دعت كتلة الإنصاف الوطني التي تقدم نفسها بأنها «تيار وطني تنصهر فيه جهود الشخصيات المرجعية الموريتانية»، أمس «جميع المحامين الوطنيين والحقوقيين وجميع المهتمين بالشأن الوطني العام، للاتصال بها من أجل المساهمة في التحضير لملف قضائي في ظرف عشرة أيام، لملاحقة المستعمر الفرنسي أمام القضاء».
وأكدت كتلة «إنصاف» في بيانها «أنها ستلاحق المستعمر الفرنسي قضائيا حتى ينصف الشعب الموريتاني ويعوضه ويعتذر له عن حقبته البغيضة التي عانى منها الوطن زهاء قرن من الزمن انتهكت فيه الحقوق ومارس المستعمر ضد المواطنين أنواع الظلم، قتلا وتشريدا، وتعذيبا، ودوسا للكرامة، ونهبا للثروات، وتغييبا للهوية، بشهادة المستعمرين أنفسهم».
«إن كتلة الإنصاف الوطني، يضيف البيان، إذ تدين وتندد بشدة بما ارتكبه المستعمر الفرنسي من إرهاب بغيض وانتهاك صارخ وسافر لحقوق الإنسان في موريتانيا على مدى الحقبة الاستعمارية، لتعلن استغرابها للهجمة الشرسة التي تقودها من حين لآخر بعض المنظمات والهيئات الحقوقية المدفوعة من طرف جهات فرنسية هدفها الإساءة إلى موريتانيا وتشويه صورتها والتعمية على ممارستها السيئة ضد البلد وضد الشعب».
وأكدت «إنصاف» في حملتها الإعلامية على المستعمر الفرنسي «أن العلاقة بين فرنسا ومستعمراتها في افريقيا ظلت على مر التاريخ علاقة احتقار مبنية على تكريس الاستعمار وتوسيع دائرته حتى في مرحلة ما بعد الاستقلال والتوجه المفترض للدول الوطنية، رغم اعتماد فرنسا فوارق تقوم على أساس مبدأ قبول التبعية وفهمها لمدى قابلية بعض البلدان للبقاء داخل الحظيرة الفرنسية». وأوضحت «إنصاف»، أن «موريتانيا كانت على رأس البلدان الرافضة للبقاء تحت المظلة الفرنسية وذلك ما أكده اتجاهها نحو فرض استقلالها وسيادتها مع مطلع السبعينيات من القرن الماضي من خلال قرارين وطنيين بارزين ومفصليين في تحديد العلاقة مع المستعمر هما إنشاء عملة وطنية سنة 1973، وتأميم شركة «ميفرما» 1974، بفضل حراك وطني ضاغط باتجاه التحرر قادته بعض الهيئات والتجمعات السياسية المحلية من حركات قومية ووطنية».
وزادت الكتلة في انتقاداتها لفرنسا «لا تزال فرنسا تنظر إلى مستعمراتها القديمة في القارة الافريقية بشيء من الفوقية والاستعلاء، فهي تنظر من خلف ستار يحجب عنها حقيقة التطور الحاصل في الفكر الافريقي عموما، وطموح بلدان القارة إلى تجاوز كذبة التفوق الاستعماري، بل لا تزال ترى أن كل الدول الافريقية تشكل أذرعا للجسم الفرنسي الذي يسند ظهره متكأ على خلفية استعمارية تضمن استمرار تلك الأذرع لخدمة ذلك الجسد المترهل».
«إن ما يتوجب على فرنسا معرفته اليوم، تضيف الكتلة، هو أن هناك شعوبا مستقلة ذات كرامة وسيادة لا يمكن النظر إليها من باب التبعية، وعلى فرنسا أن تعيد النظر مليا في تلك العلاقة وأن تسعى إلى تأسيسها على مبادئ التعاون والاحترام المتبادل».
وفي مقال تحت عنوان «التعويض والاعتذار عن جريمة الاحتلال: الآن…وليس غدا»، تحدث الشيخ أحمد ولد حافظ الداعم للكتلة عن «مخاطر استمرار الآثار المترتبة عن الاحتلال إلى اليوم على المستوى البشري والتنموي، بواسطة عوامل منها الألغام والإلحاق الثقافي والتبعية الاقتصادية والاغتراب الحضاري». وقال «كل هذا يجعل القضية مركبة وذات أبعاد حقوقية وثقافية وحضارية واقتصادية وإعلامية وسياسية ولذلك فإن هذا الأمر يستوجب جهدا يتجاوز قدرات فرد أو حزب أو قطر بمفرده بل يستوجب جهدا جماعيا تتولى أعباءه هيئة مستقلة تتفرع عنها لجان عمل متخصصة في مختلف المجالات».
وتؤكد كتلة «إنصاف» التي لم تظهر تشكلة قيادتها، في تعريف لها منشور على موقعها «أن تأسيسها جاء متوجا لعمل دام على مدى سنة كاملة من التشاور واللقاء جمع ما يزيد على أربعين شخصية وطنية من مرجعيات مختلفة ومشارب عدة..
وأوضحت «أن هدفها هو المساهمة في خلق خطاب وطني يؤسس لمرحلة جديدة من التعاطي مع القضايا الوطنية الكبرى وتبني تلك القضايا والدفاع عنها بما يضمن مصالح موريتانيا ويصون سيادتها ويعزز من استقلالها».
وشددت الكتلة على «الطابع الوطني الشمولي لخطابها والذي يفسح المجال أمام الجميع بصرف النظر عن المواقف والانتماءات الســـــياسية لأي جهة بــاعتبار أن ما تقوم بـــه كتلة «إنصاف»، عمل وطني شامل وجامع يبتعد كل البعد عن التجاذبات الــــسياسية المحلية ويؤسس لخطاب وطني شامل». ومع أن طابع الحياد هو الذي تظهره هذه الكتلة فإن متابعين للشأن المحلي الموريتاني لا يستبعدون أن يكون للسلطة دور في تشكيل هذه الكتلة ضمن أجواء التوتر الملحوظ منذ فترة في العلاقات الموريتانية الفرنسية.
«القدس العربي»