يحلم اشد معارضي دونالد ترامب بانتفاضة في اللحظة الاخيرة تحول دون وصوله الى البيت الابيض، لكن الهيئة الناخبة التي تمثل استثناء اميركيا بين الانظمة الانتخابية ستثبت بشكل شبه مؤكد انتخاب رجل الاعمال السبعيني الرئيس الخامس والاربعين للولايات المتحدة.
ويندد منتقدوه العديدون بنظام انتخابي مخالف لمبدأ "صوت لكل شخص"، يدفع المرشحين للرئاسة الى تركيز حملاتهم الانتخابية على عدد محدود من الولايات واهمال اجزاء كاملة من البلد.
ورغم الانتقادات الشديدة الموجهة الى هذا النظام الانتخابي منذ عقود، الا انه لم يتم اصلاحه منذ اقرار الدستور العام 1787.
وحين توجه الاميركيون الى صناديق الاقتراع في 8 تشرين الثاني/نوفمبر، لم ينتخبوا مباشرة رئيسهم المقبل، بل اختاروا 538 ناخبا كبيرا مكلفين بدورهم انتخاب الرئيس.
وفاز ترامب بغالبية واضحة بحصوله على اصوات 306 من كبار الناخبين، ولو ان منافسته الديموقراطية هيلاري كلينتون نالت نسبة اعلى منه في التصويت الشعبي.
وهذه ليست حالة غير مسبوقة تواجهها البلاد، اذ سجل وضع مماثل عام 2000 حين فاز الجمهوري جورج بوش على الديموقراطي آل غور.
ويجتمع كبار الناخبين الاثنين في كل الولايات الخمسين لتثبيت انتخاب الرئيس ونائبه.
وفي ختام حملة انتخابية اتسمت بمستوى غير مسبوق من العدائية، تثير هذه المرحلة من الآلية الانتخابية ترقبا كبيرا في حين أنها تتم عادة من غير تسليط الاضواء عليها كثيرا.
- "ناخبون كبار غير ملتزمين" -
من النادر للغاية الا يلتزم كبار الناخبين بنتائج الانتخابات. وفي الحالات القليلة المسجلة في التاريخ، لم يكن عدد كبار الناخبين المعارضين للاقتراع الشعبي كافيا لايصال رئيس اخر الى البيت الابيض.
غير ان قسما من الديموقراطيين يرى في رئاسة ترامب خطرا على الديموقراطية الاميركية، يتمسك بالامل في ان يقرر عشرات الجمهوريين عدم التصويت للرئيس المنتخب.
وفي هذه الحالة، يعود لمجلس النواب ان يعين خلفا باراك اوباما.
وجمعت عريضة بهذا الصدد حوالى خمسة ملايين توقيع، وبث عدد من نجوم هوليوود مثل مارتن شين الذي لعب دور "الرئيس بارتلت" في مسلسل "ذي ويست وينغ" الذي لقي رواجا كبيرا في العقد الماضي، شريط فيديو يدعو الى انتفاضة.
وقال النجوم متوجهين الى كبار الناخبين الجمهوريين الذين تتجه اليهم الانظار كلها بعدما كانوا مجهولين تماما "لديكم السلطة والفرصة لأن تصبحوا ابطالا في الكتب، غيروا مجرى التاريخ".
لكن هذا السيناريو غير مرجح كثيرا في غياب اي مؤشرات تدل على ان 37 من "كبار الناخبين غير الملتزمين" من الجمهوريين سيقررون التخلي عن دونالد ترامب.
ولم يعلن حتى الان سوى واحد فقط هو النائب عن ولاية تكساس كريستوفر سوبران عزمه على مخالفة خيار الناخبين.
وصباح الاحد، ندد رينس بريوس الامين العام المقبل للبيت الابيض، بشدة بمنظمات "تبذل كل ما في وسعها لنزع الشرعية عن نتائج الانتخابات".
وقال لشبكة فوكس نيوز "نحن على ثقة بان كل شيء سيسير على ما يرام".
وقد لا تعرف النتيجة النهائية الاثنين، اذ تحظى الولايات بمهلة عدة ايام من اجل نشر ارقامها. وفي مطلق الاحوال، فان الكونغرس سيعلن اسم الرئيس المنتخب في 6 كانون الثاني/يناير عند انتهاء التعداد الرسمي للاصوات.
- بين ال "كارثي" أو ال"رائع" -
واعتبر الرئيس باراك اوباما الجمعة خلال آخر مؤتمر صحافي يعقده السنة الحالية قبل التوجه الى هاواي، بأن هذا النظام الانتخابي "من بقايا الماضي، ارث من رؤية قديمة لعمل حكومتنا الفدرالية"، وأنه يمكن ان يكون غير مؤات للديموقراطيين.
لكنه حض الديموقراطيين على استخلاص العبر من فشلهم والعمل على استراتيجية للمستقبل بدل التشكي من نتائج الانتخابات او السعي لاعادة النظر فيها.
وقال "الحقيقة انه اذا كنا نملك رسالة قوية، وان كنا نستجيب لتطلعات الاميركيين، فان التصويت الشعبي وتصويت المجمع الناخب يكونان متطابقين"، في اشارة الى فوزه في انتخابات 2008 و2012.
في المقابل، يرى استاذ الحقوق في جامعة كولومبيا للقانون ديفيد بوزن ان انتقاد هذه الآلية التي تتفرد بها الولايات المتحدة يسلط الضوء على الحاجة الماسة الى التغيير.
وكتب في مقالة نشرتها صحيفة نيويورك تايمز ان "الاهتمام الذي يبديه الراي العام بالهيئة الناخبة يشير الى ضرورة التخلص من هذه المؤسسة التي تخطاها الزمن وغير ديموقراطية في جوهرها".
وكانت هيلاري كلينتون اعربت بوضوح في تشرين الثاني/نوفمبر 2000 بعيد فوزها بمقعد في مجلس الشيوخ عن تاييدها الانتقال الى نظام انتخابي بالاقتراع العام المباشر.
اما ترامب، فقد بدل رأيه بشكل جذري بشأن هذه المسألة خلال اربع سنوات.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2012، كتب على تويتر "الهيئة الناخبة كارثة للديموقراطية".
لكن بعد ايام من فوزه المفاجئ في 8 تشرين الثاني/نوفمبر، كتب ان "المجلس الناخب هو في الواقع شيء رائع، يسمح لجميع الولايات بما فيها أصغرها باداء دور".
(أ ف ب)