تذكرني المبادرات التي يتظاهر أصحابها بدعم التعديلات الدستورية بمقاربة مدير سابق للتلفزة الوطنية أيام الرئيس معاوية رد على كلام منتقديه المتعلق بعدم احترامه لآراء جمهور المشاهدين بأنه يعتبر جمهور التلفزة الوطنية شخصا واحدا هو رئيس الجمهورية وهذا "الشخص الجمهور" لم يصدر عنه أي استنكار أو توبيخ فصمته يعني القبول وانزعاجه يعني ببساطة إقالة المدير العام وما دام لم يقله فكل شيء على ما يرام.
يذكرني كل هذا بمقاربات إخواننا المبادرين الجدد فبدل أن يكلفوا أنفسهم عناء تقسيم الجمهور المستهدف إلى فئات مساندة أو محايدة أو مناوئة ويحاولوا تعضيد مساندة الأولى وكسب تأييد الثانية وتحييد الثالثة نراهم يتجاهلون كل هذا ويركزون على إرسال إشارة متلفزة للرئيس - إن كان ما يزال يشاهد التلفزيون - بأنهم موجودون ويؤيدون ما طلب وما سيطلب وما سبق له أن طلب.
الإخوة المبادرون لا يكلفون أنفسهم عناء تسويق التعديلات لأنهم لا يتوجهون لأي جمهور ولا يريدون حتى إقناع أنفسهم .. هم يختصرون كل الطريق لمطالبة مجهول "بنعم" فارغة وغير مشروطة قد لا يترتب عليها أي شيء ، وإن أمعنتم النظر في مطلقي المبادرات ستجدونها منطلقة من وزير مهزوز أو رجل أعمال خائف من الضرائب أو مقاول طامح لصفقات التراضي أو موظف طامح لمنصب لا يستحقه أو جنرال طامح لتموقع جديد أو مفسد خائف من بطش المفتشية أو محسوبي قبلي خائف من منافسيه المحليين أو دافع لتهمة أو شبهة .. طبعا هنالك آخرون من دون هؤلاء وأولائك وهنالك المرجفون في المدينة وهنالك المنافقون والغاوون وأكلة السحت وكل هؤلاء لا يفوتون هذا النوع من الفرص الموسمية .. وهنالك بكل أسف طابور إعلامي خامس أو سادس يقتات على الشعبويات في أو قات انبطاح النخب وانعدام الرؤي المهنية واندثار القيم والأخلاق الفاضلة التي أقفرت منها أرضنا منذ عقود من الزمن.
لكن أليس من الموالين رجل رشيد يرفع التأييد إلى مقامات أخرى أكثر ابتكارا؟
هل يتذكر المبادرون الجدد والمخضرمون مصير كل المبادرات التي عرفتها البلاد منذ ثلاثين سنة أو أكثر؟
ألا يستحق "رئيس الفقراء" "الرئيس القائد" "الرئيس المؤسس" "الرئيس الخارق" "رئيس التغيير البناء ومحاربة الفساد" "الرئيس الذي لا يستقيل ولا يقال" مبادرات أكثر مصداقية من هذا الصخب الفولكلوري العبثي المقيت؟
ألم يسمع وزراء ووزيرات الحكومة بشيء اسمه واجب التحفظ لمن تحمل الأمانة العامة؟
هل يمكن الاطمئنان لوزير مصفق مهرج؟
أين الأخلاق والممارسات الديمقراطية السوية؟
متى يكف أصحاب القرائح القاحلة عن إزعاج الموريتانيين بعنترياتهم المجترة التي لا تقنعهم هم ولم ولن تقنع سواهم؟
نقلا عن صفة المدون عبد الله محمدو على الفيسبوك