قانون العنف ضد النوع الحبة الجهنمية الثالثة | صحيفة السفير

قانون العنف ضد النوع الحبة الجهنمية الثالثة

أربعاء, 04/01/2017 - 16:23

تتقاطر الحبات الجهنمية من سلك النظام الحاكم، مرتبكة اللمحات، واجمة القسمات، يسري فيها ارتباك نظام حريص على استغلال الدين والظهور بخدمة العمل الإسلامي، خاصة حين يضع رئيسه العمامة معلنا أن الجمهورية الإسلامية الموريتانية دولة إسلامية لا علمانية، فيفاخر بطباعة المصحف الشريف، ويمتن بدروس قناة المحظرة وإذاعة القرآن الكريم، وهي أفعال حميدة، بيد أنه ما يلبث أن تبدو البغضاء لما هو إسلامي طافحة طامية في أقواله كما في أفعاله، ففي تصريح متأخر على لبس العمامة (والمتأخر ناسخ ) قال الرئيس بأن الدين أمر شخصي لا علاقة له بالسياسة، وكان قبل هذا التصريح قد ألغى التعطيل يوم الجمعة مما نجم عنه تضييق على العبادة والدعوة وصلة الرحم في ذلك اليوم المجيد، (الحبة الجهنمية الأولى) وما زال قضاؤه يماطل في النطق بالحكم النهائي على ساب الرسول صلى الله عليه وسلم، ويضايق ويغلق بعض المعاهد الإسلامية إغلاقه بعض جمعيات الدعوة، (الحبة الجهنمية الثانية) ورغم خطورة تلك الخطوات فإنها لم تنقع له صدى فاشرأب إلى استئصال شأفة المجتمع واجتثاث بقية الأخلاق وسؤر التقوى، لا عن طريق التغاضي عن الدعوات الفئوية فقط، بل عبر إفساد منظومته الاجتماعية وبث الشقاق والنزاع بين الرجل وزوجه (الحبة الجهنمية الثالثة).

لا جدال في أهمية قانون يحمي النساء من العنف ضدهن، لا سيما في مجتمع أصبحت جرائم الاغتصاب والتحرش تتداول كأعمدة إخبارية ثابتة، غير أن ما ليس مقبولا هو أن يتحول مثل هذا القانون من كلمة حق يراد بها الحق، إلى كلمة حق يرام بها الباطل.

لا أفهم ما الذي يضير الحكومة لو قدمت مشروع قانون يحمي المرأة وهي بحاجة إلى ذلك فعلا، دون أن يبطن بسموم تهلك حرث ونسل هذا المجتمع في دينه وقيمه وتشوش على أمنه وسكينته!!

يحمل مشروع القانون هذا بصورته المتداولة التي نقلت بعض المواقع الإلكترونية كوارث جمة من أهمها:

كارثة إشعال الأسر

روى مسلم وأحمد عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول : فعلت كذا وكذا، فيقول : ما صنعت شيئا، ويجيء أحدهم فيقول : ما تركته حتى فرقت بينه وبين أهله، فيدنيه منه، ويقول : نعم أنت" كذلك يقول الشيطان لأهل هذا المشروع نعم أنتم، نعم أنتم لأنكم وضعتم مشروع قانون يجعل الحياة الزوجية فاشلة لا محالة، فمن ذا الذي ترضى سجاياه كلها؟ ومن ذا الذي لا يصدر منه فعل من تلك الممنوعات المسرودة في القانون؟ أليس في طبيعة العشرة هجر ومقالاة ولوم فيه لون من السب؟ لكن الحب يغلب كل ذلك، والعشرة بالمعروف تدفنه وتطمره، فما يدور بين الأحبة سحابة صيف عن قريب تقشع، ففتح الباب على مصراعيه أمام أحد طرفي الأسرة في إيداع صاحبه السجن بدعوى الضرب -وهو صادق على المبرح وغيره- أو الاحتجاز –وهو مفهوم في غاية المطاطية- أو الشتم أو الممارسة غير الإنسانية –التي لم تحدد- أو الابتزاز أو المنع من ممارسة الحريات العامة  -ومنها التنقل داخل وخارج البلد- كما تسطر هذه المواد من المشروع التي ننقلها كما وردت في النص:

المادة: 11: يعاقب من شهرين إلى 5 خمس سنوات سجنا كل زوج سبب بإرادته ضربا وجروحا أو مارس العنف على قرينه، سواء كان بدنيا أو معنويا، أو نفسيا.

