أحزابنا من ديكور للديمقراطية الى ديكور للدكتاتوريه | صحيفة السفير

أحزابنا من ديكور للديمقراطية الى ديكور للدكتاتوريه

سبت, 01/04/2017 - 11:22

فؤاد البطاينة
ان مسعى  المطالبات  بالاصلاح والحديث عن قوانين الانتخاب ومجالس النواب وتشكيل الحكومات والتعديلات الدستورية ، كله يبقى حديث  أمل وبكاء ورجاء  مع القابضين  على السلطة والمكاسب  الذين لا  مصلحة لهم  في الاستجابة  وفي التغيير وفي تخليهم  عن مصالحهم، إنه  مسعى عبثي  يخلو من المنطق.
لكن الشعب ، ونخبه الحقيقية — إن ظهرت —   يمتلكون  الوسيلة القانونية والدستورية  لو استخدموها بمصداقية  وثبات سيضعون  أصحاب المصلحه  القابضين على السلطة والمكاسب  أمام  طريق مسدود ويقنعوهم أو يجبروهم على التغيير ،  أو يصنعوا فرقا ، وهم قادرون لأنه لا سلطان عليهم . إنها الوسيلة التي  يكون فيها الحصان امام العربه ، والأساس لرفع البناء السليم لسلطات الدوله. إنها الأحزاب السياسية الحقيقية التي  تُبرز ثقل الشعب وتنسق  حركته  وتهيئ  له  ليصبح  مصدر السلطة  والإرادة .
 فنجاح التجربة الحزبية  هو الأساس  لانبثاق نواب شعب ووطن،  وحكومة شعب  ووطن ، والاساس في ضبط ايقاع أجهزة الدولة باتجاه  السلامة والتنميه . إن ضالة أحزابنا المفقودة  هي في النخب الحقيقية  الصلبة  المتعففة  المضحية  بنفسها وبمصالحها ولا تقايض بالفكره  ولا تركبها تحت أي ضغط  أو ذريعه ، فهي القادرة على تأسيس الأحزاب المحصنة  والعصية  عن الانحراف .
دعونا نعلن براءة الأنظمة  والشعب  من  فشل الاحزاب ونسحب هذه الشماعه   . فالحكام  يدافعون عن مصالحهم بصرف النظر عن مشروعية الوسيله ،  والشعب لا يرى  في الاحزاب مصداقية وليس معنيا  بأن يكون جسرا لعبورها،  فالمسئولية الأساسية  تقع على عاتق أصحاب المبادره  او الحزب في اقناع  الناس أصحاب المصلحة ، وفي إدارة الظهر للمتضررين منها ، وهذا  لا يكون الا من خلال سلوكهم والتزامهم وثباتهم على  مشروعهم  واثبات مصداقيتهم . فمعيقات التجربة الحزبية تعود في الأساس  للطبيعة الشخصية ونوايا وسلوك منشئي الأحزاب .
إن الشعب يفهم  الأحزاب على انها  رافعة  لمشروع  سياسي نهضوي  حداثي ديمقراطي ، وأنها تؤسَّس  من اجل فكرتها لا  من اجل  متابعة  المناسبات والأحداث  واصدار بيانات التأييد  او الانتقاد  لصناع الأحداث  أو للحكومات ،  ولا   لتكون  جزءا  من  لعبة الموالاة  والمعارضه  التي  تمتلك الاحزاب العربية   علامتها التجاريه،  بل وُجدت  الأحزاب  لتصنع هي  الحدث ولتضع  للدولة السياسات والبرامج  المنافسه على كل  الصعد الداخلية والخارجية  ولتشكل البرلمانات ولتستلم  السلطة  وتتداولها  بارادة شعبيه.
 اعتاد الشعب  على رؤية  فكرة وأهداف ومبادئ تلك الاحزاب المعلنة  سرعان ما  تتناقض مع الممارسة   التي تأخذ منحى أخر  لأجندة أخرى، ويَحْكم بأنها ليست  أحزابه ولا  هي من أجله  ولا هدفها بِناءُ  نظام حزبي ، ويدرك أن العلة في الطبيعة الشخصية لمؤسسي تلك الأحزاب وفي  زيف ايمانهم بما يطرحونه، فيتركها  الشعب  فتتقزم ، وعندما ترى قزميتها وعزلتها عن الشعب  فإنها توغل في غيها وترتمي  وتطالب بكوتا حزبية ، وتوغل الحكومات في الطَّرق على رؤوسها  لتحولها من ديكور للديمقراطية الى ديكور للدكتاتورية .
فشل أحزابنا علامة على  وعي الشعب ورفضه  لها، واستمرار وجودها بنهجها  فيه امعان  بالمتاجرة بمصالح الشعب والوطن، الدولة كعكتها  تتآكل  وتصغر فتصغر معها حصص  الأحزاب ، فكيف إذا فرخت الأحزاب أحزابا من جسدها طمعا، إنها مشاريع خاصة بأصحابها مع شركاء “مضاربين” في سو ق الوصوليه، باكورة عملهم  بعد إعلان الحزب هو  فتح الخطوط مع الحكومات ليدخلوا سوقها، لا فتح الخطوط مع ما كتبوه من مبادئ وأهداف، ولا فتحها مع الشعب، ولا حتى مع قواعد الحزب التي تبدأ بالعودة لحياتها الخاصة، ويصبح الحزب بحجم  شيخه  ومقتصرا وجوده  على سجلات الدولة.
 يمر شعبنا بمرحلة قلقة  فيها الحاضر ضبابي والمستقبل غير مقروء ، وأدوات الاتصال بينه  وبين ولاته معطلة ، وقنوات  الولاة  مع سلطات الدولة  في اتجاه واحد لا في اتجاهين، لكن أحزابنا  لم تفكر  بالمطالبة ولو رياء بجلسة سياسية استفسارية او نقاشية موضوعية مع المسئولين  مقابل جلساتها ومخاطباتها الإجرائية  والمالية التي تخصها وحدها، لربما  ترى نفسها  أصغر من ذلك أو أن ذلك يعيق  مسعاها  لتكون جزءا من سيستم  النهج االقائم… فأي مسافة  فلكية  تفصلنا عن نظام ديمقراطي يُفعل الملكية الدستورية مع وجود هذه الأحزاب، انها عبء إضافي على الوطن، وأداة اساسية في الشد العكسي.
العمل الحزبي تضحية طوعية، والأحزاب  يقيمها رجال النخبة من الناكرين  للذات خدمة لرفعة الانسان والوطن، لكن  نكران الذات  خصوصية يودعها الله فيمن يختاره، ويتجرأ عليها من في قلوبهم مرض، نحن بحاجة  لهؤلاء الرجال الاستثنائيين  لنقيم  احزابا حقيقية  تبني دولة فيها الشعب صاحب الارادة والسلطة والقرار.