شاهدتُ كما شاهد كثيرون، مقطعاً من مقابلة للمرحوم الشيخ زايد، يتحدث فيه عن وزير خارجية قطر السابق حمد بن جبر ، عندما اتهم الإمارات باحتضان الإرهابيين، وقد لفت نظري جواب الشيخ زايد، حينما قال "إن هؤلاء الأشخاص إذا كانوا إرهابيين فقد جاءوا من الديار القطرية"، وهو جوابٌ جامع مانع، ومفحمٌ،إذ الاتهامُ هشٌ، وأحسن وصفٍ يمكن أن يوصف به أنه "كلام زعاطيط" على حد وصف الشيخ زايد "رحمه الله" في المقابلة، مؤكداً عدم التعامل مع حمد بن جبر، إن هو كرر هذا الكلام.
وللتوضيح فكلمة "زعطوط" في الدارجة الإماراتية تطلق على الطفل، أو من هو في حكمه، كالشخص البالغ الذي يتصرف كالطفل، وتصدر منه سلوكيات رعناء وغير مقبولة.
كان واضحاً استياء المرحوم الشيخ زايد من ذكر مصطلح الإرهاب في الإمارات، حيث بذل الرجل حياته في نشر التسامح وبث روح الأخوة بين شعوب العالم، معتمداً في ذلك على إنسانيته وحبه لأخيه ما يحب لنفسه .
أما القيادة السياسية في قطر، فكانت متصالحة مع مصطلح الإرهاب وأهله، وقد شهد العقدان الأخيران من الزمن على ذلك.
بعد هذه الحادثة، استمر النظام القطري في سياسة "الزعاطيط"، لكن بالأفعال وليس بالأقوال، فغَدت دار حمد بن خليفة منتدى للإرهابيين، من دخلها كان آمناً، وتنادوا عليها من جميع بقاع الأرض، وأضحت كعبة كل من انتهج الإرهاب والقتل باسم الدين طريقاً لحياته، وبالطبع روّجت الدار ودعمت بالمال والسلاح كل من سوّلت له نفسه قتل أخيه، بحجة خلاف في الرأي الديني .
هلّل نظام الدوحة لتنظيم القاعدة، وأطلق العنان لعناصره، يسرحون ويمرحون، في طول الدوحة وعرضها، وجعل من أسامة بن لادن بطلاً وحامياً لحمى جزيرة العرب والإسلام والمسلمين، ومنحه صفة "الشيخ"، كما دعم أغلب المنظمات المصنفة دولياً على قائمة الإرهاب، واستضاف شخصيات مزعزعة للاستقرار في أغلب الدول العربية، ووفر لها الظروف المناسبة في الدوحة، ليتخذوا من الدوحة منصة وصرحاً لإرهابهم للمواطنين الآمنين في بلدانهم.
الحديث عن علاقة قطر بالإرهاب، غيْضٌ من فيضٍ، وقد شهد بذلك القاصي والداني، لكن الفرق بين من تصفه الدوحة بالإرهاب ومن تدعمه الدوحة ليمتهنَ الإرهاب كبيرٌ جداً، فمن وصفهم حمد بن جبر بالإرهابيين كانوا يرفضون العقوق، ويرغبون في استعادة الشرعية للبلاد، بعد انقلاب الولد على الوالد، إذا صحت رواية حمد بن جبر، أما من تدعمهم الدوحة فهم ملةٌ واحدة، يختلفون في المسمى التنظيمي، ويتحدون في إرهاب المسلمين وتكفيرهم وسفك دمائهم.
مصطلح "كلام الزعاطيط"، الذي استخدمه المرحوم الشيخ زايد سياسياً في وصف القيادة القطرية، استخدمه أغلب المشاهدين العرب لشاشة الجزيرة بعد عرضها الأسبوع الماضي للفيلم الوثائقي الذي سموه "إمارات الخوف".
حيث بدأ الفيلم الوثائقي الحاقد بسيدة أقرت، في أول كلمة في الفيلم، أنها لم تزر الإمارات، ثم تتدخل في فقرة أخرى لتقول"سمعتُ أن الإمارات .." وبذلك تدخل في نطاق(شاهد ما شاف شي حاجة) ، أما الضيوف الآخرون فمنهم من يتحدث عن بدهيات حقوقية، دون أن يذكر الإمارات بشطر كلمة، وربما يعني بتلك البدهيات سويسرا أو فنلندا... أما بقية الضيوف فيعرف القاصي والداني أنهم صناعة قطرية رديئة، ومن ألدّ أعداء الإمارات، مثل العضو في تنظيم الإخوان أنس التكريتي وغيره.
كان فيلماً في غاية الإسفاف والدعاية الفجّة، ومن الواضح أن حقدهم على إمارات الخير والسعادة أعماهم، لينتجوا هذا العمل المضحك.
لا غرو أن يفتري نظام حمد بن خليفة على الناس، ويقلب الحقائق، لكن كذبته هذه المرة كانت كبيرة جداً، إذ لم يقلب حقائق، لانعدامها لديه أصلا، فأن تحاول تقديم الإمارات، التي يتعايش فيها أكثر من مائتي جنسية مختلفة الأعراق والأديان على إنها إمارات الخوف، فذلك ما لن يصدّقه عقل.. ففي هذه البقعة من الخليج لا يخافُ غيرُ الإرهابي، الذي لا مكان له في مجتمع السلم والسلام الإماراتي.