المادة: 12 يعاقب من شهرين إلى سنتين حبسا كل من احتجز زوجه أو زوجته.

إذا أطلق سراحه طوعا تكون مدة الحبس بين شهرين إلى سنة، وغرامة 500.000 خمسمائة ألف أوقية.

ترفع العقوبة إلى خمس سنوات سجنا في حالة ظروف مشددة.

المادة: 13: يعاقب من شهرين إلى خمس سنوات سجنا، وبغرامة من 500.000 خمسمائة ألف أوقية إلى 800.000 ثمانمائة ألف أوقية كل زوج عرض زوجته لممارسات غير إنسانية.

المادة: 14: يعاقب من عشرة أيام إلى سنتين حبسا كل من شتم زوجته بعبارة مهينة يمكن أن تمس من كرامتها أو شرفها.

المادة: 15: يعاقب بـ6 ستة أشهر إلى سنة حبسا، وبغرامة 150.000 مائة وخمسين ألف أوقية إلى كل زوج هدد قرينه باختطاف طفل لكي يخضع لإرادته.

المادة: 16 يعاقب كل من فرض سلوكا أو تصرفا على زوجه أو زوجته من ستة أشهر إلى سنة واحدة حبسا، وبغرامة من 150.000 مائة وخمسين ألف أوقية إلى 300.000 ثلاثمائة ألف أوقية.

المادة: 17: يعاقب من سنة إلى سنتين حبسا، وبغرامة من 500.000 خمسمائة ألف أوقية إلى 800.000 ثمانمائة ألف أوقية كل زوج يهدد زوجه بترويج معلومات تمس من شرفه للحصول على منفعة غير مستحقة.

المادة: 18: يعاقب أي زوج منع زوجته من الميراث من سنة إلى 2 سنتين، وبغرامة من 200.000 مائتي ألف أوقية إلى 500.000 خمسمائة ألف أوقية.

المادة: 19: يعاقب من سنة إلى سنتين حبسا كل زوج يمنع أو يقيد شريكه عن ممارسته لحرياته العامة

لقد نبه النبي صلى الله عليه وسلم إلى منافاة العشرة الصالحة للعنف ففي الصحيحين: " أيضرب أحدكم امرأته كما يضرب العبد ثم يجامعها في آخر اليوم؟"

وأخرج عبد الرزاق عن عائشة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " أما يستحي أحدكم أن يضرب امرأته كما يضرب العبد يضربها أول النهار ثم يضاجعها آخره؟ "

فهل يبقى للأسرة قائمة وأحد طرفيها سجين الآخر في غير الغرام؟ ومن يضمن ألا تحمل حالات الغضب في بعض الأوقات على المرافعة لشفاء غيظ آني ما يلبث صاحبه أن يقرع كف نادم؟.فينشد ما أنشد العسكي حين كسر قوسه:

ندمت ندامة لو أن نفســي ... تطاوعني إذاً لقطعت خمسي

تبين لي سفاه الرأي مني ... لعمر أبيك حين كسرت قوسي

أو الفرزدق يوم طلق نوارا:

ندمت ندامة الكســــــــــــعي لما ... غدت مني مــــــــــــطلقةٌ نوار

وكانت جنتي فخرجت منها ... كأدم حين أخرجه الضرار

ولو أني ملكت يدي ونفسي ... لكان علي للقدر الخيار

لا شك أن الصواب في مثل هذا الأمر هو ما أجازه الشرع من حق القيام بالضرر إذا تبين كونه ضررا، أما أن تقنن الأحكام على هذا النحو بهذا الشكل، فتلك عملية محكمة لغرس المسامير في نعوش البيوت المسلمة في هذه الربوع.

