ولد محمد بخاري في عام 1942، لأب ينحدر من قبيلة “فولاني” في بلدة “داورا” بولاية كاتسينا (شمال غرب نيجيريا)، وعقب إنهاء دراسته العسكرية عام 1963، تخرّج برتبة ملازم ثان، وخدم في مناصب مختلفة كضابط جيش، من بينها الحاكم العسكري لمنطقة شمال شرق نيجيريا المضطربة.
التحق بالجيش وعمره لم يتجاوز 19 سنة. ثم درس الفنون العسكرية ببريطانيا قبل أن يعود إلى بلاده ليقلد مناصب عسكرية هامة، إذ تم تعيينه في 1980 جنرالا ومسؤولا للقوات العسكرية النيجيرية.
واقترن اسمه بعدد من الانقلابات العسكرية، ومن بينها انقلاب مضاد عام 1966، قتل خلاله الحاكم العسكري السابق أغويو إيراونسي. وشغل لواء الجيش المتقاعد، منصب الحاكم العسكري للبلاد بين عامي 1983 و1985، في أعقاب الإطاحة بالنظام المدني في البلاد آنذاك.
في عام 1971، تزوج محمد بخاري زوجته الأولى، “سفينة” Safinatu بخاري (السيدة الأولى في نيجيريا من ديسمبر 1983 إلى أغسطس 1985). ورزقا بخمسة أطفال معا، أربع بنات وولد واحد. يدعى ابنتهما الأولى، “زليخا” (سميت بذلك تخليدا لوالدة أم بخاري). وأطفالهما الآخرين هم: فاطمة, موسى (متوفى)، Hadiza، و “سفينة”.
وطلق بخاري في عام 1988 زوجته الأولى سفينتة. وتزوج من الثانية (زوجته الحالية) في ديسمبر كانون الاول عام 1989، وهي عائشة بخاري, ولديهما خمسة أطفال معا، ولد وأربع بنات. وهم: عائشة، حليمة، يوسف، زرعة وأمينة.
نشاطاته العسكرية والسياسية
يحظى “بخاري” بكراهية ومحبة من شرائح مختلفة من المجتمع في الوقت ذاته، كما يواجه عدة اتهامات، تتراوح بين “صلابته” (التي قيل إنها غير متوافقة مع الديمقراطية)، و”سلوكه شديد القسوة بصفته دكتاتور عسكري (شهدت فترة حكمه حملة على وسائل الإعلام وحرية التعبير)، ودوره المزعوم في الحرب الأهلية النيجيرية، وارتباطه المشبوه والمحاباة العلنية لقبيلته “هوسا-فولاني”.
ويصف المنتقدون “بخاري” بأنه “إسلامي متشدد”، و”قومي عرقي متشدد”، على الرغم من عدم تقديم أي أدلة لدعم هذه الاتهامات ولم يصدر أي بيانات من بخاري نفسه لنفي هذه الادعاءات. غير أن تلك المزاعم حول “تشدده” وسجله الدكتاتوري، عرقلت مساعيه الانتخابية الرئاسية السابقة.
في عام 2013، اختارت جماعة “بوكو حرام” المتطرفة “بخاري” باعتباره مفاوضها المفضل، وهو العرض الذي رفضه الأخير رفضا قاطعا، وتم استهدافه لانتقاداته اللاذعة لـ”بوكو حرام”.
وسعى الرجل العسكري إلى تهدئة المخاوف بشأن خلفيته الديكتاتورية من خلال وصف نفسه بأنه “متحول” ديمقراطي، حيث نافس في جميع الانتخابات الرئاسية التي جرت منذ عام 2003.
وكان عمره، أيضا، بمثابة عائق انتخابي، حيث نظم “حزب الشعب الديمقراطي” (الحاكم) حملة إعلانية تحذر من اعتلال صحة “بخاري” المزعوم، مؤكدا على أنه سيكون من الصعب لشخص في مثل عمره إدارة البلد الأكثر اكتظاظا بالسكان في القارة السمراء.
وأخفقت التحقيقات المتكررة في توجيه الاتهام لقيادته خلال السنوات التي قضاها رئيسا لصندوق ائتمان قطاع النفط، وهي وكالة حكومية رأس مالها ملايين الدولارات، في عهد الرئيس الراحل ساني أباتشا.
رغم كونه في العقد السابع من عمره واقتران اسمه بعدد من الانقلابات العسكرية، وصفه أنصاره بأنه “أفضل مرشح للتغيير” في الانتخابات الرئاسية النيجيرية في 2015 التي حسمها لصالحه، محمد بخاري، مرشح المعارضة.
وتلك هي المرة الرابعة على التوالي منذ عام 2003، التي يخوض فيها الحاكم العسكري الأسبق لنيجيريا، محمد بخاري، غمار سباق الانتخابات الرئاسية..
في عام 2011، بكى بخاري على الملأ عقب خسارته في الانتخابات العامة، التي قال إنها ستكون المرة الأخيرة التي يترشح فيها للانتخابات الرئاسية. لكن العام الماضي، قال إن أنصاره ضغطوا عليه ليترشح مجددًا، مؤكدا على أن هذا القرار “لا يهدف لتحقيق مكاسب شخصية”.
