يعامل الغرب روسيا الإتحادية معاملة الدب الروسي كيف؟:
إن علماء الغرب تحت المظلة الأميركية، مثل بقية العلماء، يعرفون تمام المعرفة أن الدب الروسي يختزن الدهون كي تكون غذاءه من داخله، وهو راقد طيلة مدة سباته الشتوي…بمعنى أن الغرب يصبر على روسيا إلى أن تستنفذ (دهنها) فيعمل على محاصرتها وهي تشعر بـ(الإكتناز)، على أمل قطع الطريق على مصالحها، مثلما تُقطع الطريق على طرائد الدب بعد يقظتة من سباته، بقصد اصطياده بأقل كلفة، وبأدنى جهد؟!
بعد بدء النشاط (البوتيني) نسبة إلى الرئيس″بوتين” على طريق نقل “روسيا الإتحادية” إلى مصاف الأقطاب العظام من الدول، فعَّل الغرب حربه على النطاق الحيوي لروسيا من “أوكرانيا” إلى الشرق الأوسط، خصوصا الدول العربية التي شاءت “روسيا” وعن تجربة، وراثة علاقتها السابقة مع “الإتحاد السوفييتي” مع المجتمع الدولي، تحالفاً وخصومة، ومنافسة. خُدعت روسيا في أول الأمر بعد أن مررت بحسن نية قرارات في مجلس الأمن سهلت تدخلا عسكريا لا لبس فيه من قبل الغرب في الدول العربية، خاصة العراق وليبيا..كأنموذجين للتدخل الإستعماري بوجهه القبيح، من حيث إستباجة دماء ومقدرات وطاقات وعلماء وثروات تلك البلدان التي تدخلوا فيها، ولا زلنا نرى استمرارية نفس النهج في سورية من قبله كمعتد، بأدوات عدوانه من تنظيمات إرهابية وما شاكل ذلك، ومن دول إقليمية مطيعة لأوامره، إلى أن وجد بعد ست سنوات ونيف من الحرب القذرة على سورية، أن وكلاءه قد أفلسوا في تحقيق أهدافه قي سورية على وجه الخصوص، ليكون عليه أن يتدخل مباشرة لتحقيق أحد أمرين:
-تقسيم سورية أو:
-كنس المصالح الدولية التي استجدت فيها جراء التحالفات المعلنة في الحرب على الإرهاب، مع كل من روسيا وإيران، الدولتان المحاصرتان من قبل الغرب إقتصاديا بشكل يوشك أن يهتز معه اقتصاد ذينك البلدين؟! وبالتالي يسهل على الغرب ضم سورية، ولو من غير تقسيم، إلى مجمع حلفائه! ما يعني إبعاد الروس إلى ما وراء المياه الدافئة بشكل جذري؟!
أين روسيا الإتحادية ومجموعة دول “بريكس″ من كل ذلك؟ فقط ثلاث دول تعمل في مواجهة الطاعون الإستعماري الذي انبعث من جديد، ورأس حربته الإرهاب، ومن قبل وبعد(إسرائيل)، خاصة بعد أن تسلم من يعلي صوت (المال) على كل صوت سياسي له على مستوى العلاقات الدولية؟! إنه الرئس الأميركي”ترامب” كاوبوي القرن الحادي والعشرين؟؟:
اجلسوا إذن على عتبات بيوتكم، أي معظم الحكام في المنطقةالعربية، وانتظرو (صدقات الأعياد) الداعشية، أو(البلاك ووترية) نسبة إلى شركة “بلاك ووتر”؟! إذا لم توفوا ذمما مستحقة مادية ومعنوية إلى أميركا (الجديدة) مذ اعتليتم كراسي الحكم في بلدانكم….هكذا هي سنة عمل الرئيس “ترامب” (المال يجرّ المال والقمل يجرّ الصئبان) مثل شعبي يصب معناه في نفس السياق…
نكرر السؤال: أين روسيا الإتحادية من كل ذلك وحرب الإفناء والتدميرفي محيط نطاقها الأمني يطول عمرها؟!
“سان بطرسبورغ” تتعرض اليوم لهجمات إرهابية، قتلى وجرحى، ومتفجرات لم تنفجر… بيئة الإتحاد الروسي صالحة لتعشيش(الإرهاب) وتفريخه في بعض زواياها…فهل من حيطة كافية، والجيش الروسي يحاربه في سورية…؟ إن المال، عدا عن الشحن المذهبي المتطرف، يفعل فعله ولو بالقطّارة. هنالك شيء ما يفزع في ربوع وخواصر روسيا، إذا لم يُطوَّق، وتطويقه ليس كافيا من الداخل، إذ تُقطع المياه من منابعها…فأين (الحزم) في ذلك؟ يقاتل الجيش العربي السوري وحلفاؤه قتالا شرسا ونبيلا في مواجهة الإرهاب، والمخطط الإستعماري الجديد لتقسيم سورية…فهل يعتقد الدب الروسي أن ثلجه سيكون سميكا بما يكفي يكون عصيا علىى الإختراق لسُباتِ قادم الأيام؟ إن الحفر تحت جبال ثلج وجليد، روسيا الإتحادية، قائم على قدم وساق وبنفس طويل، على أمل انهيارها، فهل ينجح الغرب في ذلك؟ ألم يندم الغرب على عدم توجيه ضرية قاضية لروسيا بعد أن خرجت ضعيفة متآكلة متواكلة!! من تحت المعطف النظري للإتحاد السوفييتي السابق؟ صحيح إن (إسرائيل) تكفي ذلك الغرب مغبة مقارعة (إنحراف) العرب تجاه مصالحهم القومية، واستحواذهم على ثرواتهم بإرادة حرة، لكنها مع ذلك لا تستطيع كف بلاء محتمل سيجتاح مصالح الغرب في ثروات العرب من نفط وغاز، على فرض مواجهة محتملة مع روسيا “بوتين” وحلفائه، لذلك، وربما ستكون هنالك نماذج من عقود التهدئة التجارية، سوف تقدم إلى “موسكو” مباشرة من قبل الغرب، أو من قبل-وهذا الغالب- حلفائه العرب الأغنياء، من غير أن تُرفع العقوبات الإقتصادية التي فرضها الغرب عليها، كأنما هي دولة من دول العالم الثالث؟!