ما هو أدهى أن مشروع القانون أوجب الإبلاغ عن كل عنف –لم يستثن ما يجري بين الأزواج- ورتب الجزاء على عدمه في المادة 6  حيث قالت: "يعاقب بالحبس من 6 ستة أشهر إلى 3 ثلاث سنوات، ويغرامة من 100.000 مائة ألف أوقية إلى 200.000 مائتي ألف أوقية، أو إحدى هاتين العقوبتين كل من علم بعنف قائم على النوع تمت محاولته أو القيام به ولم يبلغ عنه في الوقت لغرض تبسيط الأدلة" وهي مادة لا تفرق بين الزوجي وغيره.

فلو لم يكن من كوارث هذا المشروع إلا إشعال المشاكل الزوجية التي ليست بحاجة إلى مزيد في بلادنا لكان ذلك كفيلا بإقناع كل مواطن شريف برفضه ودحضه.

كارثة التشويش على الأمن والسكينة العامين

جاء في المادة 8 من المشروع: "جنحة التحرش الجنسي هي كل لفظ أو فعل أو معاكسة أو إيحاء أو إشارة أو تصرف له معنى جنسي أو مبنى على الجنس مع الأخذ بعين الاعتبار النشاط الجنسي الحقيقي والمزعوم لامرأة بهدف اتنهاك حقوقها وكرامتها أو خلق محيط مخيف ومعاد ومهين أو فاضح" وهذا التعريف للتحرش في مجتمع كمجتمعنا يمكن أن يحول كل المخاطبات بما فيها مخاطبات البيع والشراء إلى محاورات قابلة لدعوى التحرش أي أن حوارا جديا من رجل عقيق غافل قد يفاجأ بتوريطه في اتهام بالتحرش خاصة أن المادة 38 افترضت صحة شهادة –لعلها تقصد الدعوى- امرأة وقعت ضحية اعتداء جنسي حتى يثبت العكس.

وهي في هذا تخالف المبدأ القانوني المتفق عليه من أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، كما تخالف ما في الصحيحين عن ابن غباس "أن النبي {صلى الله عليه وسلم} قال لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناسٌ دماء رجالٍ وأموالهم ولكن اليمين على المدعى عليه" وفي رواية للبيهقي وغيره: "لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال أموال قوم ودماءهم لكن البينة على المدعى واليمين على من أنكر".

كارثة مخالفة الشرع الإسلامي:

تبدو مخالفة الشرع في هذا القانون بادية بأدنى تأمل من وجوه كثيرة نذكر منها:

 جلد الحصن حتى الموت

حول المشروع حكم المحصن من القتل بالرجم إلى القتل بالجلد وهي مخالفة لا يظهر منها إلا قصد المخالفة، فلو حكم عليه بغير الموت لقلنا إن المشروع متأثر ببعض الآراء المعاصرة فترخص بها، أما وقد قرر الموت لكن على خلاف ما قرره الشارع، فما ذلك إلا لتنكب سبيل الشريعة مقصد وإن التقى معها في نتائج بعض الجزئيات.

مخالفة القاومة وأحكام النشوز

تعمد المشروع مخالفة أحكام القوامة والنشوز المقررة بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم الصحيحة الصريحة قال تعالى: {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا} (النساء: 34) وفي صحيح مسلم: "فاتقوا الله فى النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه. فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف"

اما مشروع القانون فلا وجود فيه لمفهوم القوامة بل إن بعض مشمولاتها داخل في لائحة المحرمات المسرودة في المواد المذكورة آنفا كالحمل على مسلك أو تصرف قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}.

