مهمّة الأردن الصعبة | صحيفة السفير

مهمّة الأردن الصعبة

ثلاثاء, 28/03/2017 - 17:32

اشتغلت الحكومة الأردنية وطواقم دبلوماسيتها بنشاط كبير لترتيب أجواء مناسبة لعقد القمة العربية رقم 28 التي تبدأ غدا في العاصمة عمّان وهذا ما اضطرّها لتدوير الزوايا الحادّة في أكثر من موضوع بحيث تتمكن من جمع الدول التي تعتبر أقطاب المنظومة العربية (أو ما بقي منها) تحت سقف واحد من دون حصول اشتباكات عنيفة (كما هو حاصل على امتداد الجغرافيا العربية).
وكما هي العادة فقد كلّف القادة والزعماء العرب وزراء خارجيتهم بتحضير المسودّة الختامية التي سيدبجون عليها تواقيعهم وحسب مصادر مراسلي «القدس العربي» الحاضرين للقمة فإن اجتماعهم التحضيري تمخّض عن بيان ختامي سيتضمن 17 بنداً تتطرّق لأبرز القضايا العربية، وخصوصا القضية الفلسطينية والحرب على الإرهاب والملف السوري.
وفي هذه القضايا المتأججة الكبرى خاضت بعض الأطراف المعنيّة جولات حامية من محاولات جذب القمّة إلى اتجاهات حادّة، وكان لأمين عام الجامعة العربية ووزير خارجية مصر السابق أحمد أبو الغيط، ولسلفه عمرو موسى محاولات قويّة في هذا الإطار عبر فرض أجندة محور مصر ـ الإمارات.
تمثل ذلك على جبهات الصراع الثلاث الدائرة، وأولها جبهة إعادة تأهيل النظام السوري (والأولى القول، مكافأته على عدوانه المستمر على شعبه للسنوات الست الماضية، وتفريطه بسيادتها لإيران وروسيا)، ثم جبهة «الانفتاح على إيران» والحوار معها، وأخيراً إجراء تعديلات على المبادرة العربية لحل النزاع العربي الإسرائيلي تمهد للتحالف مع إسرائيل على حساب الفلسطينيين.
الخلفيات لهذه الاتجاهات مترابطة رغم تعدد جبهاتها ويقع في صلبها موضوع إعلاء القاهرة وأبو ظبي لقضية محاربة «الإسلام السياسي» باعتبارها المسألة الاستراتيجية التي لا تعلو عليها قضية أخرى، وفي سبيل ذلك يمكن النظر «بعين العطف» إلى مطالب القيادة الإسرائيلية الحالية بتأجيل التفاوض على القضايا الفلسطينية الكبرى إلى ما بعد التطبيع مع الأنظمة العربية (ولكن الطريف في الموضوع أن أبو الغيط أشاع أن الفلسطينيين هم من سيقدمون مبادرة لإقامة دولة فلسطينية مقابل التطبيع العربي مع إسرائيل)، كما يتمّ القفز على التهشّم الوجودي الذي تعرّض له الشعبان السوري والعراقيّ بفعل النظامين الحاكمين مضافاً إليهما التدخّلات العسكرية الأمريكية والروسية والإيرانية ومشاريع التقسيم والتفتيت القائمة على قدم وساق.
تتقاطع أجندات هذا المحور الصلب في بعض تفاصيلها مع أجندات محاور عربية أخرى، وعلى رأسها محور المملكة العربية السعودية التي تتعرّض لأخطار سياسية كبيرة في الداخل كما هو الأمر مع التنظيمات السلفية المسلّحة والتنظيمات الموالية لإيران، واقتصادية، بسبب الهبوط الشديد في عائداتها بسبب انخفاض أسعار النفط، كما تتعرّض لأخطار كبيرة خارجية يمثّلها النفوذ الإيراني في اليمن والعراق وسوريا ولبنان، وهو ما يجعلها مضطرة لمجاملة المحور المصري ـ الإماراتي على أكثر من صعيد، من دون أن تستطيع التخلّي عن أحلافها الطبيعية مع البحرين والأردن (الواقع بين المحورين) والسلطة الفلسطينية والمغرب، وإلى حد كبير، قطر.
غير أن المحور السعودي، من جهة أخرى، يجد نفسه على خلاف واضح مع توجّه مصر المتمادي في تبنّي خيارات روسيا وإيران السورية، وهو أمر تسانده الجزائر معتمدة (كما يفعل غيرها طبعاً) فقه الكيد السياسي مع جارتها المغرب، وهو ما يجعل هذه المحاور السياسية العربية جميعها متداخلة الأجندات بل وتعمل ضمن تحالفات عسكرية، رغم أنها تخوض، في ساحات أخرى، حروباً مرعبة ضد بعضها البعض!
مهمّة الأردن صعبة جدّاً لأن البلد، جزء من هذه المحاور والتحالفات، وهو على التحام سياسي وجغرافي بالقضيتين السورية والفلسطينية، كما أنه انكوى، مثل غيره، بنيران التطرّف السلفيّ السنّي، والتمدّد الشيعي الإيراني.
… فعلى أي جانبيك تميل؟

 

صحيفة القدس العربي