مذكرات السجين السابق لدى البوليساريو محمد فال ولد أكًاه (الحلقة 54) | صحيفة السفير

مذكرات السجين السابق لدى البوليساريو محمد فال ولد أكًاه (الحلقة 54)

ثلاثاء, 21/02/2017 - 17:30

ضحايا صحراويون: لقد كان من التداعيات الايجابية لأحداث 1988 التي عرفتها مخيمات تيندوف وما تلاها من سياسة ترقيعية لاحتواء الوضع المتفجر أن تكشف الكثير من الفظائع  التي كانت ترتكبها قيادة البوليساريو منذ نشأتها و التي اتهمت فيها القيادة بأنها كانت تتم على أساس قبلي حيث تم على مرحلتين استهداف مكونين قبليين قصد ابعاد كوادرهما عن الواجهة والمراكز القيادية لصنع القرار  ، وبحسب أصحاب هذا الطرح الذي لا تخطئه عين المتابع فإن سياسة التنكيل والإقصاء تلك كانت من العوامل الأساسية التي أدت إلى ما سمي بانتفاضة 1988  التي أنها كانت بداية لترهل الجسم الذي بنته تلك القيادة بقبضة حديدية على أشلاء الضحايا وأدى إلى فقدان الثقة فيها وخفوت شعلة الحماس التي كانت متقدة لدى الجميع مما أدى إلى هجرة معاكسة من المخيمات إلى مختلف بقاع الأرض ولم تقتصر تلك الهجرة على الأطر المتوسطة و العائلات بل شملت كذلك قادة بارزين من الجيل المؤسس ومن الصف الأول والثاني ، واستمر النزيف إلى أن أصبح هناك طرح في أوساط الصحراويين أنفسهم بأن الغالبية العظمى الباقية في المخيمات ليست من سكان المنطقة المعنيين بالصراع ، إنما هم بالأساس من قبائل الجنوب الجزائري التي لها امتدادات وصلات قرابة مع بعض القبائل الصحراوية ، بالإضافة إلى أقليات من الشمال الموريتاني ومن إقليم أزواد شمال مالي .

وتماشيا مع سياسة الإقصاء تلك عمدت قيادة البوليساريو إلى بث جو من الرعب من خلال الاعتقالات وإلصاق تهم ملفقة بضحاياها وعرض نماذج منهم على القواعد الشعبية كنوع من المحاكمات التي تحاكي وتشبه إلى حد كبير محاكم اللجان الشعبية في ليبيا القذافي ، ويتم نعتهم بأبشع وأقذر الصور وبأنهم خطر على "الثورة " والمجتمع ، وقد يطالب الحاضرون المرعوبون حتى بإعدامهم خوفا من الاتهام بأنهم متعاطفون مع " المجرمين " ، وأتذكر هنا أنه في السنة الأولى لنا في مدرسة 9 يونيو كان معنا شقيقان من عائلة صحراوية مشهورة وكان أحدهما يعيش في شبه عزلة عن الجميع بما في ذلك شقيقه ولم نعرف إلا متأخرين أنهما يرتبطان بعلاقة القرابة تلك ، وذلك حين علمنا أن أحدهما كان مسجونا ضمن مجموعة أطلق عليها اسم " اللجنة العسكرية " متهمة بالتخطيط لانقلاب على القيادة وهو اتهام يكفي لأن يصبح صاحبه منبوذا ويتحاشى الناس حتى أقرب المقربين منهم الاختلاط به خوفا على انفسهم .

والقصة التالية تعطي صورة مصغرة عن الانتهاكات الجسيمة التي كانت القيادة ترتكبها في حق بعض الصحراويين ، وهي القصة التي شهد عليها كل من كان يعيش في المخيمات وقت حدوثها بما في ذلك الأطفال .

 

  يتواصل .....