سوف يتوجّه الألمان إلى صناديق الإقتراع في 24- 9- 2017 لإختيار قائد جديد . هذه الإنتخابات هي استفتاء على بقاء أو رحيل المستشارة أنغيلا ميركل ألتي تخوض الإنتخابات للمرّة الرابعة، وعلى مواصلة ألمانيا القيام بدورها كقائدة سياسيّة واقتصاديّة للقارّة الأوروبيّة .
المنافسة في هذه الإنتخابات ستكون بين أكبر كتلتين سياسيتين في البلاد : الأولى تمثّل الوسطيّة الألمانيّة، وسط اليمين بقيادة الإتّحاد المسيحي الديموقراطي الذي تتزعّمه ميركل، ووسط اليسار بقيادة الحزب الإشتراكي. والثانية هي الأحزاب الشابة الوليدة ويمثلها حزبا البديل من أجل ألمانيا اليميني القومي العنصري المعارض للهجرة، وحزب الخضر ذو الأيديولوجية المنفتحة على الأجانب.
قبل ستّة أشهر تقريبا، وبعد أكثر من 11 عاما في السلطة، كانت ميركل في موقف سياسي صعب بسبب سياساتها المتعلّقة بالهجرة التي كانت مرفوضة شعبيّا في القارة . في ذلك الوقت كانت مشكلة التعامل مع المهاجرين هي الشمّاعة التي استغلّتها أحزاب اليمين الأوروبي لكسب الرأي العام والوصول إلى السلطةتزداد قوّة، وكانت هناك مخاوف حقيقية أن تصل مارين لوبان زعيمة حزب الجبهة الوطنيّة العنصري إلى الرئاسة الفرنسية، وكانت استطلاعات الرأي في ألمانيا تشير إلى أن الشعب الألماني كان تعبا من ميركل ويودّ تغييرها.
لكن الوضع في عدد من دول القارّة قد اختلف بعد فشل اليمين الأوروبي المتطرف، وخاصّة الفرنسي، في الوصول إلى السلطة، وتغيّرت موجة العداء للهجرةأيضا في ألمانيا حيث إن الإتّحاد الديموقراطي المسيحي الذي تتزعمه ميركل يتمتّع بتأييد ما يزيد عن 40 % من الناخبين الألمان، ما يكفي للفوز بالإنتخابات القادمة ولهذا فإن إعادة انتخاب ميركل شبه مؤكد .
إن إعادة انتخاب السيدة ميركلللمستشارية سيعزّز موقع ألمانيا القيادي في الإتّحاد الأوروبي وألقارّة ككل، ويمكّنها من الظهور كأقوى زعيم أوروبي قادر على الدفاع عن مصالح القارة، وسيدعم موقفها كمعارض صلب للرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي إنتقدت سياساته الأوروبية والدولية، وشكّكت في التزامه بما التزم به رؤساء أمريكا تجاه ألمانيا منذ الحرب الكونية الثانية.أما علاقاتها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فإنها قائمة على الشكّ المتبادل، لكنها من المتوقع أن تعمل معه لخدمة مصالح بلادها، ومنع أوروبا من الإنزلاق في خلافات ونزاعات قد تؤثر على استقرارها وازدهارها.