عاش الشعبان المصري والسوداني من الأزل وسط مشاعر الود والتضامن، في وطن واحد . وعندما اراد شعب السودان الانفصال أيده شعب مصر وتفهم حق الشعوب في تقرير مصيرها.
واستمر التعاون والتضامن بينهما واعدت عدة مشروعات للتكامل ولكن بوغت الشعبان بوقوع انقلابات عسكرية في السودان وقدم اعلي مفاهيم الديموقراطية عندما تخلي اللواء سوار الذهب عن الحكم في سبيل العودة للحكم الديموقراطي .
الا ان ذلك اخاف العسكر من تحالف الشعبين ضد الحكم الدكتاتوري العسكري في البلدين فوقع السودان من جديد تحت الحكم الشمولي .
ولما بدأت نسمات الربيع العربي من تونس قامت ثورة 25 يناير 2011 في مصر وتبعتها سوريا واليمن ثارت المعارضة السودانية العريقة بالدعوة الي العصيان المدني ، ولم يكن امام البشير دكتاتور السودان الذي مزقه في كردفان والجنوب والشرق ابتدع نزاعا وعداوة ضد مصر ظاهرا وكأنه يحرص علي مصالح بلاده – إلا اللجوء الي تأجيج مشاعر شعبنا في السودان ضد مصر صديقة الازل وحبيبة التاريخ مستخدما الخلاف علي منطقة شلاتين .
وكان البشير قد خان مصر لحساب اثيوبيا العدوالدائم للسودان ومصر والمسلمين والارومومن رعاياها.
لم ينس شعبنا في السودان الحروب الاثيوبية ضد السودان ولن ينسي ان الملكة هيلانة الاثيوبية طلبت من امبراطور البرتغال الذي كان يقود حملة ضد المسلمين أن ييقوم بغزواثيوبيا وذبح المسلمين.
ورفض شعبنا في السودان ان ينساق وراء حملات جيش الاحتلال البريطاني التي كانت تهدف لزرع الفرقة فارغم الانجليز علي خوض عدة معارك ضد فصائل سودانية مستخدما جنودا مصريين بالقهر.
السودانيون منذ بداية التاريخ يدخلون مصر ويعملون بها ويتزاوجون من المصريين ولم يخل حكامها العسكر وخاصة محمد نجيب والسادات من عرق سوداني ، كذلك ذهب المصريون للسودان وبقوا فيها وسط كرم وترحاب السودانيين.
اقول هذا وانا واثق بأن شعبنا في السودان ينادي بالحكم الديموقراطي وأنه اصبح من المخجل في كل من مصر والسودان أن يجثم علي صدورهم لعقود طويلة مثل مبارك في مصر وقبله البشير في السودان .
وفي السودان كما في مصر بدا إعلام السلطة في السودان يهاجم مصر ورد عليه اعلام السلطة في مصر بالمثل وهذا ما لم ينجرف معه الشعبان الشقيقان .
والغريب العجيب ان يتحالف البشير مع اثيوبيا بعد خداعه لمصر في مسألة سد النهضة الذي يقتل مصر ويعطشها ويقزمها اخذا في حسبانه ان اثيوبيا اصبحت اقوي دولة افريقية واغناها وطامعا في مكافأة .
ولقد حزن المصريون وحزنت انا شخصيا من نشر تغريدات من شباب سوداني علي حسابي في تويتر يفصح عن مشاعر العداء ويصف اثيوبيا بأنها دولة شقيقة.
لا الوم هؤلاء الشبان والشابات على ذلك، كما لا الوم اي مصري جاهل من المنساقين وراء الاعلام المصري .
ولعل اشقاءنا المثقفين في السودان قد قرأوا بيان رموز الثورة المصرية المذاع من المعارضة في تركيا، والذي يستنكر سياسة البشير ويشيد بالصداقة والود لشعبنا الشقيق في السودان حتي تزول الغمة عن بلدينا ،ونتحد ضد أعادينا ونبقي علي خط ربيعنا العربي!
السفير ابراهيم يسري *كاتب وسياسي مصري