من مسلسل سلمان الفارسي إلى صواريخ عبدالملك الحوثي | صحيفة السفير

من مسلسل سلمان الفارسي إلى صواريخ عبدالملك الحوثي

اثنين, 27/03/2017 - 17:35

ما أجمل الانتاجات الإيرانية التأريخية. مرورًا بمسلسلات الأنبياء والرسل، كمسلسل النبي يوسف عليه السلام، إلى تجسيد الشخصيات التأريخية ذات المكانة في الذاكرة الإنسانية كمسلسل مريم عليها السلام، إلى تجسد الشخصيات المحمدية (الإسلامية)، كمسلسل الإمام علي بن أبي طالب، وغريب طوس. حقيقةً، كان الإنتاج الإيراني – في اعتقادي – قد احتل ويحتل القائمة الأولى لهذه الانتاجات التأريخية، بالطبع، بعد انتاجات المخرج القدير مصطفى العقاد – رحمه الله-. قد لا تخلو الانتاجات العربية من النقد، في كونها إما أن تكون متكلفة نوعًا ما في الأداء التمثيلي، أو محاولة تمطيط الإنتاج حتى يتناسب مع قالب ثلاثين حلقة (شهر رمضان). كأمثال مسلسل عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – أو مسلسل خالد بن الوليد – رضي الله عنه – من قبله. فالمهم هو الكلفة قبل كل شيء. وكنا بانتظار المزيد من الإنتاج التأريخي الإيراني المميز، حين صدّرت الأخبار الإعلامية بأنه يجري الإعداد لمسلسل سلمان الفارسي، ولكنه توقف؟
كان من المقرر لهذا المسلسل أن يرى الضوء في عام 2011 أو 2012م، ولكن تم إيقاف كافة المسلسلات التأريخية في العالم الإسلامي أجمع، التي من هذا النوع، بتوجيه أمريكي، عقب ما يُسمى الربيع العربي، بحجة أن هذه المسلسلات تُحرض على الإرهاب الإسلامي؟ وهنا يتبادر سؤال: أليست إيران تنادي أنها ضد محور الشر في العالم، والمقصود به الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل؟ أوليس كان من المفترض أن تقوم إيران بإخراج مثل هذه المسلسلات التأريخية الإسلامية المميزة، والتي تحكي رقي التأريخ الإسلامي وغزارته وقيمته في مقابل هذا التعنت الأمريكي؟
عندما حدث التوسع الحوثي، وتم دخول صنعاء في سبتمبر عام 2014م، وقامت إيران وقتها، بعقد مناورة عسكرية، تم قراءتها -حسبما يُريد بعضهم – بأنها إشارة منها لدعم تنظيم أنصار الله في الاستيلاء على الحكم في اليمن، وأن هذا التنظيم هو أحد أيدي إيران في المنطقة؟
حين دخل الحوثيون عدن والمناطق الجنوبية، هل كان هناك ما يُبرر هذا التوسع؟ ولماذا خرجت القوات الحوثية من المحافظات الجنوبية بعد مدة قصيرة، بناءً على نصيحة من إيران – حسبما تقول الأنباء-؟
تم توجيه الصواريخ اليمنية على القوات الموالية للرئيس عبدربه هادي، وعلى ما يُسمون بالمرتزقة في مأرب والمخأ وغيرها، وأصابت الصواريخ اليمنية مناطق عسكرية في جيزان وعسير ونجران، ووصلت إلى شرق الرياض وغرب جدة. فلماذا لم نسمع بصاروخٍ أُطلق على المحافظات الجنوبية، كعدن مثلاً، والتي فيها قيادة القوات الإماراتية، والسعودية أيضًا، وفيها مقر إقامة الرئيس عبدربه، وحكومة عدن. أليس هذا إقرارٌ بانفصال الشمال عن الجنوب، أم أن بتوجيهات خارجية؟
عندما أعلن الرئيس عبدربه أنه سيقوم بنقل البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن، كان ذلك الإعلان قبل شهور من بدء عملية النقل الفعلية في سبتمبر 2016م، فلماذا انتظر عبدربه هذه الفترة، ولماذا انتظر إلى أن تخلو خزينة البنك المركزي بصنعاء من السيولة النقدية، ثم تمت عملية النقل الفعلية، أليس هذا فيه إشارة لمحاولة حفظ ماء وجه المجلس السياسي الأعلى عندما يأتي أوان صرف مرتبات الموظفين والعاملين، أم أن الأمر متفقٌ عليه، وأن الأمر مجرد لعبة؟
هناك مشاكل حدودية وعقائدية بين إيران ودول الخليج، ولم تسطع -كلمة تسطع أصعب من كلمة تستطيع- دول الخليج حلها لا سياسيًا ولا عسكريًا، لذا لجأت إلى طرف ضعيف، وهو اليمن، وقامت بالانتقام منه، والقضاء عليه أرضًا وإنسانًا، بحجة أنه تابعٌ لعدوتها إيران، وهي تعتقد بأنها بعلمها هذا ستهز شعرةً من إيران، أو أنها ستُعيد بذلك جزرًا بحرية محل نزاع؟
هذه تساؤلات كثيرة، ويبدو أن الأمر واضحٌ، بأن هناك لعبة دولية، والتمثيلية الدرامية والتراجيدية في عالمنا العربي، وخصوصًا في اليمن يقوم بأداء الأدوار فيها نخبة من الممثلين الكبار، بناءً على سيناريو أمريكي بريطاني إسرائيلي، وإنتاج خليجي، وإخراج أمريكي.

 

د. عبدالكريم محمد عبدالله الوظّاف

كاتب يمني