الحج الى موسكو!! | صحيفة السفير

الحج الى موسكو!!

سبت, 24/12/2016 - 13:01

بعد ما حدث في حلب توضحت الصورة تماماً لبعض المعارضين والناشطين المراهنين على صمود جبهة النصرة وحلفائها في سوريا وفي حلب تحديداً، وخاصة بعد دخول تركيا في مفاوضات لصالح روسيا بعد أن كانت طوال السنوات الماضية تلعب لصالح الفريق الآخر.
بعض المعارضين ومن خلفهم كثير من الناشطين يقرأون خريطة المصالح والتوجهات السياسية ذات الفائدة الحزبية والشخصية بطريقة صحيحة، وعليه قبل أن يظهر للعلن دعوة روسيا لاجتماع موسكو بين وزراء خارجية كل من روسيا وايرانوتركيا، ومن ثم في الأستانة بين النظام السوري ومعارضيه، سارع الكثير من هؤلاء المعارضين إلى عملية مراجعة مواقفهم السابقة )علناً( في محاولة منهم لتبرير توجههم الجديد نحو موسكو.
لقد استطاعت موسكو – بمساعدة ظروف اقليمية ودولية – رسم خارطة تسوية جديدة حول سوريا بعد تقليص عدد اللاعبين في الداخل السوري، من خلال إطاحتها بفكرة أصدقاء النظام وأصدقاء المعارضة أولاً، ثم دمجمهم ضمن مجموعة عملواحدة لأجل سوريا، بالإضافة إلى مقررات فيينا٣ بمشاركة كل اللاعبين الدوليين والاقليميين بدون استثناء ودعم هذه المقررات بقرار صادر من مجلس الأمن.
ومؤخراً عمدت الدبلوماسية الروسية إلى نقل التسوية بعيداً عن الأمم المتحدة إلى الأستانة بالتوافق مع ايران وتركيا بعد تحييد (طوعاً أو كرهاً) كل من أمريكا وفرنسا والسعودية وربما قطر، مما بجعل التسوية أقرب للنجاح مع اعتبار بأن هذا لايعني أبداً أنها سوف تكون قريبة لما تطلع إليه الشعب السوري.
بعيداً عن المناكفات الدولية الراغبة في نصيب من التسوية السورية والتي تقودها بعض دول أوروبا، فإن الكثير من المعارضين باتوا يتطلعون إلى موسكو بعد تسيدها للموقف السوري بشكل واضح وجلي، هذا التطلع بدأت تتم ترجمته بشكل فعليعبر القفز من مركب الائتلاف الوطني – الغارق في نظرهم – نحو تنظيمات جديدة تتيح لهم الركوب نحو موسكو والاستانة، فهيئة التفاوض أعلنت من باريس عن قبولها الدخول في تفاوض مع نظام الأسد بدون أي شروط مسبقة – يا سبحان مغيرالأحوال – واخوان سوريا المسلمون بدأوا بالتواصل مع بعض المعارضين لدعوتهم الى مؤتمر موسّع في تونس مسترجعين وثائق القاهرة – يا سبحان الله – بعد أن حاربوها كثيراً في حينها، وبعضهم يريد إعادة المجلس الوطني إلى الحياة بعد أنأطلقت عليه الوزيرة كلينتون رصاصة الرحمة قبل أن تستبدله بالائتلاف الوطني، وآخرون يبحثون عن فرصة هنا وأخرى هناك عبر شهادات الاعتذار ومراجعة المواقف السابقة!!
لقد عانت سوريا كثيراً من تبعية تنظيمات المعارضة لأمريكا وحلفائها ورهنهم القرار الوطني الذي انتزعته ثورة الشباب السلمي من يد النظام مقابل الدعم بالمال والسلاح ووعود التدخل العسكري، وكذلك فعل نظام الأسد حين رهن قراره الوطنيوسمح باستباحة أراضيه مقابل الدعم من روسيا وإيران وحزب الله، لقد كان كلاهما البوابة التي دخل منها جميع هؤلاء اللاعبين في الأزمة السورية مع كثير من الجهاديين أيضاً، وعليه فما يمنع المعارضة التي ارتمت على أعتاب أمريكا وتركياوالسعودية وقطر من أن ترتمي مجدداً على أعتاب موسكو؟!
صحيح بأن التدخل الروسي يمكن أن يصنع وقف إطلاق نار في سوريا عندما يحسم الصراع لجهة واحدة، ولكن هذا لا يعني أن روسيا تعمل حصراً لمصلحة الشعب السوري وتترجم تطلعاته، علينا أن نتعلم أن الدول تتحرك لنصرة مصالحهافقط، وهذا يعني ضرورة أن تكون هناك مجموعة وطنية خالصة وغير مغرر بها أو تابعة، تضع نصب أعينها مصالح سوريا والسوريين وتدفع باتجاهها في صورة تعيد للأذهان أفعال “الكتلة الوطنية” التي لعبت دوراً بارزاً في الساحة السياسية السورية خصوصاً في مقارعة الانتداب الفرنسي على سوريا (١٩٢٠ – ١٩٤٦) وفي عهد الجمهورية الأولى (١٩٣٢ – ١٩٦٣).
لقد لعب المال السياسي والاعلام الموجه دوراً كبيراً في تسويق أشخاص لا همّ لهم سوى في استجرار التدخل العسكري الخارجي بناء على وعود، وكذلك اليوم سوف تدفعهم مصالحهم الحزبية أو مصالح من استثمر في تنظيماتهم السياسية والعسكرية للمضي قدماً نحو موسكو، وهذا يعني رهن آخر لن ينطلي على موسكو بل ربما سوف تستثمره جيداً في تمكين حليفها الأسد أو فرض مصالحها.
لدينا كسوريين مصالح مشتركة مع روسيا ونقاط كثيرة للحديث عنها وخاصة في ظل الوضع القائم، وأيضاً نملك مصالح مع تركيا والسعودية وايران وقطر وفرنسا، ولكن هذا لا يعني أبداً أن نكون تابعين لأحد، حتى لدولة تهيمن بجيشها علىسوريا، المصلحة الوطنية السورية أولاً، ولا تبرير لأي تبعية إلا للقرار السوري الجامع لكل السوريين، رفعت الأقلام وجفت الصحف، وعلى ذلك فليتنافس المتنافسون.

 

عبد الله الحسن/ كاتب سوري