاعات الهابطة لان المواطن بالاردن تعدى مرحلة الفقر ودخل بمرحلة الجوع المطقع وكل شيء حوله يجول بخاطره أنه لا يوجد شيء بالبلد وأن المواطن هو دائما على غلط والحكومات وقوانينها وأنظمتها على صواب ..؟
فوائد الملفوف ومحطات التلفاز والاذاعات تعتبر شغلها الشاغل الهاء المواطنين عن القضايا الشخصية والهامة في حياته وجعل محور حياة الاردنيين تتمحور بين ” الملفوف ” وقرار مرتقب بالعطف بعض الشيء على الشعب اليائس .
لينتقل المواطن الاردني الى الاذاعة الاخرى ليستمع الى المعزوفات الوطنية التي صرف عليها مئات الالاف من الدنانير لحقن المواطنين بمعزوفات ” الولاء والانتماء ” وسط خروج أمراة طاعنة بالسن للتفتيش في حاويات القمامة لاطعام أولادها وتأمين احتياجها .
المحور الاخر الذي لعب دورأ كبيرا بتشيت التفكير لدى المواطن الاردني وهوا الخطاب الاعلامي الذي بات يبتعد عن كل شيء يلامس حاجيات المواطن فمن الطبيعي ان تسمع عن جريمة قتل في الاردن لرجلا قتل عائلته كاملة واخر ذبح بالساطور بالشارع العام ومحطات التلفاز والراديو يتحدثون عن عروضات الفيزونات واحجز مطبخك على 24 شهر ويا بابا بس تكبر شو بدك تصير ” طيار ” ..؟
سياسة تكميم الافواه التي ” طيرت ” بعض الائمة الصادقين منعتهم من الخطابة داخل المساجد ولنجير بيوت الله للحديث بخطبة الجمعة عن وصايا الرسول التي لا نعمل بها بالاصل فكم من جار يموت جوعا وجاره ينظر اليه لانه لا يملك سوا الدعاء لتقديمه اليه .
ليظهر علينا في كل جمعة بعض الائمة مرددين الخطبة نفسها ” كيف تحافظ على جيرانك وبر الوالدين وفوائد الصدقة وازالة الاذى عن الطريق وحكايات لا أساس لها متجنبين الخوض بالمسائل الحياتية اليومية والتي اثكلت الشعب الاردني وجعلته لا يقدر على القول حتى ..؟
الاردن وبحسب الاحصائيات الرسمية وقعت في عام 2015 أكثر من 134 جريمة بداعي الشرف وأخرى للسرقة وقصص منوعة وأنا اجزم ان تلك الجرائم لم تقع في ” دابوق ” ودير غبار ” وعبدون ” أو اي شارع من شوارع عمان الغربية التي بأت اهلها ينعمون بالمال والجاه والمنصب.
بل معظم هذه الجرائم وقعت بالمناطق الاشد فقرا والتي أصبحت سياسة المخدرات أشبه بسياسة تعاطي جامعة الدول العربية مع القضية الفلسطينية ” لا يوجد موقف محدد ” .
وهنا نود سؤال الحكومة الكريمة ما هي استراتيجية عملها في السنوات القادمة غير التغني بالمديونية وتعيين أبناء الذوات بالمناصب القيادية بالوزارات وغيرها .
ولماذا لا يطل وزير الداخلية المخضرم ووزير الاعلام بمؤتمر صحفي للحديث عن الخطط الامنية المتبعة بالبلد وكيفية مكافحة الجريمة التي أصبحت كالنسيم في حياة الاردنيين .
لا نحمل اللؤم على رجال الامن وغيرهم من الاجهزة الامنية بل نحمل اللؤم على مجالس النواب والحكومات التي لم تكون يوما بجانب الشعب وتشعر بمعاناة المواطن الاردني الذي بات يقتل ابناءه ونفسه بسبب الفقر وربما المخدرات وربما ضيق الحال أيضا .
ماذا فعلت هذه المجالس للمواطنين ولماذا لا تعيد النظر بقوانين العقوبات وتفعيل عقوبة الاعدام التي اصبحت مطلب أساسي للشعب الاردني قبل مطلبهم بتخفيض المحروقات وفواتير المياه والكهرباء التي تستغل أكثر من 70% من رواتب الاردنيين .
من الضروري الان اذا كان هناك رجال يسمعون ويرتجفون عالبلد كما يرتجفون على مصالحهم الشخصية , التفعيل الفوري لعقوبة الاعدام وأعادة صياغة قوانين وانظمة العقوبات المعمول بها وايجاد حل جذري لمعاناة الاردنيين وتأمينهم بابسط حقوقهم التعليم والصحة والعيش الكريم .
على الحكومة الاردنية التفكير الجدي بضرورة ايجاد خطة خماسية سريعة تتضمن أطر عديدة لتحسين المعيشة لدى الاردنيين فمعزوفة الامن والامان وفوائد شوربة ” الملفوف ” أصبح لا يدندن عليها الا ” المسؤولين المترجفين على مقاعدهم , أما الشعب ” بطلت فارقه معه ” بغير ذلك ستصبح الاردن بلد المليون قتيل ,
جهاد البطاينة
كاتب أردني