ماذا بعد فضيحة اللوبي الإسرائيلي في لندن؟ أين هذا اللوبي في عالمنا؟ | صحيفة السفير

ماذا بعد فضيحة اللوبي الإسرائيلي في لندن؟ أين هذا اللوبي في عالمنا؟

خميس, 19/01/2017 - 13:20

بعد الفضيحة الرنانة و الهامة  لتدخلات  اللوبي الاسرائيلي في  السياسة البريطانية و التي و ضحت دور التمويل الإسرائيلي  المباشر لمجموعات بريطانية،  كان اللوبي الاسرائيلي قد قام أصلا بتأسيسها و تشجيعها  للدفاع عن السياسة الاسرائيلية في البرلمان البريطا ني، المطلوب الآن من الإعلام العربي و المثقفين الثوريين القيام بنفس عملية البحث  عن أعمال و تمويل اللوبي الإسرائيلي لمجموعات تعمل في العالم العربي و الفلسطيني والتي نشطت بشكل خاص منذ بدايات التسعينيات لإدخال السياسة الفلسطينية في فخ أوسلو و كل ما تلاه من شروخ و انقسامات و موت و مصائب.
السؤال  الأساسي هو: من سيكون له القدرة و الشجاعة بالقيام بعملية البحث عن  ملايين الدولارات التي ضخها اللوبي الإسرائيلي لصالح منظمات غير حكومية او شبه حكومية (عربية و فلسطينية )للتوصل إلى اتفاقيات  أوسلو و الاستمرار بالسياسات التي تدعم و تدافع عن السياسة الصهيونية  و تمكن عجرفة  الاحتلال  الإسرائيلي على كل الأصعدة.
ان قصة الفضيحة في لندن تشبه كثيرا سلسلة من الفضائح حدثت في ساحات صنع القرار، خاصة  قبل وخلال و بعد إبرام إتفاقيات اوسلو. مثلا يشير التحقيق الذي بثته قناة الجزيرة (و يجب أن تشكر على ذلك) إلى عاملة في اللوبي الإسرائيلي تقول علنا كيف كانت تقوم  بتحضير الأوراق و الكلمات و المواقف المطلوبة من أعضاء البرلمان البريطاني، للدفاع عن إسرائيل  مشيرة كمثال لذلك الحجج التي استخدمها بعض أعضاء البرلمان لدعم الحرب  الإجرامية التي شنتها إسرائيل على غزة عام 2014 قائلة   إنهم  كانوا يحضرون  نصوص المداخلات لبعض السياسيين البريطانيين، لكي لا يتحجج هؤلاء بأن ليس لديهم الوقت لتحضير ما يجب أن يقال للدفاع عن الهجوم الإسرائيلي على غزة ، هذا بالإضافة طبعا إلى المبالغ التي كانت تصرف لهم مقابل مواقفهم السياسية.
فالمحاسبة التاريخية الحقيقية في ساحات صنع القرار  تتطلب اذا التحقيق مرة أخرى، بعيدا عن الإشاعات و الألغاز،  والكشف  عن الطرف الحقيقي الذي صاغ و حضر اتفاقيات  أوسلو ؟؟؟ و كيف كانت تتم بين ليلة و ضحاها  عملية تغيير اللهجة السياسية ’الثورية’  وإدخال مصطلحات جديدة عليها يتم نقلها بصورة سريعة على الألسن؟؟ و كيف كانت تتم عمليات الإقصاء و التهميش السياسي المبرمج لكل من لم يدخل مباشرة في اللعبة السياسية المرسومة  من قبل بعض الجماعات التي أرادت أن تأكل الأخضر و اليابس ؟؟ فمن الذي كان يلعب نفس الدور الذي تلعبه المجموعات المؤيدة لإسرائيل في الأحزاب البريطانية و مقابل أي ثمن ؟؟؟ بيوت فاخرة؟ مزارع؟؟ مصانع؟؟ سيارات تفيق تكلفتها ثمن شقة فاخرة؟؟
طبعا كمية المال كانت تختلف حسب أهمية الدور. و ليس ذلك فقط بل كان هناك تنافسا واضحا  بين بعض المجموعات السرية حول من سيحظى بمال او وظيفة أهم من الصفقة، لأنه كما يبدو، كانت هناك لوبيهات إسرائيلية مختلفة تتنافس أيضا  على ولاءات مختلفة :لوبي بيريس أم  لوبي رابين أم لوبي بيلين؟؟ فهل كان الثمن، مقابل الولاءات المختلفة، وزارة أم سفارة أم شركة مقاولات أم رئاسة لإحدى الجمعيات غير الحكومية التي قبضت ملايين،  أكان ذلك عبر البنك الدولي أوعبر المؤسسات الأمريكية  المختلفة أو جهات إسرائيلية سرية؟ و كم من مسؤول زج و عين بالخفاء ، زوجة أو ابن أو أخ ، لترأس جمعيات الملايين بينما بقي وضع اللاجئين و الفقراء و المناضلين البسطاء المخدوعين على حاله؟؟
المضحك المبكي في ساحاتنا إن الذين استفادوا من كل هذه الصفقات قادرين حتى يومنا هذا من ركوب كل الموجات  دون محاسبة، وبسبب الصراعات و المنافسات بينهم  قادرين، وبكل وقاحة، بعد أن حصلوا على كل ما يريدونه من شهرة و مال، من لعب دور المعارضين للمأساة، و كأنهم لم يكونوا سببا لها  بالأساس.
البعض منهم  يتنصل مدعيا انه كان مخدوعا و الآخر يتهم الشريك  الإسرائيلي بعدم الوفاء بوعده بالحب المشترك، رغم عمليات بناء الثقة و العشق المكلفة، و التنازلات التي أعطيت لهم من قبل الضحية ، و بعضهم يتغابى مدعيا إنه انصاع غصب عنه في اللعبة أو انه لم يكن له دورا حقيقيا في العملية كلها …رغم الإمتيازات العديدة.
فإن كان من الصعب إنصاف البعض منهم، لأن الشهرة و المناصب و المال أغرتهم على حساب مصالح الأغلبية من الشعب، فهل يمكن إنصاف البعض الآخر بحجة الغباء؟ أو بحجة فقدان الوعي؟؟؟

 

د.نهى خلف/ كاتبة فلسطينية