من تابع مقابلة الرئيس في (إفرانس 24) مساء الخميس؛ لا شك أنّها سوف تحفر في ذاكرته ملاحظات عدة:
الأولى أنّ الرئيس لا يخلوا من ذكاء ودهاء سياسي؛جعله يستشعر بخطر الإعلام ؛وهول ما يقال فيه؛.فحبس لسانه؛واقتضب كلامه؛في الشق الدولي من مقابلته.
فحين سئل عن إبداء رأيه في سياسة الرئيس الأمريكي؛الذي ما زال يتابعه العالم بكثير من الدهشة والحيرة بسبب تصريحاته وقراراته؛لقد أحسن الرئيس هنا حين تهرب من جواب الصحفي وتملص منه بقوله: )ما زلنا نتابع الأمر).
كما فعل مع سؤال المسيء ـ الذي نطالب بإعدامه ـ فقد علقه بالقضاء واستبعده؛وهذا جواب مناسب لأنّه موجه للاستهلاك السياسي الخارجي وليس الداخلي هذا أولا؛وثانيا يبرهن به على ديمقراطيته وعدم تدخله في عمل القضاء؛وأخيرا تحاشى به ورطة السؤال.
وقد كرر نفس الحيلة حين سئل عن الشخص الذي سوف يدعمه في الاستحقاقات الرآسية المقبلة.
الملاحظة الثانية من يشاهد المقابلة سوف يخرج بقناعة جازمة أنّ الرئيس صادق في وعده؛وصريح مع محاوره ومشاهديه؛فهو لا ينوي الترشح لمأمورية ثالثة؛ولا يريد ذالك؛ولا يعبأ بمن يشكك في ذالك؛أو من يراوده على تغيير وعده.
من يشاهد المقابلة سوف يلاحظ أيضا وهن حجته وضعفها؛التي برر بها الرئيس تغيير العلم الوطني.
ولعلّ الخلاصة التي يمكن أن نستنتجها من هذه المقابلة ؛وخاصة من مقولته التي كررها مرارا قبل هذا (نعم سوف أدعم شخصا)؛أنّ موريتانيا مقبلة على عهد سياسي جديد بعد نهاية مأمورية الحالية.
فقد وقر في قلوبنا أنّ موريتانيا ما بعد 2018م سوف يكون لها رئيسان وحكومتان؛الأول منها مدني ويوجد في القصر الرمادي؛ويخاطب الشعب في الأعياد والمواسم الوطنية؛ويستقبل الوفود ويوقّع العهود؛لكن ليس له من الأمر فوق هذا من شيئ.
أمّا الآخر فهو عسكري يصمت صمت القبور؛ لكن بيده جهاز التحكم من داخل بيته؛يحرك به ذاك الرئيس المدني حيث شاء؛وأني شاء.
هذا الاستنتاج الذي وقر في قلوبنا؛سالت به أقلام وطنية قبل هذا ونبهت عليه وأنذرت منه.
وخاصة أنّ جنرالات إحدى الدول المجاورة يطبقونه الآن على شعبهم؛فشعبهم إلى حدّ الآن لا يعرف من هو حاكمهم الفعلي ؛فالخرف والمرض ونوبات الغيبوبة الطويلة تنهش منذ سنين من كان يحكمهم.
ونفس الفكرة طبقت في روسيا.
ومن أجل تمرير هذه اللعبة فإنّنا نتوقع أنّ محمد ول عبد العزيز لن يحتاج إلى تزوير بطاقات التصويت؛او جهد كبير.
فهو يعرف جيدا هوى النخبة فينا؛ومزاج المواطن عندنا؛فالأول يقطن في المدن وتجذبه غالبا الوظائف والتمويلات؛والثاني يجتاح الريف وتكفيه الدعاية والحملات.
وما علينا إلا أن نتساءل في الأخيرعن ما ذا أعدّت المعارضة لهذا اليوم؟.
أين دعايتها؛أين مناضليها؟
هل لها أثر بين البوادي والقرى والأرياف؟.
أم أنّها تكتفي فقط بمهرجانات لا يتعدى صيتها أسوار مسجد إبن عباس؟
غالي بن الصغير