وواجه بخاري، وهو مرشح حزب “المؤتمر التقدمي” المعارض، منافسه الرئيس المنتهية ولايته غودلاك جوناثان في انتخابات وصفت بأنها “الأشد ضراوة”، منذ عودة البلاد إلى الحكم المدني قبل نحو 16 عاما بعد عقود من الدكتاتورية العسكرية.
والمفارقة، أن بخاري نفسه فرض قيودا على الحكم المدني عام 1983، عندما أطاح بنظام مدني وصف بأنه “فاسد” و”غير كفؤ”.
ثم قادت حكومة محمد بخاري و “توندي إدي-آبون” (Tunde Idiagbon) حملة مشددة ضد عدم الانضباط والخضوع للقوانين والمعروفة باسم “الحرب ضد العصيان” (War Against Indiscipline). وهي حملة لقيت قبولا واسعا من قبل النيجيريين. وبعد 18 شهرًا، أطيح به في انقلاب غير دموي من قبل رئيس أركان جيشه آنذاك، إبراهيم بابانغيدا، الذي واصل حكم نيجيريا حتى عام 1993.
فوزه في انتخابات 2015
على رأس مميزاته، يأتي أسلوب حياته المتقشف وانضباطه الشخصي كرجل دولة كبير السن.
من بين كل الحكام العسكريين السابقين في تاريخ نيجيريا، بخاري هو الوحيد الذي لم يروج لنفسه، وهو الشيء الذي يقول أنصاره إنه يميزه كضابط عسكري متواضع وأقل طموحا.
ونظر له الكثيرون باحترام عندما رفض الامتيازات التي منحت للحكام السابقين في نيجيريا، ويقال إنه طلب من وزارة المالية خفض راتبه الشهري باعتباره الحاكم العسكري السابق، وهي الرواية التي روج لها حزب “المؤتمر التقدمي المعارض” ولم يطعن أحد في صحتها، حتى الحكومة.
وما عزز سمعة ونجاح بخاري في الفوز في انتخابات 2015, ما يوجه للرئيس السابق جوناثان اتهامات بـ”الفساد، والحماقة، والافتقار إلى العبية الوطنية والفشل في الحد من انعدام الأمن”، فيما يوصف بخاري من قبل أنصاره بـ “أفضل مرشح للتغيير”، وهو الشعار الذي تنبته حملة المعارضة.
ووفق النتائج النهائية الرسمية، فاز محمد بخاري في الانتخابات الرئاسية بنيجيريا (2015) بفارق 2,57 مليون صوت على الرئيس المنتهية ولايته غودلاك جوناثان.
وفاز بخاري في 21 ولاية من أصل 36 في البلاد وخصوصا في ولاية بورنو التي تعتبر معقل حركة “بوكو حرام” الإسلامية.
ومن ناحيته، أقر الرئيس النيجيري المنتهية ولايته غودلاك جوناثان في بيان بهزيمته في الانتخابات الرئاسية أمام زعيم المعارضة محمد بخاري.
وقال أيضا “أشكر لجميع النيجيريين الفرصة الهائلة التي أتيحت لي لقيادة هذا البلد (…) لقد نقلت تمنياتي الشخصية إلى الجنرال محمد بخاري”.
قيادته ومحاربته للفساد
منذ بدايات نشاطته السياسية, حظي “محمد بخاري” بإعجاب الكثيرين له لاستقامته ووقوفه ضد الفساد. ففي فترة حكمه كحاكم عسكري, يعزى إلى حكومته الفضل في الحفاظ على نيجيريا المزدهرة حينها اقتصاديا, مع رفضه لقرض وتوجيهات صندوق النقد الدولي والتي تتضمن تخفيض قيمة عملة البلاد “نايرا”. حيث واجهت حكومته حينها التضخم من خلال الإصرار على أنه لن يخفض من قيمة العملة.
ومنذ مايو 2015، تم القبض على العشرات من الموظفين العموميين وأتباعهم من قبل لجنة الجرائم المعززة (EFCC). وأشهر تلك الاعتقالات، اتهام مستشار الأمن القومي السابق “سامبو دسوقي”، بسرقة ما قيمته 2 مليار دولار من عقود وهمية لطائرات الهليكوبتر والطائرات والذخيرة. وتحت إدارة بخاري الجديدة، أزالت شركة البترول الوطنية النيجيرية الغطاء عن نشاطاتها وهي الآن تنشر تقاريرها المالية كل شهر. وأُلقي القبض أيضا على رئيس شركة محلية، وذلك بعد فترة قصيرة من القبض على وزيرة البترول السابقة في لندن. كما أن حكومته ألغت نظام الدعم للوقود الذي يكلف في ذروته 14 مليار دولار سنويا.
وأمر أيضا ببيع طائرتين رئاسيتين, وذلك في خطوته للتقليل من النفقة ولإيجاد أموال لتنفيذ مشاريع وطنية. وقد لقيت هذه الخطوة ترحيبا إقليميا ودوليا.
المصدر: أفريكا عربي