الغضب الإسرائيلي على تركيا | صحيفة السفير

الغضب الإسرائيلي على تركيا

ثلاثاء, 22/08/2017 - 15:55

لا تزال معركة المسجد الأقصى مفتوحة مع حكومة نتنياهو المحاصرة بملفات الفساد والغارقة في أزمة الثقة التي تتهددها مع تزايد الأدلة حول تورطها في صفقات فاسدة ومشبوهة، وفي ظل الوضع الراهن لا تجد حكومة الاحتلال وأذرعها الإعلامية خيراً من تصدير أزمتها للخارج وافتعال الازمات مع الدول التي تناصر المرابطين في المسجد الأقصى، وفي مقدمتهم تركيا وحكومة العدالة والتنمية الحاكمة.
تشن حكومة اليمين المتطرف في تل أبيب، والنخب الأمنية ومراكز التفكير ووسائل الإعلام الإسرائيلية المؤيدة لها حملة شرسة على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مدعية أن له دورا في إشعال الأوضاع في القدس المحتلة، من خلال دعمه غير المتردد لمطالبة الفلسطينيين بإزالة البوابات الإلكترونية عن مداخل المسجد الأقصى، ومهاجمته إسرائيل بسبب إجراءاتها الأخيرة.
نخب إسرائيلية موالية لنتنياهو أو مقربة منه خرجت على الإعلام لتزعم أن الدور التركي، يعد أحد أهم العوامل التي شجعت الفلسطينيين على المضي في احتجاجاتهم، وصولاً إلى تحقيق هدفهم برفع البوابات. وحمل كيان الاحتلال بشكل خاص على الخطاب الذي ألقاه أردوغان، في البرلمان التركي والذي شدد فيه على أنه لا يوجد لإسرائيل أية سيادة في الحرم والقدس الشرقية، وأن عاصمة كيان الاحتلال هي تل أبيب، كما أن القدس الشرقية هي عاصمة فلسطين؛ إلى جانب دعوته للمسلمين في أرجاء العالم بالتوجه للأقصى لتأكيد حقهم فيه.
الرئيس التركي، أكد أن الإجراءات التي يتخذها كيان الاحتلال بحجة مكافحة الإرهاب ليست إلا وسيلة لأخذ المسجد الأقصى من المسلمين. وخلال كلمته في الاجتماع الأسبوعي لكتلة العدالة والتنمية البرلمانية، قال أردوغان: «إن ما يحصل الآن بحجة مكافحة الإرهاب، ليس إلا محاولة لأخذ المسجد الأقصى من يد المسلمين، لقد تمت إزالة البوابات الإلكترونية، ونتمنى أن يحصل الباقي». ودعا جميع المسلمين إلى زيارة الأقصى: «أدعو جميع المسلمين في العالم ممن لديهم الإمكانيات أن يتوجهوا لزيارة القدس والمسجد الأقصى تطبيقاً لوصايا النبي، ومن لا يستطيع أن يذهب فليرسل المساعدات لإخوتنا الموجودين هناك».
المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، إيمانويل نحشون، رد على خطاب أردوغان، في سلسلة تغريدات على حسابه على «تويتر»، واصفاً الخطاب بـ»التافه والباطل ولا يعبر عن الواقع»، داعياً أردوغان إلى الاهتمام بشؤون بلاده الخاصة.وادعى المتحدث الإسرائيلي بأن الحكومة التركية «تقمع الأكراد وتعتقل الصحافيين»، قائلاً إنه يتوجب على تركيا أن تعي أن «عهد الدولة العثمانية قد ولى». في المقابل، ردت الخارجية التركية على تغريدات الخارجية الإسرائيلية بالقول إن مثل هذه المواقف، لن تنجح في التغطية على حقيقة أن القدس الشرقية تعتبر أرضاً محتلة، وأن بقاء هذا الواقع لن يسهم في توفير بيئة لحل الصراع القائم.
المعلقون الإسرائيليون المقربون من نتنياهو قارنوا بين الموقف «المتطرف» الذي عبر عنه أردوغان من أحداث الأقصى، وبين المواقف «المعتدلة» التي صدرت عن بعض دول الخليج، ولا سيما السعودية، على حد تعبيرهم. وقال المعلق، فيزات رفينا، إنه في الوقت الذي «لم يتردد فيه السعوديون في التعبير عن تفهمهم للمتطلبات الأمنية لإسرائيل في المسجد الأقصى، نجد أن أردوغان يحاول إشعال المنطقة».
وفي مقال نشرته، صحيفة «ميكور ريشون» اليمينية، قال رفينا إن السعوديين، بعكس أردوغان، اقتنعوا بالتبريرات التي قدمها نتنياهو لهم لتسويغ وضع البوابات الإلكترونية، معتبراً أن الخطاب الذي ألقاه أردوغان في البرلمان التركي، وتناول موضوع المسجد الأقصى «يقترب من الخطاب المعادي للسامية». وزعم رفينا بأن أردوغان لم يرد أن يتم وضع نهاية للأحداث لأنه «تعمد التحريض على إسرائيل، بعدما شرعت شرطتها في إزالة البوابات الإلكترونية»، مُضيفاً أن أردوغان لم يكتف بتحريض الفلسطينيين، بل بتحريض العالم الإسلامي كله ضد «إسرائيل».
بدوره، زعم «مركز يروشليم لدراسة الجمهور والمجتمع» اليميني، بأن تركيا هي المسؤولة عن إثارة الأحداث الأخيرة في المسجد الأقصى، مدعياً أن سياحاً أتراكاً يقدمون للصلاة في الأقصى ويقومون بتحريض المصلين الفلسطينيين.
وفي مقال كتبه الباحث بنحاس عنبري، أمس، ادعى أن أردوغان يهدف من خلال «إثارة المشاكل في الحرم إلى طرد إسرائيل والأردن من الحرم»، زاعماً أيضاً بأن «مؤسسات تركية جاءت للقدس، أخيراً، وتقوم بجمع التراث الذي يربط الدولة العثمانية بتاريخ القدس». ودعا عنبري الحكومة الإسرائيلية إلى استخلاص العبر من الأحداث الأخيرة، والحرص على عدم تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى «وذلك لقطع الطريق على تركيا للتدخل»، محذراً من أن التدخل التركي جعل أزمة الأقصى «أزمة إقليمية».
تثبت حكومة الاحتلال أنها ماضية في الاعتداء على المسجد الأقصى والمرابطين لأجله يومياً، وما قرار إغلاق مكاتب قناة الجزيرة وسحب بطاقات صحافييها سوى حلقة جديدة من الاعتداءات وسياسة تكميم الأفواه التي تنقل الحقيقة والواقع للعالم العربي والإسلامي حول ما يجري في المسجد الأقصى والممارسات الإسرائيلية بحقه، فيما تكتفي دول عربية تزعم ريادتها وترؤسها للعالم العربي والإسلامي بتفهم دوافع حكومة الاحتلال، وتخجل حتى عن إصدار بيانات النصرة والتأييد لمرابطين لم ولن ينتظروا أي دعم ممن خذلهم في الماضي.. ولا يزال!

 

 هشام منور