الشعب الفلسطيني متفائل بإنهاء الانقسام هذه المرّة لعدد من الأسباب منها وصول الأطراف الفلسطينيةالمتنازعة إلى قناعة بأن الانقسام جريمة بحقّ شعبناولا يخدم إلا الاحتلال الاسرائيلي، وإن الوضع العربي يزداد تردّيا وعجزا عن تقديم الدعم المطلوب لقضيّتنا، وإن التعامل مع المجتمع الدولي يتطلّب إجماعا فلسطينيّا على استراتيجيّة موحّدة وواضحة تساعد شعبنا في دحر الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
الشعب الفلسطيني الذي رفض الانقسام منذ يومه الأوّل يريد إقامة دولة قانون ومؤسّسات ديموقراطية حديثة لا تقصي أحدا. دولة تبني مؤسسات تعليمية وصحيّة واداريّة واقتصاديّة وثقافيّة، وتحترم إرادة الأغلبيّة، وتحافظ على كرامة الجميع وتحميهم وتساوي بينهم، وتضمن حريّة التعبير، وتسمح للأحزاب السياسيّة ومؤسّسات المجتمع المدني أن تعمل بحريّة لما فيه خير الوطن والمواطن.
ولهذا فإنّنا نحيّي مبادرة حماس الشجاعة واتخاذها قرارات هامة لإنهاء الانقسام وتخفيف معاناة أهلنا في غزّة، ونأمل أن تسارع السلطة الوطنيّة الفلسطينية في إنهاء خلافاتها مع حماس، وتعمل معها ومع الفصائل والقوى السياسية الفلسطينية الأخرى على توحيد الصفوف، وإجراء الانتخابات الرئاسيّة والتشريعيّة والجهويّة في أقرب وقت ممكن، وتوجيه كل الجهود للخلاص من الاحتلال.
نحن سعداء لأن الجميع وصل إلى قناعة مفادها أن الانقسام كان كارثةويجب علينا جميعا إنهاءه في أسرع وقت ممكن. وإننا نأمل أن الأحزاب والقوى السياسيّة الفلسطينيّة قد تعلّمت درسا هاما من تداعياته السيّئة، وإنها ستغيّر أسلوب تعاملها فيما بينها ومع الشعب، فتركّز على جوانب التوحيد والتلاقي والاتّفاق وتتجنّب ما يسبّب الشقاق ، وان يكون اتفاقها واختلافها مرتبطان أولا وأخيرا بمصالح الوطن وارادة المواطنوبما يجب عمله لمقاومة الاحتلالوتجذير وتعزير الممارسات الديموقراطية في كل مدينة وبلدة وقرية فلسطينية.
القاعدة التي يقوم عليها النظام الديموقراطي التعدّدي هي وجوددستور دائم وقوانين تحمي حقوق المواطنين، وانتخابات نزيهة يقول فيها الشعب كلمته ويختار ممثّليه بحرّية، وأحزاب سياسية جماهيرية فاعلة تؤمن بأيديولوجيات سياسية مختلفةوتتنافس من أجل الوصول إلى الحكم أو المشاركة فيه من خلال تمثيلها في السلطات التنفيذيّة والتشريعيّةوالبلديّة الذي تقرّره نتائج الانتخابات.
الشعب الفلسطيني شعب متعلّم ومتعدّد الانتماءات السياسية والدينية والفلسفية ويدرك جيّدا أن الاختلاف في الآراء والمعتقدات أمر طبيعييجب احترامه والتعامل معه بالحوار البناء الذي يقود إلى تسخير كل الجهودلبناء مؤسّسات الدولة الفلسطينية القادرة على حماية حريّتهوأمنه. إنّه يريد نظاما ديموقراطيا مبنيا على دستور دائم وقوانين تحمي المواطنين، وانتخابات نزيهة يقول فيها الشعب كلمته ويختار ممثليه بحريّة.
ويريد أحزابا سياسيّة جماهيريّة فاعلة تحترم فلسفاتهاالسياسيّة المختلفة، وتتنافس على السلطة بأساليب أخلاقيّة حضاريّة، وترفض الاقصاء، وتحترم التعدّدية السياسية والفكرية والدينية والتداول السلمي للسلطة، وتستطيع أن تقرأ الواقع الفلسطيني والعربي والدولي قراءة صحيحة بدون انفعالات ومزايدات، وتعمل لتجنيد طاقات أبناء فلسطين في الداخل والشتات وتسخرها لتحقيق كل ما يخدم الوطن والمواطن.
هذا بعض ما يحتاجه شعب " الجبارين " الذي لم يتمكّن الصهاينة ومن يدعمهم في الغرب والشرق من هزيمته واخضاعه بعد قرن من المؤامرات والحروب والظلم الذي ألحقوه به، وسيظل شامخا عنيدا مناضلا حتى يتمكن من الحصول على حقوقه وإقامة دولته المستقلة.