ولو تأخر الا أنه لابد من مضي مدة لكي تصل الدول العربية إلى إجماع على «قضية مهمة» وتفكر في اتخاذ تدابير حولها، ألا وهي مسألة قطع أذرع النظام الإيراني في المنطقة.
ومنذ يوم وصول نظام ولاية الفقيه في عام 1979إلى السلطة بسرقة منجزات نضال الشعب الإيراني، فكانت للدول العربية رؤى مختلفة تجاه هذا النظام متأثرة من سياسات الدول الغربية حياله بحيث نظمت كل واحدة منها علاقات معه حسب موقعها الداخلي والجغرافي ولكنها كانت تدرك أن النظام الحديث العهد الحاكم في إيران هو نظام توسعي وعدواني ومن نوع «اسلام متشدد(!)». لأنه اضافة إلى شعاراته وسياساته المعلنة، قد أجج نيران الحرب مع العراق منذ البداية.
ويأتي مؤتمر القمة العربية الأخيرة التي عقدت في الاردن، ليكون تحولا مهما يبرز هذه الحقيقة حيث كانت خطابات المتكلمين معظمها (من وزراء وزعماء) تشير إلى تدخلات النظام الإيراني في دول المنطقة مشددة على ضرورة التنسيق والتعاون بين الدول العربية لدرء شر هذا النظام. كما أكد الملك سلمان والملك عبدالله عن قلقهما عن تدخلات النظام الإيراني في الشؤون الداخلية لدول المنطقة ومحاولاته لاثارة الفتن الطائفية ومساندة الإرهاب (صحيفة الشرق الأوسط 28 مارس).
كما أشار الرئيس المصري في كلمته إلى تدخلات النظام الإيراني في الشؤون الداخلية للدول العربية وقال: «يجب علينا اتخاذ موقف واضح وحاسم ازاء هذه التدخلات (الإيرانية) موجهين رسالة قاطعة بأننا لن نسمح لأي قوة كانت بالتدخل في شؤوننا». كما قال الرئيس اليمني الشرعي عبد ربه منصور: «النظام الإيراني هو الراعي الحقيقي للإرهاب بشقيه المتمثل بالقاعدة وداعش من جهة والحوثيين وحزب الله ومن على شاكلتهم من جهة أخرى».
وتزامنا مع هذا التطور الاقليمي، نرى موجة من المواقف في أمريكا وسائر الدول ضد سياسة تصدير الإرهاب من قبل النظام وتدخلاته في دول المنطقة».
كما دعا نواب من البرلمان البريطاني من جميع الأحزاب الرئيسية حيث سجلوا مشروع قرار برلماني، إلى طرد الحرس الثوري وعملاء النظام المرسلين إلى دول المنطقة كخطوة أساسية لاستتباب الإستقرار في الشرق الأوسط (موقع البرلمان البريطاني – مارس 2017).
بدورها تبنت لجنة العلاقات الدولية والتجارة الخارجية لمجلس الشيوخ الكندي مشروع قرار لفرض عقوبات على نظام الملالي لانتهاكه لحقوق الإنسان ونشاطاته الإرهابية وكذلك دراسة تصنيف الحرس الثوري في قائمة الإرهاب.
نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس هو الآخر أكد «أمريكا لن تعود تتحمل محاولات إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة». المشرعون الأمريكيون الأقدمون في مجلس الشيوخ وصفوا النظام الإيراني العامل الرئيسي الراعي للإرهاب (السيناتور بوب كوركر في جلسة استماع لجنة الخارجية في مجلس الشيوخ 28 مارس) وأكدوا أن مشروع تشديد العقوبات الصاروخية وفرض العقوبة على الحرس الثوري هو في جدول أعمالنا (السيناتور روبرت مييندز- موقع اسبوتنيك الروسي 29 مارس).
والآن يواجه النظام إجماعا اقليميا ودوليا وضغطا متصاعدا. فقده لباراك اوباما في المشهد الدولي وفقده لروسيا حول سوريا وفقده لنوري المالكي من رئاسة الوزراء في العراق والأهم من كل ذلك، فقدان السيطرة والتوازن بعد موت رفسنجاني وكذلك تفاقم الصراعات الداخلية بين أجنحة النظام هذه كلها تشكل أزمات تمر بالنظام حيث جعلته يعيش في أضعف حاله وستشكل تداعيات هذه الحالات من خيبة الأمل خطرا جادا على انتخاباته في الشهر المقبل لعله يذكر بما حصل في الانتفاضة الشعبية العارمة في عام 2009.
السبب الرئيسي لخوف النظام من العهد الجديد هو أن الموقف الدولي قد تغير برحيل اوباما. لكون سياسة المساومة التي كانت تنتهجها ادارة اوباما قد أقفلت الدول العربية في تعاملها مع النظام الإيراني وكانت التحولات الاقليمية بدءا من سوريا وإلى اليمن ولبنان والعراق كانت مقفلة. والآن ازيح القفل ولهذا السبب يقول السيناتور ميتش ماكونل زعيم الأكثرية في مجلس الشيوخ الأمريكي: «اليوم نحن نستطيع أن نتصدى لأعمال النظام الإيراني في مجال تمويل وتدريب وتسليح الإرهابيين من أمثال حزب الله وحماس ومرتزقتهم في سوريا» (الاسوشيتدبرس 28 مارس).
السبب الآخر لخوف النظام، كان وضع مشروع لفرض عقوبات على الحرس وتصنيفه. وان تصريح بول رايان رئيس مجلس النواب الأمريكي بهذا الشأن خير دليل على هذه الحقيقة. انه قال: «لمواجهة التهديدات الاقليمية والعالمية من قبل نظام الملالي يجب دراسة تصنيف الحرس الثوري في قائمة الإرهاب وتوسيع العقوبات على النظام». وهذا هو الهدف الذي تتابعه المقاومة الإيرانية على قدم وساق وتدعو إلى ادراج الحرس الثوري والمجموعات والميلشيات التابعة له في قوائم الإرهاب الصادرة عن الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وأن يتم احالة ملف جرائم النظام الإيراني في المنطقة إلى مجلس الأمن الدولي. لأنه وبدون تغيير النظام الحاكم في إيران، يبقى أمن الدول والشعوب في هذه المنطقة معرضة للخطر. لذلك تصنيف الحرس الثوري في قائمة الإرهاب هو خطوة مهمة نحو مستقبل أفضل للعالم والمنطقة.
عبد الرحمن مهابادي، كاتب ومحلل سياسي