تصريحات السياسيين… ومفارقاتها | صحيفة السفير

تصريحات السياسيين… ومفارقاتها

ثلاثاء, 28/03/2017 - 17:28

ليس ضروريا دائما التعليق على تصريحات السياسيين. في أحيان كثيرة هي تتحدث عن نفسها، تفضح صاحبها أو تعريه، تبتسم لقراءتها أو تضحك، تستغرب أو تذهل. بعضها يحمل مفارقات لا تستطيع أن تتجاهلها لكن ليس مفيدا جدا التوقف عندها طويلا. من الأحسن هنا الاكتفاء بسطر عابر… إليكم مثلا بعض ما قيل هذه الأيام القليلة الماضية لقنوات تلفزيونية مختلفة.
خليفة حفتر قائد القوات التابعة لمجلس النواب الليبي المنعقد في طبرق يتوجه لأهالي طرابلس فيقول لهم «إنّ صوتكم الرافض لهيمنة قوى البغي والإجرام والمطالب بالجيش والشرطة لفرض الأمن والاستقرار وطرد عصابات القتل والدمار قد بلغ مسامعنا (..)
لقد كشف الطغاة من قادة التنظيمات الإرهابية عن وجههم القبيح (..) الجيش الوطني لهم بالمرصاد وقد اقتربت ساعة الخلاص ولن يجد الظالم عندئذ ملجأ ينقذه من القصاص».
قائل هذا الكلام المدين للإرهاب بهذه الحماسة هو المتهم في نفس الفترة التي يقول فيها هذا الكلام بأن عناصر محسوبة عليه أعدمت ميدانيا معارضين له دون محاكمة بل وأخرجت آخرين من قبورهم وسحلتهم في بنغازي، وهناك من التقط «سيلفي» باسما مع الجثة المشوهة!!
محمد دحلان، عضو المجلس التشريعي والقيادي المفصول من حركة «فتح» يقول إن «المفاوضات مع الاحتلال خلال فترة الرئيس محمود عباس هي عبارة عن عمالة مطلقة، وفي المقابل لم يتم التفريط بذرة تراب واحدة خلال فترة مشاركتي بالمفاوضات». وأبدى دحلان رغبته في أن يكون جزءا من النظام السياسي الفلسطيني «حتى أعيد الاعتبار لحركة فتح التي أذلّها محمود عباس» الذي «انتهت شرعيته»، مشددا على «ضرورة التخلص من بقايا اتفاق أوسلو، لأن إسرائيل أصبحت بعد استشهاد الرئيس ياسر عرفات تتحكم في كل شيء بالضفة الغربية وقطاع غزة وبكرامة المواطن الفلسطيني».
قائل هذا الكلام الثوري الغاضب هو نفسه الذي قيل فيه ويُقال كل ما قيل ويقال، بشأن أوسلو والمفاوضات والعلاقة مع الإسرائيليين والتعامل مع الزعيم الراحل ياسر عرفات!!
جبريل الرجوب عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» يقول إن «الجولة الأخيرة لعباس لم تحمل في طياتها أيّة مستجدات باستثناء زيارته لمصر التي ينتظرها الجميع، فمصر هي الدولة العربية الوحيدة التي شكلت ضمانات للقضية الفلسطينية منذ 1948 وهي الدولة الوحيدة التي لم تتعامل بمنطق الوصاية والتي لها سياسة ثابتة لخدمة قضيتنا». وأعرب الرجوب عن أمله في أن «يشكل لقاء عباس بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بداية جديدة لإعادة الأمور إلى نصابها الأول»، مشددا على أنّه «من غير المسموح للفلسطينيين إنكار دور مصر لا في التاريخ ولا في الجغرافيا».
قائل هذا الغزل في مصر هو من لم تسمح له القاهرة قبل أسابيع بدخول أراضيها، ليس فقط للجفاء بينها وبين القيادة الفلسطينية وإنما أيضا لرعايتها لدحلان، عدوه اللدود!!
البرلمانية التونسية مباركة البراهمي علقت على زيارة وفد برلماني تونسي إلى سوريا، كانت هي من ضمنه عن «التيار الشعبي» القومي المعارض قالت إنّ «هؤلاء النواب جاؤوا إلى سوريا تحية لشعبها وجيشها وقيادتها على ما أبدوه من صمود عال في وجه الهجمة العربية ضد سوريا». وأضافت أنّ «الجانب السوري يرحب بعودة العلاقات مع تونس التي تكابر بعض الأطراف الموجودة الآن في الحكم على التعاطي مع هذا الملف لأنها متورطة فيه». ولفتت البراهمي إلى أنّ «الوعود التي أطلقها الباجي قايد السبسي بخصوص العمل على عودة العلاقات بين البلدين، كانت مجرد شعارات من أجل الوصول إلى السلطة وحين وصل إلى سُدّة الحكم أصبحت مصلحته مع حركة «النهضة» التي تُؤمن بأن ما يحدث الآن في سوريا من تفجيرات وسفك دماء هو ثورة وهو ما يجعلها تتقاطع مع الكيان الصهيوني والأمريكي والأنظمة الرجعية العربية».
قائلة هذا الكلام الودود عن النظام السوري هي نفسها، وغيرها، من تفخر بأن تونس أنجزت ثورة أطاحت بمستبد إسمه زين العــــابدين بن علي وتذهب للتضامن مع مجرم يتعرض لمؤامرة إسمه بشار الأسد!!
نجاح واكيم البرلماني اللبناني السابق والناطق الرسمي باسم «الجبهة العربية التقدمية» (!!) اعتبر أنّ «الأزمة في سوريا في الفترة الأخيرة من عمرها، وهو ما يعني أن خطوط المواجهة بين محور المقاومة وبين الغرب ستنتقل من قلب سوريا إلى مكان آخر». وذكر أنه «في سوريا تحققت هزيمة العدوان، ولن يكون لأمريكا ولا لتركيا نفوذ فيها وستقوى جبهة المقاومة بشكل أكبر، وفي المقابل سوف يُعلن عن التحالف الأمريكي الإسرائيلي الخليجي». ورأى واكيم أنّ «ردّ الدفاعات السورية على الغارة الإسرائيلية الأخيرة، يعني أن خطوط المواجهة انتقلت من داخل سوريا إلى حدودها، وهو ما له دلالات كبيرة جدّا وهو مؤشر على صراع سوف تتسع جبهته، فالردّ السوري هو رسالة إلى كل دول المحور الأمريكي».
هذا الكلام أشبه بالهذيان أو النكتة… وكلاهما لا يُعلق عليه، ولو بكلمتين!!

 

محمد كريشان٭ كاتب وإعلامي تونسي