باتت ميركل تشعر بالخطر المحدق بها. بعد فوز السياسي الأكثر شعبية في ألمانيا بمنصب الرئيس
إنتخب وزير الخارجية السابق فرانك-فالتر شتاينماير الذي تعتبره الصحافة معارضا للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، رئيسا للبلاد الأحد واعدا بالدفاع عن الديمقراطية في مواجهة "الشعبوية".
ويعتبر منصب الرئيس فخريا في ألمانيا لكنه يتمتع بسلطة معنوية. أما المستشار والبرلمان فهما اللذان يتوليان السلطة.
وقال شتاينماير بعيد انتخابه "تاريخ هذه الجمهورية الالمانية المنبثقة من انقاض الرايخ الثالث هي في الواقع افضل حجة ضد الشعبوية وكل الذين يعتقدون أن الاجوبة يجب أن تكون أبسط لأن العالم أصبح أكثر تعقيدا".
ولم يشر في خطابه الأول مباشرة الى الوضع في الولايات المتحدة، لكنه دعا الى "الدفاع" عن "الديمقراطية والحرية" قائلا "عندما تهتز أسس (الديمقراطية) ينبغي دعمها أكثر من أي وقت".
وانتخب شتاينماير (61 عاما) خلال جمعية تضم 1260 من كبار الناخبين ونواب ينتمي معظمهم الى مجلسي البرلمان، النواب والمقاطعات والمناطق الألمانية، ومندوبين عن المجتمع المدني.
ويأمل حزبه الاشتراكي الديمقراطي بأن يعزز فوزه فرص مرشح الحزب مارتن شولتز، الرئيس السابق للبرلمان الأوروبي، في مساعيه لتحدي المستشارة انغيلا ميركل على منصب المستشار الألماني - الذي يرأس السلطة التنفيذية والموازي لمنصب رئيس وزراء.
وحصل شتاينماير على 931 صوتا من أصل 1239 بعدما وافق الديمقراطيون المسيحيون بزعامة ميركل على دعم شتاينماير.
وشتاينماير الذي كان وزيرا للخارجية لأكثر من سبع سنوات بالاجمال (2005-2009 و2013-2017) حتى نهاية الشهر الماضي، والمنافس السيء الحظ لميركل في المستشارية في انتخابات 2009، يخلف الرئيس يواكيم غاوك القس السابق المنشق في ألمانيا الديمقراطية.
ترامب "مبشر بالكراهية"
تميّز شتاينماير المعروف بصراحته في وزارة الخارجية، بانتقاداته التي وجهها العام الماضي الى ترامب. وخلال الحملة الانتخابية الأمريكية، وصفه بأنه "مبشر بالكراهية".
وقال هذا الاسبوع في ميونيخ "اريد بصفتي رئيسا أن أكون الثقل الموازي للاتجاه بلا حدود الى تبسيط الامور"، مؤكدا أن ذلك هو "أفضل علاج للشعبويين".
وأوجزت صحيفة "برلينر مورغنبوست" اليومية الوضع بالقول ان "شتاينماير يريد ان يكون رئيسا معارضا لترامب"، فيما زاد الرئيس الأمريكي من الانتقادات الموجهة الى ألمانيا.
وبعد أن يستقر في مقر الرئاسة في قصر بيلفو في برلين، سيكون على شتاينماير تخفيف حدة لهجته.
لكن القضايا التي تثير قلق المانيا حيال ادارة ترامب كثيرة، بدءا بالرغبة في تقارب مع موسكو وانتقادات الرئيس الاميركي لحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي أو القوة التي تشكلها ألمانيا من حيث التصدير.
ويتمتع شتاينماير المقرب من المستشار السابق غيرهارد شرودر، بتقدير كبير في أوروبا الغربية، لكن بدرجة اقل في أوروبا الشرقية حيث اثارت مواقفه التي اعتبرت أحيانا مؤيدة لموسكو، القلق والهواجس.
وقد انتقد العام الماضي تعزيز الحلف الأطلسي على الحدود مع روسيا عندما تحدث عن "قرع طبول الحرب" الذي لا طائل منه.
وهنأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شتاينماير مؤكدا أن تعيينه "سيساهم في تطوير العلاقات الروسية- الألمانية". من جهته قال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت انه واثق بـ"أنه سيساهم في وحدة الاتحاد الأوروبي".
أما بخصوص موقفه من اسرائيل فقد سبق وأعلن شتاينماير إنه لطالما كان مؤيدا لاسرائيل وأنه معارض للاسامية، ويناضل لأجل القضاء عليها. ويعتبر من المؤيدين لاسرائيل في ألمانيا.
ميركل في خطر
على الصعيد الداخلي، يشكل انتخاب شتاينماير مؤشرا جديدا الى الضعف السياسي لانغيلا ميركل قبل أقل من سبعة أشهر من الانتخابات النيابية، في مواجهة حلفائها في الحكم - الاشتراكيين الديمقراطيين، هذه المرة.
وقال مايكل برونينغ، الخبير السياسي في "مؤسسة فريدريش ايبرت" المقربة من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، إن "انتخاب شتاينماير من وجهة نظر الاشتراكيين الديمقراطيين هو مقدمة لشيء أهم بكثير: الفوز في انتخابات أيلول/ سبتمبر ضد ميركل" ما كان يبدو مستحيلا حتى قبل فترة قريبة.
وقد اضطرت المستشارة المحافظة الى الموافقة في نهاية الهام الماضي على دعم منافسها السابق، لأنها لم تتمكن من الإتيان بمرشح من فريقها يتمتع بما يكفي من القوة والتوافق عليه. وشكل ذلك اهانة سياسية لها.
وفيما بدا لفترة طويلة أن اخراجها من المستشارية متعذر، باتت ميركل تشعر بالخطر المحدق بها.
فبالنسبة الى اليمين، يتعين عليها أن تأخذ في الحسبان منافسة حركة "البديل من أجل المانيا" التي تستقطب 10 الى 12 بالمئة من الاصوات، وأن تراعي التذمر لدى فريقها السياسي، الناجم عن قرارها في 2015 فتح أبواب البلاد لاستقبال مئات آلاف اللاجئين.
ومن جهة اليسار، حيث استقطبت ميركل حتى الآن كثيرا من الدعم بسبب سياستها الوسطية، يسجل الاشتراكيون الديمقراطيون تناميا ملحوظا في نوايا التصويت منذ اختاروا رئيسا عالي النبرة، هو الرئيس السابق للبرلمان الأوروبي مارتن شولتز.
هل هي نار في الهشيم؟ في أي حال، سجل الحزب الاشتراكي الديمقراطي خلال اسبوعين عشر نقاط في استطلاعات الرأي، وبات يجد نفسه جنبا الى جنب مع حزب المستشارة.
ويمنح استطلاع للرأي اعدته مؤسسة "اميند" ونشرته الاحد صحيفة "بيلد" الحزب الاشتراكي الديموقراطي 32% في مقابل 33% لحزب المستشارة الذي يبدي مزيدا من مؤشرات التوتر.
وتساءلت الصحيفة "هل هذه بداية نهاية عصر ميركل؟"، فيما تحدثت مجلة "در شبيغل" الاسبوعية عن "افول ميركل" على غلافها، وطرحت سؤالا بات على كل الشفاه "هل ستسقط؟".