هل يحتاج الدب الروسي إلى أكثر من وكزة كي يستيقظ؟ لقد تلقت “روسيا” كثيرا من الصدمات، بدءا من قصة الخداع في القرارات الدولية بخصوص العراق وليبيا، إلى قصة أوكرانيا، إلى القصة الثالثة، وهي تفعيل الإرهاب على محاورعدة باتجاهها، يؤمل منها أن تصيبها في مقتل، ولعل أول نذر ذلك سيكون انفراط عقد اتحادها بهيئته التعدديةـ وبخصوصية نكهته الإسلامية؟
لا نعتقد أنه خلال وقت إنزال القوات(الخاصة) الأميركية، مهما كان عديدها، في محيط سد الفرات، كان الدب الروسي في سبات.؟! سد الفرات، أول منشأة كانت ثمرة تعاون بين السوفييت والدولة السورية، بأيسر الشروط، ما يذكرنا بقصة بناء “السد العالي” في “مصر”، عندما رفض الغرب إقامته إلا بشروط مجحفة وطنيا وقوميا، بحقها، حتى لجأت مصر “عبد الناصر” إلى الإتحاد السوفييتي في حينه، ليقوم ببنائه بكلفة شبه مجانية، وبدون شروط لا وطنية…
إذن: هل هو الإنتقام من تاريخ العلاقات االسورية التي كانت عميقة مع الإتحاد السوفييتي، أوعبارة عن عملية إعاقة لبناء متكامل من العلاقة مع وريثته “روسيا الإتحادية”؟ عندما تقوم أميركا(التحالف) بقصف أهم مفاصل إنتاج الطاقة الكهربائية(ذات الخصوصية التقنية) من جسم السد، بغية تحويله سدا مائيا، فيفقد قدرته على إنتاج الطاقة الكهربائية، حاجة الناس والتعليم والصناعة؟! إضافة إلى أهمية تلك الطاقة في صناعة السلاح؟! السلاح الذي ساهم في لي ذراع الجيش الإسرائيلي إبان حرب 1973م ، كما أسهم بشكل فعال في كسر شوكة العدوان الإسرائيلي على لبنان في عام 2006م جراء استخدامه من قبل “حزب الله”؟!
خلاصة
كلما طال زمن الحرب على سورية، كلما:
– تعرض الأمن القومي الروسي لمنسوب أعلى من الخطر، بحكم طبيعة البنية السياسية -المجتمعية للإتحاد الروسي، خصوصا بوجود من يعمل في الغرب تاريخيا، منذ الغزوة الفرنسية الأولى لموسكو في عام 1812م،على تحريك مكونات ذلك الخطر المتأين والقابل للإشتعال في سياق الحريق الذي يكاد يأتي على أخضر الحاضر، ويابس التاريخ في المنطقة العربية ..؟! عليه يمكن القول أنه بات لزاما على الدب الروسي أن يختصرمدة سباته إلى أقصر موعد ممكن، وله وسائله الإستراتيجية لذلك. كي تبرز بالقوة ،إلى الوجود، وبعد طول انتظار، الحلول السياسيبة الممكنة لمشاكل المنطقة…
– ترسخت معالم (الكانتونات) في الشمال والشمال الشرقي لسورية، بحكم توزعها بين الكرد والترك، وبعض العربن، أولئك الذين وجدوا لهم متنفسا عبر تشققات الرؤى الإستراتيجية للمنطقة بين روسيا وأميركا…
– تقزمت المساعي الهادفة إلى تبني حل(الدولتين)للقضية الفلسطينية:
نحن نرى كيف تستغل (إسرائيل) الوضع العربي الراهن، وتقوم بخرق القواعد الحقوقية للإنسان، وشرعة الأمم، فتقدم على اغتيال المناضلين الفلسطينيين، وبناء المستوطنات، واغتصاب الأراضي وطرد المواطن الفلسطيني من أرضه وبيته بعد هدمه، وذلك من دون أدنى وازع أخلاقي، أو(عربي) قبل أن يكون دوليا؟! لدى(إسرائيل) أخلاق كافية لتقوم بمعالجة جرحى (جبهة النصرة) الإرهابية، وتقديم المساعدات والمعلومات لها ولغيرها من أخواتها، تلك التي تسيطر على امتداد شريط حدود الفصل بين الجيش العربي السوري والقوات الإسرائيلية..
علي الدربولي
كاتب سوري