ورطة الكراهية..! | صحيفة السفير

ورطة الكراهية..!

اثنين, 01/05/2017 - 23:24

تفشى بنا الصمت مثل الوباء..!

معاناة الليبيون مفخخة بالغباء وبدسائس الشياطين الآدميين قبل الأبالسة, ومزروعة بألغام التقاليد الملوثة والمصفحة ضد المثل الإنسانية ومنطق العدل والتراحم..!

مأساتنا أفكارنا.. يبدو الواقع بمجمله خصم تقليدي للمنطق في أغلب أوجهه, وتوغل حياتنا ومفاهيمها في الغرابة, وتغولها وغرقها في وحل اللاحياء عمداً، وتعنتاً بات مشرعناً ومقبولاً ومحمياً, وانسلاخها بأفعالنا وقناعاتنا عن جوهر المعتقد وسبيل السمو، ومنهج الارتقاء الإنساني يزداد تدريجياً بسلاسة مرعبة, ويقبل عليه الجميع ودون استثناء بشراهة تتجاوز الوعي وتدوسه بعنجهية بدائية وغرور شيطاني تليد..!

جوهر حياتنا مأساة, وظاهر مأساتنا حياة..!

ما نعيشه ونعايشه مأساة حقيقية وسقوط رهيب لإنسانية الإنسان، وخريف مرعب للمثل والقيم والضمائر, وعبث شرس بمعاني الوجود الأصيلة, وتطاول فج على القيمة الحقة للانسان وتدنيس لكرامته, ربما نعايش حقبة موت القيم وشيخوخة وجود الإنسان بوصفه إنسان..!

معاناتنا التي نصنعها بأيدينا تتمثل في مسخ الإنسان الذي بداخلنا، وإفراغ القيم من محتواها الحقيقي، وخروجنا المتعمد عن أدوارنا الأصلية، لنمارس أدواراً أخرى لا تناسبنا ولا نتقنها ، بدوافع تغالب فيها الغريزة العقل وتقهره، ليعلو صوت البدائي المكلل بالغرائز، الذي يقطننا بذات رؤاه وأخلاقه وربما بذات ملابسه وأظافره، ليكوننا في زمنٍ اختلفت فيه كل المعايير، وصار التعايش والتكافل والتراحم جوهر الإنسان ومنهج الحياة.!.

تعلمنا الكراهية وعُلمنَاها " بضم العين".. إذ لا يوجد إنسان خلق ليكره سواه بسبب أصله وانتمائه أو دينه أو معتقده السياسي أو رأيه، حدث وتعلمنا أن نكره ونصف الخصم بما يقلل من قيمته كإنسان ونستعديه..!

تورطنا في الكراهية واتخذنا من الزير وهتلر رموزاً نوجه لها احترامنا، أو نحاول أن نعتنق رؤاهم، ونسكب أمراضهم وفظائعهم النفسية فينا وفي أولادنا دون وعي ودون مسئولية، نجاهر بتمني السلام ونعمل بجهد من أجل توطين التفرقة والتشرذم والعداء، ونعود بخبث لنبحث عن شياطين نحملها مسئولية ما يحدث، ونستند ببلاهة ومكر على المؤامرة وسيطرة الآخر، وكأننا جمادات أو قطع أثاث وضع في وطن لا حول لها ولا قوة..!.

لنضع نقطة نهاية للكراهية، ونتحمل مسئولية إنسانيتنا كما يجب..!

نتعود نسيان الانتقام، ونجتر العفو والغفران، ونتقن التسامح، ونعتاد أن نصطدم بالحقائق، ونحتمل الكدمات ليس في أجسادنا بل في قناعاتنا، فاقتناؤنا لقناعات القتل والعداء والثأر والازدراء والتفرقة سيقودنا إلى الهاوية، وليس بمقدور سوانا أن ينقذنا من السقوط والفناء..!

فرصنا تتناقص وخياراتنا تقل وأزماتنا تتفاقم ومآسينا تتوالد، ولا سبيل لتلافي كل هذا سوى السلام، ومعركة السلام هي المعركة التي يجب أن نخوضها ضد أهواؤنا وغرائزنا ونعراتنا الفردية والقبلية، ونجتهد ونجاهد من أجل إحلال السلام، وتحويله إلى  منطق وتفكير وثقافة وواقعاً وحياة..!

إن السلام لا يحتاج منا سوى الارتقاء على مواجعنا، والتنصل من غرائزنا وفرديتنا وقبليتنا وتناسي جراحنا، من أجل الوطن الذي لا يمكن أن يكتسب معنى بدوننا مجتمعين..!

لنتذكر.. أن هنالك مرابين وتجار حروب وقتلة ومفسدين ومهربين، وظلمة ومظلومين في كل بقاع الأرض وعلى مر التاريخ، لا يريدون السلام ولا يرونه حلاً لمآسيهم وأوجاعهم، ولكنهم برغم ذلك يشتهون أن يناموا بهدوء بين أهليهم، وأن يستقبلوا أحبتهم بأمان، ويحتضنوا أبنائهم بطمأنينة، ويقبلوا جباه أمهاتهم بمحبة، ويرافقوا إخوتهم بمودة، وأنهم لم يختبروا الإنسانية التي اتسم بها قدوتنا الكريم عليه الصلاة والسلام، ولم يفقهوا دروس التاريخ وحكاياه، ولم يعتبروا بسقوط مخز لمتكبرين سفهاء..!

لنثق بأن – الأشياء تبدو دائما وكأنها مستحيلة إلى أن نقوم بها..!

 

   

بقلم / عبدالواحد حركات