"عودة المبعدين".. سبيل حل أم بداية تحد؟ (الحلقة الثالثة) | صحيفة السفير

"عودة المبعدين".. سبيل حل أم بداية تحد؟ (الحلقة الثالثة)

ثلاثاء, 14/02/2017 - 13:14

احتضن فندق "الخاطر" بالعاصمة ندوة فكرية وسياسية تحت شعار "عودة المبعدين.. سبيل حل أم بداية تحد" شارك فيها ممثلون عن مختلف الفعاليات الفكرية والسياسية، وهيئات المجتمع المدني، في موريتانيا..

وتناول المحور الثاني موضوع "دمج العائدين ورهانات المستقبل" من خلال عرض للدكتور محمد ولد مولود رئيس حزب اتحاد قوى التقدم الذي عقب على محاضرته كل من المدير ولد بونا، الأمين العام المساعد للحزب الجمهوري للديمقراطية والتجديد، والدكتور الصوفي ولد الشيباني، أستاذ جامعي.

3. المبعدون من السنغال.. الوجه الآخر للمعاناة

النائب محمد المختار ولد الزامل

في البداية أشكر بدوري يومية "السفير" على تنظيم هذه الندوة، وقبل أن أتحدث في صلب الموضوع أسجل ملاحظتين هما:

-أود أن يفهم من خطاب الرئيس وجود أسلوب جديد من طرف المسؤول الأول في البلد لتسوية القضايا الكبرى؛ والذي قام بطرحه في الساحة ليكون موضوعا للحوار والرأي المتعدد.

-ثانيا: ضرورة فتح حوار اليوم في إطار الأجواء التي نعيشها مع تجاوز الآراء التي قد لا يحبذها طرف من الأطراف.

بخصوص الموضوع سمعت وقرأت لمجموعة من المفكرين والسياسيين، والكل يعطي تفسيرا من وجهة نظره وطبقا للزاوية التي يرى هو منها الموضوع.

وقد كنت بالفعل سفيرا في السنغال أيام الأحداث؛ وأقول بالدليل القطعي إن الحكومة السنغالية هي المسؤولة عن خلق تلك الأحداث من البداية حتى النهاية؛ وإليكم أمثلة على سبيل التخصيص لا الحصر:

بداية نوفمبر طلبت الحكومة السنغالية من الدولة الموريتانية تسفير قطعان المواشي الموريتانية، وقد وافقت موريتانيا على هذا الطلب وقامت بإيصال فرق من البيطرة ومنظمة المنمين للإشراف على العملية. وفي يوم الاثنين 28 نوفمبر 1983 شنت حملة على مواشي الموريتانيين بالرسوم الكاريكاتيرية في الجرائد السنغالية والإعلام بصفة عامة.

وقد تمت إبادة شبه شاملة لهذه المواشي التي لم يعد منها إلا الجزء اليسير إلى الأراضي الموريتانية. وحدث في يوم له دلالته الخاصة لدى الشعب والدولة؛

هذا بالإضافة إلى اللافتات المنتشرة في كل مكان التي تصف موريتانيا بأنها بلد عنصري.. وهو ما يشهد عليه بعض المسفرين أنفسهم.

وقد سعت إلى خلق حملات منظمة لشحن الأجواء بدفع الشعب السنغالي إلى المواجهة.

وفي 01 يناير 1989 أغلقت الدولة السنغالية الباب أمام ثلاثة أنواع من الصادرات الموريتانية نحوها هي:

المياه المعدنية
السمك
المعجونات الغذائية.

ولم أستطع الحصول من أي مسؤول سنغالي على الأسباب التي أدت إلى هذا التصرف من قبل الحكومة السنغالية.

وقد فوجئت بوزير التجارة السنغالي يتحدث إلى إذاعة فرنسا الدولية في الغابون عن وجود مشكلات بين البلدين؛ وهو ما نفاه سابقا.

ثم تدشين حملة عدوانية على أصحاب الحوانيت؛ والتي من المعروف مكانتها والدور الذي تعلبه في السوق السنغالية.. بتحوير الموضوع إعلاميا بحيث أصبحت هذه الحوانيت أداة لامتصاص الاقتصاد السنغالي، وكان يرأس هذا الطرح مدير الجمارك مصطفى تال؛ مع القيام بمقارنة خاطئة بين الصادرات السنغالية والصادرات الموريتانية في تزايد.. في مقال لنفس المدير.

وخلال أسبوع واحد تعرض شخصان من أصحاب الحوانيت للضرب على الرأس وتم نقلهما إلى المستشفى الرئيسي حيث توفيا فيما بعد في يوم واحد؛ وهو ما احتسبته السلطات السنغالية أمرا بسيطا. في المقابل سرق طفل سنغالي على صاحب حانوت موريتاني فأصبح التاجر الموريتاني هو الظالم؛ وعندما تدخل أحد الدبلوماسيين كتب في الإعلام من طرف جان كولا صاحب السيادة في البلد أن الدبلوماسي مهدد بالطرد إذا عاود التصرف.

وفي العديد من المناسبات تم إشعار الجالية من طرف ممثليها بضرورة الخروج من السنغال قبل سلميا النزوح منه تحت الضغط والتهديد لعدم وجود أي تصور وقوع أي إشكال.

في البداية تم نهب الموريتانيين في "باكال" وكنا نظن أن القضية ستنتهي، إلى أن بدأت عصابات من الصبية والمراهقين والشباب تنهب تحت التهديد.. والمستهدف هو الحوانيت الموريتانية فقط؛ وقامت السلطات بعد ذلك بتنظيم رحلات منتظمة إلى مناطق خارج العاصمة داكار لهذه العصابات تحت إشراف جان كولاه، وعند الاتصال بعبدو جوف يقوم باللازم والدولة السنغالية في حالة احتقان.

الوضعية السياسية: انتخابات مطعون في صحتها، والمدارس والجامعات مغلقة، والشباب عاطل عن العمل.. كان لابد للنظام السنغالي من فتح جهة خارجية، فكانت موريتانيا الدولة الأفضل لتصدير الأزمة الداخلية.

مع وجود أزمة سيولة في الخزينة السنغالية التي تحتاج السلطات السنغالية إلى ملئها لتتمكن من صرف الرواتب وتسوية الأوضاع الاقتصادية المتأزمة.

وقد كان السنغاليون من أصل موريتاني أكثر الناس تضررا لاعتقادهم بالاشتراك مع السنغاليين في البشرة والحصول على الجنسية السنغالية مع تجذر العلاقات التاريخية بينهم وبين بقية المكونات السكانية في المناطق المجاورة.

وكانت نسبة الوفيات مرتفعة بينهم إبان الأحداث، واستمرت التعبئة الإعلامية قرابة سنة ونصف؛ مما أدى إلى شحن نفوس السنغاليين؛ ولاشك أن الشعبين تأثرا سلبيا.

والطبيعي أن تكون هناك مخاوف من تسلل البعض إلى صفوف العائدين؛ وخصوصا بعد أن أصبحنا دولة بترولية ومعبرا قريبا إلى أوروبا.. ولسنا بدعا في هذه المخاوف من دول العالم التي أصبح بعضها يتوفر على أحزاب سياسية تطالب بالوقوف في وجه موجات الهجرة وعودة هؤلاء إلى مواطنهم الأصلية.

والسلام عليكم.

 

تاريخ الندوة: السبت 07 يونيو 2007

ونشرت على حلقات في اعداد يومية السفير: 552-556