لم يكن الوزير الأول في غفلة من أمره حين أكد أن عمل الحكومة خلال السنة
المنصرمة؛ أولى اهتماما كبيرا لتعزيز وصيانة وتطوير المكتسبات وما يتطلبه ذلك من سعي حثيث لاستكمال البرامج قيد الانجاز من أجل إتمامها؛ مبينا في ذات الوقت أن تقوية دعائم الدولة
وتحسين الحكامة الرشيدة والانتقال بالاقتصاد من حالة الكمون والخمول إلى النشاط والتنافسية وتنمية وتطوير الموارد البشرية وتمكين المواطن من الخدمات الأساسية وتسهيل النفاذ
إليها؛ كلها نقاط تشكل لب المحاور الاستراتيجية التي التزمت وتلتزم بها الحكومة بوصفها تضمن استمرار النهج التنموي الذي يُوصل إلى غد أفضل.
إن صراحة الرجل في الحديث عن المشاريع المُنجزة أو عن التي لم تكتمل أو
التي لمّا يُشرع فيها بعد بأسلوب فني واضح يُقيِّم الواقع بصدق ويستشرف
المستقبل بأمانة من خلال لغة الأرقام التي لا تقبل المجاز؛ جعل غير
الأصفياء للرجل في حيرة المتربص؛ وأوقعهم ذلك في جرم المفتري المتلبس؛
حين عابوا خطابه بما به يشكر وأنكروا عليه ما يُظهَّر ويذكر!؟؛
إن الذين عابوا على الرجل خطابه وحَمَلوه على غير محمله؛ يعيبون غيرهم
بما هو مدح ويمتدحون انفسهم بما هو ذم!
يعيبون على الخطاب التشابه أو التطابق مع خطاب -2016- أو ليس الذي ينبغي
ذكره أولا هو ماتم إنجازه في السنة المنصرمة كما ذُكِر في الخطاب ؟! ،
وهل العمل في -2017- إلا استمرار للعمل في -2016- نهج العمل متواصل
والمشاريع تنفذ بحساب السنوات غالبا لا الشهور؛ وهنا بالذات حسب منطق
هؤلاء علينا تجنب ذكر أي مشروع أنطلق في سنة وانقضت!!؛ ومعروف إجرائيا أن
أغلب المشاريع تتابع السنوات لإنجازه بل لدراسته والتخطيط له؛ كي يكلل
بالنجاح بعيدا عن الارتجالية؛
إن الشفافية والواقعية والتعقل والفاعلية كلها أمور تقتضي الحديث بجلاء
ووضوع عن المشاريع المنجزة والأخرى قيد الإنجاز وإطلاع الرأي العام على
تفاصيل كل ما يجري وتحديد ما وصلت إليه تلك المشاريع ولا يضر التكرار ولا
يُمَل؛
لا شك أن أزمة الخطابات السياسية التي يُخلط فيها -عمدا لخساسة الأساليب
السياسية غالبا- بين الواقعية والمجاز، بين الفني المدعوم بالأرقام
والنظري المغذى بالافتراض؛ أزمة سائدة عمّت بها البلوى.
ليس غريبا على هذه الجهات التي تقف خلف هذه الحملة التشويهية تفننها في
أساليب التلفيق و المتاجرة؛ فلقد سبق وأقيمت الدنيا ولم تقعد على قضية
المحاظر (الوتر الحساس عند كل موريتاني)، وتدركون كم وصل حجم المغالطات
وكيف تم التلاعب بمشاعر العامة وبسطاء الناس؛ الذين تحركهم مشاعرهم عن
طيب نية وبراءة تصرف؛ بعيدا عن خبث الطوية السياسية عند أغلب السياسيين
المبنية أصلا على النفعية والتربح وتعداد المكاسب وامتشاق الأسلحة
الميكافيلية في سبيل ذلك..
أين ما أشيع حول محاربة الدين وقتها من غلق للمحاظر والمعاهد والتضييق
على طلاب العلم والدعاة؟!؛ أو لم ينكشف غبار المتاجرة ويزول ستار اللبس
وتظهر الحقيقة التي تُثبت أن المحاظر بخير ولا يمكن لكائن من كان أن تسول
له نفسه المساس بها؛ لكنها المحاظر على طبيعتها وليست قنوات تحويل وتبييض
الأموال وتحريك وتغذية الأسواق بأسلوب التعتيم لحظة إطفاء المصابيح وقبض
الرهان تحت الطاولة؟!.
ألم يتضح أن المعاهد التي لا تتمتع بتراخيص هي التي استهدفت من أجل إجراء
فني روتيني ما كان ينبغي أن يسترخص في سبيله الدين وتتم المتاجرة به
ويستغفل بموجب ذلك المواطن البسيط!؟.. تم تجاوز الأزمة بعد استيفاء
الشروط اللازمة واتخاذ السبل القانونية؛
أي منكم لم تتحرك مشاعره عندما أشيع زيفا استهداف الدين وهدم دعائمه؟؟،
أين كل تلك المشاكل والافتعالات لقد أظهرت الأيام حقيقة الأمور وكشفت
أساليب التدليس والاستغفال..
أخشى ما أخشاه أن يكون قانون النوع المذكور؛ قد تم التعامل معه بنفس
الأسلوب وذات الطريقة مع تحفظي الشديد على بعض النقاط الواردة فيه، ورفضي
المطلق لكل ما يثبت أنه مخالف لنصوص الشريعة الإسلامية مهما كانت الدواعي
والأسباب؛
المهم أن اللعبة مكشوفة مهما قيل عن الخطاب وغيره؛ لكن الذي يدركه الجميع
وإن تظاهروا بالعكس أن العمل المترابط يتعدى الزمن لضرورة التواصل ولأن
الواصل من الرسائل السياسية في هذه القضية؛ يُثبت أن اللعبة معادة بنفس
الأسلوب وفي نفس التاريخ ومن ذات الجهة!؟.
عثمان جدو