موظفون في شركات مالية كبرى في نيويورك ينتقلون لمجال الموضة | صحيفة السفير

موظفون في شركات مالية كبرى في نيويورك ينتقلون لمجال الموضة

أربعاء, 22/02/2017 - 17:53

أ ف ب: مسكن متواضع في حي بروكلين الصناعي… هنا أقام إريك ستيفن مشغله بعيداً من المكاتب العصرية المطلة على جادة ماديسن في نيويورك حيث كان يجني اموالاً طائلة خلال عمله كمصرفي.
هذا الرجل البالغ من العمر 39 عاما قام بانعطافة مهنية للعمل كمصمم أزياء متخصص في صنع السراويل على القياس: ففي قبو هذا المسكن الصغير المملوك لصديقة عاملة في مجال الخياطة، أقام طاولة التقطيع ولفائف أقمشة الجينز والمخمل… كذلك وضع في غرفة في الطابق الأرضي حوالي اثنتي عشرة آلة خياطة من الأنواع المختلفة اشتراها من مصنع على شفير الإفلاس.
وشكل انتقال إريك ستيفن من العمل كمصرفي متخصص في الصفقات التجارية إلى مقاول في مجال صناعة الملابس، خطوة صعبة إذ ان نجاح الشركة التي أسسها وتحمل اسم «فيتيد أندرغراوند» لم يكن مضمونا.
لكن في مدينة كنيويورك حيث يزدهر قطاع الموضة، لا يعتبر إريك حالة فريدة بل هو واحد من آلاف الشبان المتخصصين في التجارة أو الحقوق ممن يحلمون بالعمل في مجال يفتح أمامهم أبواب الإبداع وتوظيف إمكاناتهم المالية لخوض هذه المغامرة.
ويقول إريك ستيفن «كنت أحب عملي حقا ووتيرته السريعة ومجموعة المهارات التي يتطلبها. لكني لم أكن أحب العمل لحساب شركة تقوم على تحقيق مكسب أقصى للمساهمين. الإنتاجية كانت نقطة قوتي الرئيسة: هذا رائع بالنسبة لآلة ولكن ليس لإنسان».

شهرة بالتواتر

لكن ما سبب اختيار تصميم الأزياء؟ لطالما واجه إريك صعوبة في ايجاد سراويل تناسب جسمه خصوصا في منطقة الرجلين لكونه لاعب كرة قدم سابقا. وبعدما اشترى بزة مصممة على القياس، لم يعد يرغب في ارتداء ملابس جاهزة.
وبسبب افتقاره للخبرة في تصميم الأزياء، بدأ اريك التدرب على أصول المهنة مع خياطة خاصة في بادئ الأمر ثم في «فاشن انستيتيوت تكنولوجي» (اف اي تي)، وهو معهد عام شهير في نيويورك يقدم حصصا مسائية بأسعار مقبولة للاشخاص الراغبين بالتمرس في تصميم الأزياء وتصنيعها.
وفي نيسان/ابريل 2014، قدم استقالته من مصرف «جي بي مورغان» الشهير مستفيداً من دعم زوجته واستعدادها لمساعدته ماليا.
وبعد ما يقرب من ثلاث سنوات، بات لهذا الرجل نحو مئة زبون تعرفوا عليه بالتواتروهو يأمل في التمكن من بيع سراويله «بسعر السوق» قريبا أي ما يقرب من 400 دولار للقطعة ما يخوله جني الأرباح وتوظيف أشخاص في مشغله.
وهو يأمل تاليا تأسيس شركة «متكاملة» يكون «الجميع رابحا فيها» من موظفين وزبائن ومستثمرين ومزودين «وليس فقط المساهمين».
غير أن جميع الاشخاص الذين انتقلوا للعمل في مجال الموضة لا يتشاركون مع إريك هذه النظرة المثالية. لكن كثيرين من هؤلاء ممن تجاوزوا سن الثلاثين يطمحون إلى تكوين شهرة خاصة بهم بعد سنوات طوال أمضوها في خدمة شركات كبرى في نيويورك.
هذه حال غاوري سيكا البالغة من العمر 38 عاما، وهي موظفة ادارية في مصرف كبير تستعد للاستقآلة في نيسان/ابريل لاطلاق مجموعتها من الالبسة الفاخرة المخصصة للكلاب.
وتقول «منذ مراهقتي، احلم في العمل في مجال الموضة، غير أن والدي لم يكن موافقاً على ذلك، وكان يردد على مسمعي «عليك الحصول على ماجستير في ادارة الاعمال».

نضوج أكبر

وبعد العمل لعشر سنوات في المصرف وتلقيها دروسا مسائية في معهد «اف اي تي»، باتت سيكا تشعر «بنضج أكبر». فبفضل مدخراتها ومساندة زوجها، بات في إمكانها التفرغ لشغفها من خلال إطلاق شركتها «ذي دوغي دايز».
هذا الخط الذي انتهجته قد يكون مثاليا في نيويورك حيث يبدي كثيرون مثلها من الطواقم الإدارية في الشركات ممن ليس لهم أطفال «استعدادا لدفع مئة دولار في مقابل الحصول على سترة لكلبهم».
ومن بين أول ابتكاراتها، صممت منديلا للرأس من صوف الكشمير ووبر الأرنب باتت تلبسه لكلبها «ديور» وهو من نوع الكلاب المالطية. وتعتزم سيكا بيعه عبر الإنترنت في مقابل 50 دولارا تقريبا.
وتشكل نيشا جاين نموذجا آخر في هذا المجال، وهي محامية سابقة متخصصة في عمليات الإستحواذ والدمج في إحدى اشهر شركات مانهاتن.
وفي 2012، تخلت جاين عن راتبها المغري للعمل بداية كمتدربة عادية ثم كموظفة في شركة للألبسة الجاهزة. وقبل عام، اطلقت موقعا الكترونيا لبيع الملابس يحمل اسم «نيش ماركت» وهو متخصص في الألبسة الفاخرة للنساء القصيرات القامة مثلها.
وتبدي هذه الأم الشابة سعادتها للانضمام إلى قطاع «يسمح بقدر أكبر من الابتكار» وبالتمكن من «إملاء» ما تريد «عوضا عن البقاء تحت رحمة مجموعة محامين».
ويؤكد الثلاثة أنهم يستخدمون في حياتهم اليومية المهارات التي اكتسبوها في شركات عملهم السابقة وهي التواصل والتفاوض أو فهم التحديات المالية.
ولكن في حال فشل المشروع، تؤكد سيكا أنه «في أسوء الأحوال يمكنني العودة للعمل في المصرف لأن المصارف لا تفلس على ما آمل».