والأمض مما تقدم أن معاشرة الزوجة دون رضاها تبدو داخلة في مشمول الاغتصاب المحدد بالمادة 7 حيث تقول: "الاغتصاب كل فعل أدى إلى اختراق للفرج أو المخرج أو الفم مهما كانت طبيعته، مرتكب كل شخص دون رضاه بعنف أو إكراه أو تهديد أو مفاجأة.

يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة كل من يرتكب جريمة اغتصاب على امرأة، دون المساس عند الاقتضاء بعقوبة الحد والجلد إذا كان المرتكب أعزب، وإذا كان محصنا يتم النطق بالإعدام وحده.

غير أن الشروع في جريمة الاغتصاب لا يعاقب إلا بالأشغال الشاقة المؤقتة"

فترتب الحد على عندية الاقتضاء كالصريح في دخول الزوج في هذا الحكم، إذ هو وحده الذي لا يترتب عليه الحد وليس مثله في ذلك إلا من ليس مخاطبا شرعا كالصبي والمجنون.

ثم كانت الداهية الدهياء في المادة 5 التي نصت على أنه "في حالة العود يعتبر القاضي جميع أنواع العنف القائم على النوع اغتصابا لمعاقبة مرتكبها.

ويصل السوء مداه حين تمنح المادة: 53 المنظمات غير الحكومية –وهي معروفة الأهداف في عمومها- الحق في أن تكون طرفا مدنيا يرفع الدعوى نيابة عن المرأة فنصت المادة على ما يلي: "تتمتع كل منظمة تعمل في محاربة الاعتداءات القائمة على النوع ومعترف بها قانونيا منذ 5 سنوات على  الأقل بالحق في أن تكون طرفا مدنيا وفي رفع دعوى نيابة عن المرأة في هذا المجال" وهو باب واسع لإخراج تلك النزاعات من الجوانب الشخصية إلى قضايا الرأي العام وربما التدويل.

قتل الزاني بالمحرم:

الشذوذ الجنسي داء ألم بالغرب بعد الطلاق البائن ما بين الدين والعلم، فشاع حتى صار مألوفا طبعيا بل أضحى جماعات الضغط المثلية ناشزة الصوت بالغة التأثير، تفرض احترام حقوقها، وفي مجتمع كهذا، لا غرابة أن يتفشى ما هو أقل شذوذا من المثلية كالزنا بالمحارم، أما في بلاد المسلمين التي ما تزال قريبة من الفطرة، وللدين في مجتمعاتها تأثير كبير، فإن مثل هذه الشذوذات ليست ظواهر جديرة  بالتشريع، والغريب أن مشروع القانون لم يكتف بتخصيص مادة لهذه الظاهرة بل تجاوز ذلك إلى إعطائها حكما مخالفا للشريعة الإسلامية خاصة المذهب المالكي، ففي المدونة: "قلت: أرأيت الذي يزني بأمه التي ولدته أو بعمته أو بأخته أو بذات رحم محرم منه أو بخالته؟ قال: أرى أنه زنا، إن كان ثيبا رجم، وإن كان بكرا جلد مائة وغرب عاما وهو رأيي وهو أحسن ما سمعت".

وفي مفارقة عجيبة نجد أن القانون حين تكلم على هذه الظاهرة الشاذة لم يشر إلى ما هو أشذ منها وأكثر انتشارا، أعني ظاهرة اللوطية والمساحقة أو الجنس المثلي، فهل يضعها بذلك في مجال العفو من باب وسكت عن أشياء؟ أم أنها لم تخطر لواضعيه ببال؟ وذلك أمر يبعده أن الأسلوب يشي بأن النص ترجمة لنص تغلب فيه المرجعية الغربية على المرجعية الإسلامية فتلك مرجعية لا يستبعد أن ترى تلك الشذوذات حرية شخصية إن كانت عن تراض!!.

