رحلت تماما كما عشت: هادئا كما الحمام، متواضعا كما السنابل الزاخرة بالقمح بسيطا كعشاء الفقراء، مخلصا في صداقتك، عظيم الهمة نظيف القلب واليد واللسان! فكيف دب جسمك دبيب الفناء وانت بعد في عنفوان الرجولة؟! كيف انطلقت الى الرفيق الاعلى ونحن رفاقك ما زلنا نتوق للقياك وللحديث اليك؟!
كنت ايها الصديق كبيرا في عطائك دقيقا في تعاملك مع الآخرين، متسامحا كريما مع المسيئين اليك، عطوفا حنونا على الصغار مسايرا وملاطفا مع الكبار فأحبك الجميع وبادلتهم حبا بحب. ولم تتوان يوما عن القيام بمسؤولياتك الجسام، ولم تفرّط بصداقة صديق! كنت تؤمن ان البراءة في كل تعامل مع الآخرين سوف تكسبك صداقتهم وهذا ما كان.
لقد احببناك لانك كنت تستحق محبتنا وزرناك لانك كنت لطيف المعشر دمث الاخلاق، لين العريكة، تتفانى في مصلحة الآخرين، تضحي للكبير والصغير بغير منّة!!
كنت ايها الصديق قريبا من قلوبنا جميعا.
اتذكر عندما كنا صغارا؟ كيف درجنا معا في مدارج الصبا؟! كيف كانت تجمعنا المحبة والاحاديث الشائقة في كل لقاء؟!
كيف تنازلت عن كل ذلك وانفردت في مسيرتك عنا وغادرتنا الى غير رجعة؟
كثيرة ايها الراحل الكبير هي الذكريات ومؤثرة جدا الى حد الدموع،
الموت ايها الراحل الكريم حق علينا جميعا! والبكاء يا اخي لا يليق بالرجال! ولكن الانسان مخلوق من طينة الضعف، حتى النبي العربي الكريم صلوات الله وسلامه عليه بكى عندما حمل ابنه القاسم في طريقه الى دفنه! ولما استغرب ذلك منه سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه! فماذا كان جوابه؟! لقد قال مقولته الشهيرة: انه ولدي يا عمر!!!
فهل بعد هذه المشاعر الجياشة من حرج، اذا نزلت دمعتنا لفقدانك، سنفتقدك ايها العزيز دائما! سنفتقدك في أعيادنا سنستعيد ذكراك لدى أفراحنا!!
نم قرير العين لانك خالد فيما عملت وقدمت وضحيت!
رحمك الله رحمة واسعة وألهمنا الصبر والسلوان والى جنات الخلود حيث نعيم الآخرة، لانك اهل لهذا النعيم! أسفي عليك!
سيدي ولد النمين