صفقة سرية بين ترامب وايران اخطر السيناريوهات بالخليج | صحيفة السفير

صفقة سرية بين ترامب وايران اخطر السيناريوهات بالخليج

جمعة, 16/06/2017 - 18:13

تطرح حالة عدم الوضوح  واللاخطة للتعامل مع ايران ، من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، منذ ما قبل وبعد  الانتخابات الامريكية وبعدها، العديد من التساؤلات على مستوى النخب وفي الاطار الشعبي،  حول الكيفية التي سيتعامل فيها الرئيس الأمريكي ترامب مع الملف الايراني، وهل لديه اكتر من خيار؟ ويبرز هنا بقوة سؤال الحرب,في
ضوء حالة التصعيد والعسكرة التي تشهدها منطقة الخليج.
    من المؤكد ان اللاخطة لن تدوم طويلا ، وأن هناك دوائرامنية و سياسية وعسكرية امريكية  تعكف على دراسة خيارت واسعة ، للتعامل مع ايران، مرتبطة بمعايير وسياقات داخلية وخارجية، ابرزها  : اوضاع الادارة الامريكية غير المستقرة داخليا ,ومستوى العلاقة مع القوى الدولية وخاصة روسيا والصين، واتجاهاتها المستقبلية هل هي لمزيد من التصعيد والتازيم , ام سيتم التوافق على كثير من الملفات  الخلافية سياسيا واقتصاديا ,في ساحات الصراع الدولية؟ وتطورات اوضاع الحليف الإستراتيجي التاريخي (الاتحاد الأوروبي) الذي اصبحت قدرته على الاحتفاظ بوحدته موضع تساؤلات في ظل ازمات اقتصادية عميقة،والنوايا المعلنة  لبعض دوله للانسحاب من الاتحاد ومغادرة اليورو,وتاثيرهعلى تماسك حلف الناتو, اضافة لاوضاع الاقليم المتفجرة وتطوراته , الحافلة بالمفاجات , وتركز الارهاب الرادكالي فيه ,وجميعها ستسهم في ترجيح  أي من تلك الخيارات.
وايا كانت تلك الخيارات، فالمرجح انها لن تكون في صالح ايران ،خاصة وان اركان الادارة الامريكية وعلى راسهم ترامب يجمعونرغم حلافاتهم على ان  ايران دولة ,لا بد من اجراءات ضدها ووقف تهديدها لحلفاء  الولايات المتحدة ,وخاصة اسرائيل ومنابع النفط في الخليج وتدخلها بالمنطقة ، بما يعيق تحقيق الولايات المتحده لمصالحها، ولحين ظهور مؤشرات ودلائل على الشروع بتنفيذ  تلك الخطة الموعودة ،يرجح ان تكون الخيارات التالية مطروحة على طاولات صناع القرار الامرييكي:
 الاول: مواصلة العمل بخيار اللاحرب واللاسلم مع ايران ،خاصة وان الولايات المتحدة تمكنت من التكيف مع هذه الإستراتيجية ، في اطار الاحتواءالمزدوج لايران  والعراق، وعلى مدى سنوات طويلة ,كما ان إيران قدمت “تسهيلات “كبيرة  لامريكا منذ ١١ سبتمبر، حيث اسهمت بانجاح الحرب الامريكية في أفغانستان، ودخلت القوات الامريكية من مناطق الشيعة الموالين لايران في شمال البلاد،  فيما كان لفتوى المرجع الشيعي الابرز في العراق (اية الله علي السيستاني) بعدم اعتراض القوات الامريكية ,مالم تدخل المواقع المقدسة,دورا في انجاز احتلال العراق، يضاف الى ذلك ان هذا السيناريو ، سيمكن امريكا من عقد صفقات بيع اسلحة بمليارات الدولارات مع دول الخليج، في اطار سباق تسلح سيتواصل في المنطقة واستمرار اجواء الشكوك بالمنطقة ، مع مواصلة مشاغلة ايران ووضعها تحت تهديد دائم، للحيلولة دون تحقيقها نجاحات في ساحات عملها بالعراق وسورية واليمن ، وتخفيض مستوى تهديد حزب الله لاسرائيل لأدنى مستوى، وربما تاتي تصريحات ترامب قبل وبعد الانتخابات تجاه ايران والتهديد بالغاء الصفقة النووية التي انجزتها ادارة اوباما عام ٢٠١٥، والتاكيد على ان ايران مسؤولة عن الارهاب في المنطقة ,كما جاء في قمم الرياض في سياقات هذآ السيناريو ،  ومن المؤكد مواصلة ايران ارتكاب خروقات عسكرية وامنية ، ان في العراق او سوريا ولبنان ، اضافة  للتحرش بالقطع البحرية الامريكية والتابعة لحلفائها في مياه الخليج ،غير ان ردود الفعل الامريكية  ستكون محتلفة كليا عما كانت عليه ردود  الفعل, الموصوفة ب “اللينة”التي انتهجتها ادارة اوباما .
