أمريكا قادرة على وقف حرب اليمن غداً ..! فرضية أن تتوقف الحرب وينتهي الاقتتال فجأة كما بدأت ممكنة غير أن اللجنة الرباعية في اجتماعها أمس بالرياض لم تعطي العالم سبباً أخيراً ليثق بما ستخرج به ، لازلت تتحدث من مقاعدها الخشبية ببرود جاف .. كما أن المملكة السعودية لم تكف عن ارتداء ثوب الضحية ..!
شوارع عدن وصنعاء والحديدة وصعده تنزف تحت إبر البنج والتخدير التي تضعها اللجنة الرباعية لليمن ، اجتماعاتها من لندن إلى جده ثم الرياض تتشبث بخطابات لا تصل أبعد من صداها ، جديد ما حدث هو انضمام عمان للجنة وزراء خارجية أمريكا وبريطانيا والإمارات والسعودية ، ثم إن رحلات كيري المكوكية إلى المنطقة غارقة في البحث عن النص الذي قد يرضي التبختر الجيوسياسي للمملكة السعودية ، الاهتمام المفاجئ وتولي وزير خارجية أمريكي لملف شائك كالملف اليمني في الوقت بدل الضائع ليس مجانياً ، كيري يقضي أيامه الأخيرة في البيت الأبيض ، ولم يتبقى لديه متسع من الزمن ليحصل على معطيات جدية تنهي الصراع القائم في اليمن .
جربنا تصديق كل مساعي الحل غير أنها في كل مرة تعيدنا إلى نقطة البداية وبنقلة واحدة ، اللجنة الرباعية متحمسة في حث هادي على القبول بالمبادرة الأخيرة للمبعوث الدولي إلى اليمن ، في ذات التوقيت تشعر المملكة أنها مضطرة للدفاع عن مصالحها من خلال مقاومة إيران العازمة على إعادة إنشاء الإمبراطورية الفارسية ، وبدلاً من أن تتشبث المملكة بالفرص الأخيرة وتتخذ جملة من الاحترازات التي تضمن لها عدم الإنزالاق في مستنقع وحل لا نجاة منه ، تقوم بالمخاطرة وقيادة جانب من صراع طائفي إسلامي لا يمكنها الفوز به ، ولا تحتمل نفقاته الباهضة وتعرف جيداً أنه سيشكل عليها عباءً ثقيلاً على المدى الطويل ..!
بيد المملكة إنهاء الصراع ، كما أن أمريكا قادرة على وقف حرب اليمن غداً ، يجزم بقدرتها على ذلك أعضاء في مجلس الشيوخ بحسب صحيفة “تايمز أوف لندن” البريطانية ، غير أن أمريكا تـُدر الكثير من المكاسب المباشرة والغير مباشرة ، ولا تريد لطائراتها أن تتوقف عن تزويد طائرات التحالف العربي بالوقود التي لا تكف عن التحليق في سماء اليمن وتتلقى أوامر القصف كل دقيقتين .
وزراء خارجية اللجنة الرباعية تلوح بأن عمان ستكون المحطة القادمة ولربما الأخيرة لاتفاق اليمنيين ، خوفاً من قنبلة موقوته يفجرها الإرهاب الذي يشكل رعباً في المنطقة ، وإن تمتد نفوذ داعش والإرهاب في اليمن في نطاق أوسع سيصعب على المجتمع الدولي لملمة شظاياه لاحقاً ، وبالتالي فإنه يمثل خطر داهم على غرار ما حدث في سوريا والعراق وتسبب بتهديد حقيقي لأمن المنطقة برمتها ..!
ما الذي يمكن لكيري فعليه في أيام قليلة هي كل ما تبقى لإدارته ، فالساعات المتبقية بالكاد تكفي لعقد مؤتمر صحفي ثم يغادر كيري الرياض من فوره ويعود إلى واشنطن ليجمع وثائقه ويحزم أمتعته ويتأهب لمراسيم التسليم ومغادرة البيت الأبيض.
عبدالخالق النقيب