لا يبدو أن الغد القريب سيحمل لساكنة مال ما يثلج الصدور، رغم ما يميز المنطقة من تاريخ ضارب في العمق، وأصالة توارثتها الأجيال كابرا عن كابر.
خمس وخمسون عاما تمضي من تاريخ الدولة الموريتانية وساكنة هذه المنطقة تكتوي بنيران الظلم والغبن والتهميش، لم يشفع لها ما تحتضنه من مقومات طبيعية وكثافة سكانية وكادر بشري مميز.
لقد أردنا من خلال هذا المقال أن نكشف للرأي العام الوطني جزءا يسيرا من حجم الظلم الذي تعانيه المنطقة، فمركز مال يعتبرمن أقدم المراكز الإدارية الوطنية (تم إنشاءه سنة 1905م قبل الاستقلال بخمس وخمسون سنة ) وأكثرها مساحة، إذ تقدر مساحته بحوالي 16000 كلم مربع، أما من ناحية الكثافة السكانية فتعداد سكانه يقارن بعدد سكان المقاطعات لا المراكز، حيث يزيد علي 30000 ساكن (ثلاثين ألف ساكن)على اقل تقدير وتحده ولايتي العصابة شرقا وكوركول جنوبا بالإضافة إلى حدوده مع مقاطعتي بوكى وبابابى غربا، كما يحده شكار والاك شمالا. . ويتمتع بموارد طبيعية غنية، مراعي شاسعة و,بحيرة سياحية تكتظ بالطيور النادرة وثروة سمكية لا يستهان بها، بالإضافة إلي سد تبلغ مساحته 3000 هكتار صالحة للزراعة . الأمر الذي يجعله يلعب دورا أساسيا في توفير الأمن الغذائي، كما يحتضن مخزونا رعويا مهما يشكل مركز استقطاب لمئات الرعاة والمنمين .
وثقافيا يعتبر مركز مال الإداري رافدا مهما من روافد العلم والمعرفة لما يحويه من علماء ومحاظر يؤمها العديد من طالبي العلم والمعرفة.
إن كل ما ذكرناه سابقا لم يجد له موطئا للأسف الشديد في قلوب وعقول أصحاب الشأن في الرفع من مستوى تمثيل هذه المنطقة والانتقال بها من مركز إداري لم يعد قادرا على الاستجابة لمتطلبات وحاجيات الساكنة من تعليم وصحة وتوفير للأمن إلى مقاطعة. هي أقل ما يمكن أن يمنح للمنطقة من حقوق تتوفر فيها الإمكانات الصحية والمدارس ومشاريع اقتصادية مدرة للدخل .
إن مثل هذه الظروف لا شك أنها ستدفع بالفاعلين في المنطقة إلى مراجعة مواقفهم وربما تغيير ولائهم وقديما قيل ₺للصبر حدود₺.
والخلاصة أن تجاهل الدولة أحقية مال في المقاطعة سابقة لا يمكن تبريرها إلا بالتهميش المتعمد و الذي يشمل كذلك اطر وكوادر هذه المنطقة العريقة والمعطاء من الوطن وللأسف أن ولاؤها للحكومة الحالية والذي قد يكون موضع مراجعة في أي وقت كان نتيجة للاستياء المتزايد من موقف الدولة.
الطاهر ولد محمد احمد