في تركيا النظام الموازى رغم الأهمية الظاهرية لأدائه في ميدان التعليم داخليا وخارجيا، رغم ذلك كاد أن يفتك النظام الموازى بالتجربة التعددية ليحل محلها سلطة عسكرية موالية له، لا يدرى متى تنفك عن الشعب التركي وخياراته الديمقراطية التي سمحت بالتعايش السلمي والتنمية تدريجيا.
أما في موريتانيا فأفضل تسمية ايرا، الخطر الموازى وآلة النظام التي يستغلها وقت يشاء ويواجهها حين يقرر ذلك حسب الظرف والمصلحة الآنية، وليس وفق نظرة أخلاقية مبدئية منصفة حازمة.
من منا يستطيع رفض مكافحة ظاهرة الاستعباد وآثاره المتنوعة على منحى وبأسلوب موضوعي سليم وبعيدا عن التحريض والتحامل على جزء كبير من المجتمع.
في وقت سابق كانت الدولة رسميا قريبا من حركة ايرا، خصوصا منذ سنة 2008 وما قبل الخطر، وكان أفرادها يجرجرون الناس إلى المحاكم، بتهم استعباد أحيانا محكمة الفبركة، ثم هيأ النظام وساعد في ترتيب وقبول ترشح بيرام للرئاسة، كما كانت من قبل التلفزة الرسمية حاضرة بشكل مريب لحادثة حرق بعض الكتب الإسلامية، والتي تعتبر في نظر الكثيرين من أخطر ما أقدم عليه بيرام وصحبه، إلى جانب التحريض على من يسميه بيرام البيظان ومن يتهم بالاستعباد والظلم.
وسيظل التحريض والتحامل على جزء واسع من المجتمع البيظاني الموريتاني من أخطر ما أدمنت عليه ايرا من خطابات تفريقية صدامية، ربما أدت لجرائم واسعة متنوعة، استسهلها بعض أنصار الخطاب الايراوي الفتاك، الذي يصر البعض على أنه أفرز قدرا مدمرا مؤذيا متواترا من الكراهية المتصاعدة، وسيبقى كذلك ما لم ترسم خطة دعوية وإعلامية وقضائية للمواجهة الجذرية ضد ايرا وخطاب زعيمها التحريضي.
إن لحمة المسلمين ومحبتهم وتآلفهم خط أحمر، والوحدة الوطنية خيار مقدس، ومن أراد أن يبحث عن الرزق الحلال أو المشاركة في صنوف الحياة العامة فله ذلك، لكن دون اعتداء أو أذى على كورى أو بيظاني أسمر أو أبيض، أما ما سوى ذلك من ركوب أوضاع المجتمع السابقة أو اللاحقة ودفع للتباغض والصدام والحرب الأهلية ولو تدريجيا، فذلك أمر جلل عظيم يستحق النظر المتبصر الجاد قبل فوات الأوان.
ومن وجه آخر لا نستغرب الدور البين لللوبي الصهيوني الدولي في نشاطات ايرا ودعمها وتكريماتها المغرضة المتكررة، كردة فعل على قطع العلاقات مع اسرائيل وضمن اعتبارات أخرى، ساعية لتفخيخ وتفجير كل كيان مسلم.
وفي المحصلة لمن أراد تجاهل الدور السلبي أو الايجابي لايرا فليتذكر ما أقرت ماكينة النظام الانتخابية أن مرشحها أحرزه في الاقتراع الرئاسي الأخير، سبعة في المائة.
إن هذا المؤشر العددي يستحق اليقظة الكاملة، إن كان مستوى انتشار الفتنة مازال يسمح بحجز المخدوعين عن المدبرين المصرين.
ولله الأمر من قبل ومن بعد.
عبد الفتاح ولد اعبيدن