الموريتانيون أهل بادية، وبفعل إكراهات الجفاف "تحضروا" قسرا، لكنهم احتفظوا ببعض وسائل وتمثلات الفضاء البدوي المفتوح، ومن أهم هذه الوسائل التي أخذوا معهم إلى المدينة ما يمكن أن نطلق عليه " الطرق البدوية البديلة"، التي أملاها " عصر البدائل" ( الطاقة البديلة ، الطب البديل، بدائل الدعوى.. )، وهكذا اهتدى العقل الإجرامي للمتهربين من الجمركة إلى ما يسمى في فقه المحتالين " أروامة" التي تقضي بمنح سيارة تُراد " أروامتها" بطاقة رمادية تعود لسيارة أخرى.
و على الرغم من أن هذه الأفعال تشكل جريمة تزوير مفض إلى تهرب جمركي معاقبة قانونا، لكنها تظل مستصاغة في عالم التجارة الذي لا يستهدف غير الربح المجرد من القيم الأخلاقية و المهنية، لكن أن تلجأ بعض النخب المفترضة إلى "أروامة" المادة:38 من الدستور الموريتاني الواردة تحت باب " صلاحيات رئيس الجمهورية" لتكون إحدى طرق تعديل الدستور، التي حُدد تحت الباب 11 من الدستور على سبيل الحصر، فهذا أمر يدعو إلى الشفقة!! فمن المبادئ القانونية الأولية، أنه لا اجتهاد في ظل وضوح النص و المادة: 99 من الدستور نصت بشكل صريح على أن تعديل الدستور يتطلب حصول مشروع التعديل على موافقة ثلثي الغرفتين( الجمعية الوطنية و مجلس الشيوخ)، و هو ما لم يتحقق، فأصبحت محاولة التعديل تصطدم " باستحالة قانونية".
وبالتالي، فلا مجال لإطلاق العنان للاجتهاد في ظل وضوح المواد: من 99 و 100 و 101 من الدستور، ولا اجتهاد في ظل وضوح النص، ثم إن النصوص المنظمة لطرق "مراجعة الدستور" تعد نصوصا أخص، ولا يرجع للنص الخاص ـ الذي هو بقية نصوص الدستور ـ إلا في حالة عدم وجودها في النص الأخص، الذي هو الباب الحادي عشر، فإذا كان " الخاص يقيد العام" كما هو معروف، فإن "الأخص يقيد الخاص"، فهو أكثر تخصيصا منه.
د. معمر محمد سالم