مباح يجلب التجريم (عصى وصح في تزويج القاصر)

من أسوأ ما في مشروع القانون المادة: 21 في زواج فاقد الأهلية التي تقول: "إذا زوج الولي فاقد الأهلية دون احترام القانون اعتبر هذا الزواج شرعيا، غير أن الولي يتعرض للسجن من ستة أشهر إلى 5 خمس سنوات، ولغرامة من 150.000 مائة وخمسين ألف أوقية إلى 300.000 ثلاثمائة ألف أوقية إذا كان قد تصرف لمصلحته"

فالحكم على الفعل بصحته الشرعية مع ترتب جزاء عليه مشعر بعدم جوازه أصلا، كما يقول الفقهاء عصى وصحت، كنظر المحرم في الصلاة، والوضوء بماء غصب، والحج بمال حرام، وكتصحيح بعض العقود بعد الفوات، والحقيقة أن تزويج القاصر وتزوجه جائز شرعا فعله النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من بعده والأمة عبر تاريخها ولم يجلب لها غير العفة والنماء، وقد تقتضيه المصلحة المتعينة كمن يخشى فسادها، كما قد تقتضي المصلحة خلافه كمن صلح حالها ويشغلها الزواج عن بعض مصالحها ممن لا يراعي تلك المصالح وليس فيه عوض لمثلها ولا خير منها، وذلك يختلف باختلاف الخاطب والمخطوب وما كان كذلك فتحريمه في الجملة من تحريم ما أحل الله يل ما أوجبه أحيانا.

كارثة نضوب القرائح

من طريف الكوارث التي قد تنجم عن مشروع القانون أن قرائح الشعراء ستكون مقموعة بسطوة المادة 8 من مشروع القانون، فمن يضمن ألا يحاكم شاعر هام في أودية محاجر ليلى، أو تغنى بهفهفة بطن جمانة، أو سرد محاورة طيف سعاد؟، فكل ذلك وغيره قد تحوله فتاة طائشة تحمل نفس الاسم -ربما بدافع حب الشهرة- إلى محاكمة بتهمة التحرش اللفظي، وإذا سد أو ضيق باب الغزل فقد انسد أو ضاق باب الشعر فتتبلد الأحاسيس وتتجمد العواطف فتصير الحياة نهرا متجمدا لا خرير ولا هدير.

إن التغزل خاصة حين يكون مجردا، ليس تحرشا ولا رفثا وقد حدا ابن عباس راحلته وهو محرم ببيت فيه ذكر لفظ من الرفث فقال له صاحبه : أترفُث وأنت محرم ؟ فقال : إن الرفث ما كان عند النساء أي الفعل الذي عند النساء أي الجماع .

و لعبيد الله بن عبد الله ابن عتبة  وهو أحد فقهاء المدينة السبعة شعر في امرأة من هذيل استشهد فيه بقية السبعة ولم ينقل عن أحد منهم نكران ذلك بل روي عن سعيد بن المسيب ما يفيد استحسانه يقول عبيد الله:

أحبك حباً لا يحبــــــــــك مثله ... قريبٌ ولا في العاشقين بعيد

وحبك يـــــا أم الصبي مدلهي ... شهيدي أبو بكر فنعم شهيــد

ويعرف وجدي قاسم بن محمد ... وعروة ما ألقى بكم وسعيد

ويعلم مــا أخفي سليمان علمه ... وخارجة يبدي بنا ويعيـــــد

متى تسألي عما أقول تخبري ... فلله عندي طــــــارف وتليد

خاتمة القول أننا بحاجة إلى قانون يحمي للمرأة حقها دون أن يأتي بنياننا من القواعد، ولا أن يصادم دين الخالق الباري، وذلك ممكن لمن أراد، ومن أراد سوى ذلك فالشعب له بالمرصاد، وما أظن البرلمانيين يصادقون على مثل هذه النص إلا إذا نسوا الموت فما بعده.

 

الأستاذ: محمدن الرباني