   وفي اطار سيناريواللاحرب واللاسلم , فان امام الادارة الامريكية خيارات واسعة للعمل في الداخل الايراني , بالتوازي مع العمل ضد ادواتها في الاقليم, واستثمار التركيبة الديمغرافية لايران , ودعم احتجاجات البلوش في الشرق , والاحوازيين العرب في الجنوب الغربي والاكراد في الشمال الغربي, حاصة وان المعارضة في غالبية  مناطق المعارضة لديها اجنحة مسلحة ,علاوة على استمرار دعم منظمة مجاهدي خلق ,ولا يستبعد ان يسهم هذا السيناريو في تفعيل الخلافات الداخلية بين الاصلاحيين والمتشددين في ايران، خاصة وأن الرئيس روحاني حقق نجاحا  على اساس برنامج تصالحي مع الغرب ،بعد الرفع  الجزئي للعقوبات على ايران، ويرجح ان يحقق روحاني نجاحات ويثبت صحة مقارباته، وهو السيناريو نفسه الذي راهن عليه اوباما، بأحداث تغيير من داخل إيران, رغم الصعوبات التي سيواجهها من قبل التيار المتشدد.
الثاتي: شن حرب على ايران، او توجيه ضربة عسكرية، تضبط السلوك الايراني وتحد من طموحاته ، ورغم ان هذا السيناريو يتربع على هرم الاهداف الاستراتيجية لحلفاء امريكا في المنطقة ، واقرب الخيارات الشخصية  للرئيس الامريكي ، الا ان عدة عوامل تعترض تنفيذه ، ابرزها :حالة عدم التوافق والانسجام في الادارة الامريكية، أوضاع الاتحاد الاوروبي، والتحفظ على سياسات ترامب ، خاصة من قبل فرنسا والمانيا ، وضعف موقف الحكومة اليمينية في بريطانيا، بالاضافة لعدم وضوح حدود التفاهمات الامريكية مع روسيا والصين،  اللتين تبديان شكوكا عميقة بسياسات  ومواقف ترامب.
   وبالرغم من ذلك،فان هذا السيناريو يبدو محتملا ، اذا ما تم التعامل معه من قبل الادارة الامريكية والرئيس ترامب ، باعتباره حلا مثاليا لازمات ترامب والادارة الامريكية , خاصة الداخلية المركبة والمعقدة ،  ويبد انه سيعاني اكثر في ملف علاقته مع روسيا ودورها في التدخل بالانتخابات  التي حملته للرئاسة،حيث يتردد انه سيتم التحقيق مع الرئيس الامريكي من قبل الكونغرس, على خلفية ما يتردد حول تعاونه مع الروس بالانتخابات واعاقته اجراءات التحقيق ,بالاضافة للازمة الاقتصادية الحادة في امريكا ، وتراجع شعبيته وفقا لاحدث استطلاعات الراي العام  ، حيث يفترض بحرب امريكية ضد ايران ان تنهي الجدل المحتدم حول تلك الازمات، ويملك ترامب الكثير من المبررات لشن تلك الحرب ، في ملفات النووي الايراني ، ومنظومات الصواريخ البالستية ، ودور ايران في ملفات المنطقة والشكوك حول علاقتها بارهاب داعش والقاعدة. ,بالاضافة للظهور بموقف يخالف مواقف الادارة السابقة. وكما حال ترامب الذي سيصدر ازمته للخارج وفق هذا السيناريو ،فان تيار المتشددين،سيتعامل مع سيناريو الحرب،او الضربة العسكرية  لافشال التيار الاصلاحي ، الذي سيكون اكثر ضعفا ، وسينخرط مع الاتجاهات القومية التي يمثلها التيار المتشدد، تلافيا لاتهامه بالخيانة,على المستوى الداخلي, فيما سيحرك ادواته واوراقه في الخارج .
   الثالث: صفقة امريكية ايرانية، تحقق للادارة الامريكية وترامب نجاحات اقتصادية شعبية ,وفي اوساط القوى الفاعلة امريكيا في الاقتصاد الامريكي من شركات ومجمعات صناعية كبرى وغيرها ، والتي تشكل قوى ضغط امريكية معروفة بالتأثير على قرارات وتوجهات اية ادارة امريكية .
  ربما يبدو هذاالسيناريو غير موضوعي والاقل احتمالا باختياره، لكن عوامل كتيرة تؤيده ، منها شخصية ترامب المولع بالصفقات وبمليارات الدولارات، كما ان  لدى الجمهوريين تاريخ حافل وسوابق ,بعقد صفقات مع ذات القيادة الايرانية،(ايران غيت) ،ومؤخرا صفقة الطائرات المدنية الأمريكية مع ايران , التي نفذت في عهد ترامب بحوالي ٢٠ مليار دولار، وتدرك ايران ان ما يمكن ان تقدمه لترامب ، ربما  يفوق ما قدمته دول الخليج العربي، اذا ما تم تخفيف العقوبات، حيث ان ايران تشكل بلد الفرص الواعدة، في ظل بنية تحتية متهاوية ، في كافة القطاعات وخاصة النفط والغاز والنقل والتكنولوجيا وغيرها.
ومع ذلك فان تحقيق هذا السيناريو ، تكتنفه جملة تساؤلات ، ابرزها الى حد ستقبل الادارة الامريكية بمطالب وشروط  إيران، وهل تتخلى ايران عن حلفائها  الروس والصينيين .
وبصرف النظر عن عوامل قوة وضعف هذا السيناريو ، الا انه لا يمكن اسقاطه ، ولا بد ان يبقى مطروحا على طاولات البحث لدى صناع القرار في المنطقة ، من قبل حلفاء وخصوم الولايات المتحدة والفاعلين الدوليين ، وفي الوقت الذي سيقوي هذا السيناريو مواقع تيار التشدد مؤقتا في ايران ,الا ان نتائجه البعيدة ستكون في صالح الاصلاحيين، وسيكون العرب هم الطرف الاكثرخسارة من اية صفقة محتملة.

 

عمر الرداد

كاتب اردني