كشف طلحة جبريل، الصحافي السوداني المقيم في المغرب، عن كواليس الحوارات التي أجراها مع الملك الراحل الحسن الثاني، لفائدة صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، وقال إنّه حينَ التقى الملك الراحل للمرة الأولى لم يكن متهيّبا للّحظة.
وحكى جبريل، الذي حلَّ ضيفا مساء أمس على برنامج "نوسطالجيا" الذي تبثه جريدة هسبريس الإلكترونية، أنَّه حينَ ذهب لمحاورة الحسن الثاني في أول حوار سنة 1985، قال له إنّه سيطرح عليه "بعض الأسئلة المحرجة"، فردَّ الملك الراحل: "لا يوجد سؤال محرج لرجل الدولة، بل جواب محرج"، مضيفا "كان ذلك أوّل درس استفدته من الملك الراحل".
وأردف الصحافي السوداني المخضرم أنَّ تقنيي التلفزيون، الذين كانوا يسجّلون الحوار بالصوت والصورة، طلبوا من الحسن الثاني أنْ تتمّ إعادة جزء من الحوار حينَ ظهر جبريل وهو يرفع فنجان قهوة ويرتشف منه، بداعي أنّ ذلك مخلّ بالبروتوكول، فرفض الملك ذلك، وكان جوابه: "واش انتوما اللي عرضتو عليه ولا أنا؟".
وجوابا عن سؤال حول ما إنْ كانَ الحسن الثاني قد طلبَ منه عدم نشر شيء من الحوار، ردَّ جبريل: "لم يطلب مني الملك أن أحذف شيئا. الملاحظة الوحيدة التي أبداها هي أنّ الحوار طويل جدا، واقترح نشره في حلقتيْن حتى لا يملَّ القارئ"، مضيفا "الحوارات الثلاثة التي أجريتها مع الملك الحسن الثاني نُشرتْ جميعها كاملة ولمْ تُحذف منها أيّ كلمة".
جبريل قال، ردّا على سؤالٍ حول "توظيفه" من لدن نظام الحسن الثاني ضدّ النظام السوداني، "لم يتم توظيفي؛ ما حدث هو أنني التقيتُ معارضين من ضباط عسكريين فُصلوا من لدن نظام عمر البشير، كانوا في القاهرة، وكانت مطالبهم تتجلى في فتح الطريق لهم للسفر إلى الخارج، وتمكين أبنائهم من الدراسة في الجامعات المغربية، وطلبَ مني الحسن الثاني لقاءهم، دون إخبار المصريين بالأمر".
وبفضل "الوساطة" التي لعبها طلحة جبريل، جيء بالضباط العسكريين السودانيين إلى المغرب عبر روما؛ لكنَّ الطريف، يضيف المتحدث، هو أنّ هؤلاء الضباط الذين كانوا معارضين لنظام عمر البشير، تصالحوا معه، بل إنّ منهم من كشف له أنّ طلحة جبريل هو الذي كان وراء قدومهم إلى المغرب.
من جهة أخرى، تحدث جبريل عن الحوارات التي أجراها مع العقيد معمر القذافي، قائلا إنّه اتفق مع رئيس تحرير جريدة "الشرق الأوسط"، التي كان مديرا لمكتبها بالمغرب العربي، على استعمال "شيفرات" من أجل تمويه السلطات الليبية، "قلتُ لرئيس التحرير، إذا قلت إنّ حالة الطقس جيدة فاعلم أنّ الأمور سيئة، وإذا قلتُ إنّ الجو حارّ جدا فاعلم أنّ الأمور جيدة"، يقول المتحدث.
وأضاف أنّ أول سؤال طرحه عليه معمر القذافي بعد استقباله في خيمته، هو "لماذا أرسل السعوديون (أصحاب جريدة الشرق الأوسط)، صحافيا سودانيا لمحاورتي"، فكان جواب الصحافي السوداني: "أنت تدعو إلى الوحدة العربية، فما يضير أن يُبعث صحافي سوداني لمحاورتك؟".
واستطرد جبريل أنَّ الحوار الذي أجراه مع القذافي نُشر كاملا في الطبعة الأوروبية من جريدة الشرق الأوسط، والتي جيء بنسخ منها إلى ليبيا، "وبعد الاطلاع على الحوار قيل لي أنت أصبحت من أصدقاء ليبيا، وسندعوك في كل المناسبات"؛ وزاد أنَّ المقربين من القذافي كانوا يسربون إليه بعد ذلك معلومات مهمة جدا، وظلَّت العلاقة معهم قائمة إلى أن غادر "الشرق الأوسط".
هسبريس