أي ثمن ستدفعه قطر بعد عزلها خليجيا؟ | صحيفة السفير

أي ثمن ستدفعه قطر بعد عزلها خليجيا؟

اثنين, 05/06/2017 - 21:41

قررت المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة قطر وإغلاق المجالين الجوي والبحري من وإلى هذه الدولة الخليجية، وأمهلت أبو ظبي والمنامة المواطنين القطريين في الإمارات والبحرين 14 يوما لمغادرة أراضيهما.

كما أعلنت القاهرة بدورها قطع علاقاتها مع الدوحة وذهبت صنعاء في نفس هذا الاتجاه. فيما علق التحالف العربي مشاركة قطر العسكرية في حربه ضد الحوثيين.

أسباب قطع علاقات هذه الدول مع قطر بحسب التصريحات الرسمية تتراوح بين الرغبة في حماية الأمن الداخلي لهذه الدول من " الإرهاب "، واتهام الدوحة بزعزعة الاستقرار وتقويض الأمن. في حين اتهمت القاهرة الدولة الخليجية باتخاذ سياسة معادية ضدها.
فما تبعات قرار قطع علاقات هذه الدول مع قطر؟ وأي تأثير سيطالها اقتصاديا وسياسيا؟ وماهي العوامل التي حملت هذه الدول إلى اتخاذ هذا القرار؟

معاقبة قطر على تقربها من إيران وروسيا؟

المحلل السياسي والمتخصص في الشؤون الخليجية كريم صادر: " يتساءل إذا كانت هذه الخطوة التي يبدو أنها أتت بإيعاز سعودي قد تحمل في طياتها نوايا لقلب نظام تميم بن حمد آل ثاني وتغيير هرم السلطة في قطر؟ أم هي مجرد محاولة للضغط على الحكومة القطرية التي تربطها علاقات جيدة مع إيران الغريم الرئيسي للسعودية في المنطقة وكذلك مع روسيا التي تتقاسم معها قطر مصالح تجارية ضخمة خصوصا في مجال الطاقة؟"

ويضيف الخبير "قطر لم تبادل أبدا العداء مع إيران، وهي كانت تساير تقريبا سياسة باراك أوباما في المنطقة، حيث انتصب محوران شيعي بقيادة إيران وآخر سني بقيادة سعودية. لكن يبدو أن لإدارة دونالد ترامب رؤية أخرى للنفوذ في المنطقة حيث يبدو أنه مكن الرياض بعد زيارته الأخيرة إلى السعودية من صلاحيات واسعة. وقد تكون هذه الصلاحيات هي التي دفعت الرياض لاتخاذ قرار بهذه الأهمية .
دول مجلس التعاون الخليجي تبدو اليوم مصممة وموحدة حول موقف صارم هذه المرة بعد محاولة أولى للضغط على قطر في 2014 ، حين سحبت بعض الدول الخليجية سفراءها من الدوحة وقدمت قطر بعض التنازلات لتعود الأمور إلى نصابها بعد ذلك ولو نسبيا. هذه المرة أيضا قطر ستُطالب بتنازلات جديدة للعودة إلى "الحظيرة" الخليجية، والاقتراب بشكل أكبر من السعودية التي انتظرت أن يكون الأمير تميم بن حمد أكثر تقربا منها من والده حمد بن خليفة آل ثاني .."
ويقول كريم صادر " توقيت هذا القرار يحرج كذلك قطر التي تستعد لتنظيم تظاهرة عالمية ضخمة وهي كأس العالم 22 ويعطل الاستثمارات والتنقلات التي تعد لهذا الموعد الاستثنائي في تاريخ قطر.

مآل الأزمة مرتبط بالانتظارات السعودية

وعن مآل هذه الأزمة لا يقدم الخبير السياسي كريم صادر تصورا لذلك، ويقول إن مآل هذه الأزمة مرتبط بشكل وثيق بانتظارات وقرارات السعودية أساسا، خاصة أن باقي دول الخليج كالإمارات والبحرين تماهي مواقف الرياض غالبا. أما الكويت وسلطنة عمان فلا نعرف طبيعة الموقف الذي قد يتخذانه وهما عادة أكثر ليونة من مواقف الدول الخليجية الأخرى. في حين أن موقف القاهرة يبدو غير مستغرب لأن مصر تتهم قطر منذ سنوات بدعم الإخوان المسلمين والتحريض ضد الحكم العسكري القائم هناك وتناصبها العداء صراحة.

خسائر اقتصادية ضخمة لقطر ولدول مجلس التعاون نفسها
أما الخبير نادر حداد، المستشار في قاعات التداول -البورصة- فيشير إلى تبعات مباشرة لقطع دول الخليج لعلاقاتها مع قطر حيث سجلت أولى الخسائر على مستوى بورصة الدوحة بعد أن انخفضت قيمة الأسهم القطرية إلى أكثر من 5 بالمئة كما وصلت قيمة أسهم بعض الشركات القطرية إلى حدها الأدنى . ويشير أيضا إلى تأثير وقف الرحلات التجارية بين هذه الدول وقطر ما سيؤثر بشكل واضح على 60 بالمئة من رحلات شركة الطيران القطرية " قطر آروايز" وما سيتبع ذلك من خسائر ضخمة لهذه الشركة.

ويضيف نادر حداد :" قرار طرد القطريين من هذه الدول سيكون كارثيا كذلك لأن الجالية القطرية في دول الخليج ليست جالية اقتصادية من مهاجرين يعملون في قطاعات البناء والتجارة بل هم من المستثمرين ورجال الأعمال وأصحاب المشاريع الضخمة وبالتالي سيتسبب ذلك في خسائر وتعطيلات هذه الاستثمارات حتى في الدول الخليجية نفسها التي تحتضن هذه المشاريع. القطريون لديهم أسهم وشركاء حتى في شركات عقارية كبرى "كشركة إعمار" مثلا وحتى "طيران الخليج" ولديهم عقارات في هذه الدول ...وقد يجبرون مثلا على تصفية أعمالهم وممتلكاتهم في حيز زمني قصير للغاية لا يتجاوز 14 يوما...
كما أن هذا القرار سيتسبب كذلك في تعطيلات في الموانئ التجارية لاسيما ميناء جبل علي الاستراتيجي الضخم في دبي الذي يلعب دورا حيويا في عمليات الشحن في دول الخليج بأكملها وحتى الدول الآسيوية وشبه القارة الهندية ...ومن الطبيعي أن تتأثر بذلك العملة القطرية التي بدأت اليوم قيمتها بالتراجع بعد أن ارتفع عدد العقود الآجلة بـ203 نقطة خلال ساعات أعقبت قرار تعليق العلاقات الدبلوماسية".

الأزمة التي وجدت قطر نفسها في خضمها اليوم تبدو جدية ومجهولة العواقب ومن السابق لأوانه التنبؤ بمآلها إلا أنه من المؤكد أن تؤثر هذه الأزمة على التوازن السياسي في المنطقة التي تحكمها توافقات وتحالفات قوية وتاريخية ومتنافرة في الآن نفسه، فضلا عن أزمات سياسية عميقة على غرار الحرب الطاحنة في سوريا والتوتر في البحرين والحرب المستمرة في اليمن ، والمعارك المتواصلة ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا والعراق.

AFP