خلال حرب حزيران 1967 قام أحمد بحري حدو ( والدي ) بفعل وصف بالإعجاز و ذلك بإسقاطه لطائرة إسرائيلية في ريف دمشق بسلاح ليس نوعي.
وأنقذ مئات الجنود السوريين المتواجدين في المعسكر، وبعد أن رأى الجميع ما فعله والدي حمل على الأكتاف و بدأ الجميع بالهتاف له و تنوع الهتاف حوراني شامي حمصي ساحلي… عراضة سورية كأنه عريس في ليلة عرسه .
وعندما وصل خبر إسقاط الطائرة للخبراء السوفييت سارعوا إلى المعسكر و التقوا مع والدي و سألوه عن تفاصيل ما جرى وسط تعابير الإعجاب و الاندهاش بما فعله والدي.
وجاء مراسل إذاعة دمشق و التقى مع بطل المعركة أحمد بحري حدو … وأستعد والدي نفسيا” للتكريم الأكبر ( وسام بطل الجمهورية – ترقية عسكرية – مكافأة مادية – منحة دراسية لأولاده )
ولكن فجأة تفطن العقل العنصري أن أحمد بحري حدو هو كردي .. فتم حذف اسم والدي من الموضوع وتم تسجيل الواقعة باسم أحد الضباط العرب لينال هو التكريم و الترقية و تقدم المنحة الدراسية لأولاده !! … و ربما الأخيرة هي أكثر ما آلم والدي ( كونه حرم من متابعة تعليمه في صغره رغم تفوقه لسببين: الأول أنه حرم من المنحة الدراسية الحكومية المقدمة للطلاب الأوائل و ذلك بشخطة قلم من الآغا ممثل الدولة وقتها كون الآغا و عائلته كانوا يبغضون عائلتنا لأن جدي ووالد جدي كانوا لا يهابون الآغا و لا ينفذون تعليماته بل كانوا يتحدونه ويهددونه، السبب الثاني عدم قدرة جدي على إرسال والدي إلى مدارس مدينة حلب و تحمل النفقات الباهظة ذاك الوقت . )
الظلم الذي تعرض له والدي الأول بحرمانه من متابعة التعليم رغم أنه نال الدرجة الأولى على عفرين واعزاز ، و الثاني بحرمانه من التكريم رغم أنه هو من أسقط الطائرة الإسرائيلية ولدت حالة من الألم و الحزن و لكنها لم تولد ردة فعل سلبية بل على العكس …
من ناحية التعليم : كان هم والدي و اهتمامه أن يرى أولاده متفوقين ، النتيجة ( مدرسة انكليزي و ثلاثة أطباء و مهندسة و …… ) .
من ناحية المبادئ : أنا شخصيا” كبرت على قصص الملا رمضان البوطي و الملا مصطفى البارزاني و مظلوم دوغان و الكمالين و ابو جهاد و أبو إياد و سناء المحيدلي …..
مناسبة ما تقدم أن والدي لم يتعامل مع الظلم الذي لحق به بردة فعل سلبية بل طبق قاعدة لا يجوز درء مفسدة بمفسدة…
أخوتي السوريين مهما كان نوع الظلم الذي تعرضتم له لا تضيعوا البوصلة، و لا تدعوا التاريخ يسجل أن سوريين فرحوا بقصف طائرات إسرائيلية للأراضي السورية؟!!
إن استطاعت إسرائيل أن تقصف دمشق.. لا تسمحوا لها أن تقصف ما بعد دمشق؟!
لا تسمحوا لها أن تقصف قيمنا و مبادئنا و ثقافتنا و موروثنا فهذا أخطر مافي القصة.