نحو 25 عامًا في السجن لم تغيّر من شخصية يحيى السنوار الذي يهابه الكثيرون في حماس، حتى أصبح طليقًا في غزة بعد صفقة "شاليط"، ليجد نفسه داخل أجواء جديدة في حركته التي كانت صغيرة قبل اعتقاله، وأصبحت جماهيرية، ولها امتدادات طويلة مع خروجه من سجنه.
فوجئ الكثيرون بعد أشهر معدودة من خروجه بنفوذه السريع داخل مؤسسات حماس، حتى في مكتبها السياسي ومجلسها العسكري الأكبر، بجانب محمد الضيف وأحمد الجعبري قبل اغتياله ومروان عيسى وغيرهم.
توضح مصادر من حماس، أن السنوار فرض نفسه على قيادة الحركة بقوته التي كانت معروفة عنه قبل اعتقاله، وحتى داخل السجون، حين كان يفرض رأيه في الكثير من القضايا على قيادة حماس داخل المعتقلات، ويصف البعض بـ "المتشدد".
وتقول المصادر أيضا إن محمد السنوار، شقيق يحيى، والذي يعد من أبرز قادة القسام في قطاع غزة، وأحد المسؤولين المباشرين عن أسر الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط، واحتجازه حتى الإفراج عنه، كان له دور كبير في الحفاظ على صورة شقيقه القيادية المهمة التي لا يمكن تجاوزها حتى حين كان داخل السجن، وبعد خروجه، وفرض على قيادة حماس وضع اسمه في مقدمة الأسرى المحررين والإصرار على الإفراج عنه.
بات السنوار شخصية يهابه الجميع في حماس، وهذا أصبح واضحاً للعيان حيث أن السنوار تولى مسئولية ملف الأسرى الإسرائيليين لدى حماس، كما أنه عين حلقة الوصل بين الجناحين السياسي والعسكري، ومن هنا زادت سطوته وقوته داخل حماس، حتى بات من أكثر أصحاب القرار وبات مؤثرا في قرارات الحركة حتى على قيادتها بالخارج.
ووصفت مصادر بأن السنوار بأنه من أكثر الشخصيات صلابة في المواقف وأكثرهم تعاملا مع كل القضايا بمنظور أمني، حتى بات في حماس يطلق عليه بأنه "مهووس" أمنيا، وهو على خلاف كبير مع قيادات كبيرة بحماس، من بينها محمود الزهار وغيره، حول العديد من قراراته خاصة على المستوى العسكري وإحداث تغييرات في صفوف القيادات العسكرية لحماس.
الأسير المحرر يحيى السنوار، أعلنت الولايات المتحدة في سبتمبر/ أيلول الماضي عن إدراجه على قائمتها "السوداء للإرهابيين الدوليين" إلى جانب الأسير المحرر روحي مشتهى والقائد العام لكتائب القسام محمد الضيف.
اعتقل يحيى السنوار أول مرة عام 1982 لمدة 4 شهور اداري، وخرج ليعتقل بعد ذلك بأسابيع قليلة ويحكم ستة أشهر إداري في سجن الفارعة لمشاركته في النشاط الاسلامي وبناء الجامعة الإسلامية.، وبعد عدة أشهر من الاعتقال وأقبية التحقيق، التقى يحيى بالشهيد القائد صلاح شحادة، وكان التصميم على مواصلة المقاومة، والعمل فصدرت التوجيهات باستكمال ومواصلة العمل الجهادي، وجاء اختطاف الجنديين الاسرائيليين "افي سبورتس وايلان سعدون" تتويجا لهذا التخطيط والتوجيه، ليشكل صعقة للاسرائيليين، وبداية المقاومة، وعقب ذلك ضربة 1989 الشهيرة لقادة وأنصار ومؤيدي حماس حيث انكشفت الخيوط وقد أصيب ضباط ومحققوا الاحتلال والجنود من هذا الأسير الذي لم تنجح معه كل هذه الوحشية والعزل والعذاب والتهديد.
اعتقلت قوات الاحتلال الاسرائيلي يحيى اعتقالا إدارياً في 20-1-1988، ثم انتقل لتحقيق وحكم عليه بالسجن أربع مرات مدى الحياة (ثلاثين عاماً).
نقل في فترة اعتقاله عشرات المرات بين السجون، وقضى غالبيه فترة الاعتقال في العزل الانفرادي. وفي عام 1989 تمت محاكمة يحيى السنوار ويومها أغلق المحتلون طرقات غزة وانتشروا في كل مكان ونقلوا يحيى في ظل إجراءات أمنية مشددة خوفا من أن يتمكن من الإفلات من بين أيديهم، وكانت محاكمته التي عبر فيها عن اعتزازه بجهاده من أجل دينه ووطنه.
يقول شقيقه حامد (42 عاما) الذي حضر المحكمة مع والدته فقط، أن يحيى وقف باعتزاز وصمود عجيب، وقال للقضاة بعد أن سألوه، هل أنت نادم أو تطلب الرحمة، قال اطلب أن تحكموا بإعدامي، ليكون دمي أول دم يراق وليكون شعلة للمقاومين وحكم المجاهد السنوار 426 عاما.
ولد يحيى إبراهيم حسن السنوار عام 1962، في مخيم خان يونس، وتعود جذوره الأصلية إلى مجدل عسقلان المحتلة عام 1948م ، فاتخذ أهله من مخيم خان يونس مسكناً لهم. تنقل يحيى في مدارس المخيم -خان يونس- حتى أنهى دراسته الثانوية في مدرسة خان يونس الثانوية للبنين، ليلتحق بعد ذلك لإكمال تعليمه الجامعي في الجامعة الإسلامية بغزة، ليحصل على درجة البكالوريوس في اللغة العربية، حيث عمل في مجلس الطلاب خمس سنوات، فكان أميناً للجنة الفنية، واللجنة الرياضية، ونائبًا للرئيس، ثم رئيساً للمجلس ثم نائبا للرئيس مرة أخرى.