الكاتب/مولاي إدريس ولد العربي
في إطار الاحتفالات المخلدة لذكرى عيد الاستقلال الوطني دأبت السلطات العليا في البلد خلال السنوات الأخيرة على تنظيم هذا الحدث الوطني الهام تحت قيادة فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز، وذلك خارج العاصمة انواكشوط حيث تشهد هذه المناسبة تنظيم العديد من الأنشطة الإحتفالية من عروض عسكرية كبيرة، وسباقات للخيالة والجمالة وغيرها من الأنشطة، كما تشهد هذه المناسبة العزيزة على المواطنين القيام ببعض التدشينات الهامة لكبريات المشاريع التنموية في البلد.
وبعد أن تم تخليد الذكرى السادسة والخمسين على مستوى ولاية داخلت انواذيبو، وتحديدا العاصمة الاقتصادية للبلد مدينة انواذيبو، فقد أعلن فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز عن تنظيم الذكرى السابعة والخمسين على مستوى مدينة كيهيدي عاصمة ولاية كوركول.
ولاشك أن مثل هذه العادة الحسنة التي ابتدعها رئيس الجمهورية سيكون لها الانعكاس الإيجابي على هذه الولايات بشكل خاص وعلى الوطن عموما بشكل عام، وذلك من خلال تحريك الدورة الاقتصادية للبلد، وجلب الاستثمارات وضخ العديد من الموارد المادية التي ستسهم لا محالة في الرفع من الشأن التنموي لهذه المناطق، والتعريف بها.
وتبعد مدينة كيهيدي عاصمة ولاية كوركول حوالي 415 كلم من العاصمة انواكشوط. وتضم الولاية أربعة مقاطعات وهي مقاطعة كيهيدي المركزية، مقاطعة امبود، مقاطعة مونكل، ومقاطعة مقامه.
وتعد هذه المناطق من الوطن مناطق زراعية ورعوية بامتياز، حيث تتواجد فيها مختلف أنواع الحيوانات من أبقار، وغنم، وابل بأعداد معتبرة. كما تتميز الولاية بتوفرها على غطاء نباتي معتبر. ويوجد بالولاية كذلك أحد أهم المشاريع الزراعية في البلد ألا وهو مشروع سد فم لكليته الكبير الذي تم تشييده في بداية الثمانينات من القرن الماضي على جبل واوه حيث يحبس هذا السد أكبر بحيرة مائية في المنطقة، وهي بحيرة سد فم لكليته والتي يقدر احتياط مخزونها المائي بما يناهز مليار متر مكعب من المياه.
وبالرغم من أن البحيرة تروي العديد من الهكتارات المستصلحة لزراعة الأرز والسكر والخضروات وعينات أخرى من الحبوب، فقد استطاع النظام الحالي في السنوات القليلة الأخيرة أن يقوم بأكبر انجاز لتوفير المياه الصالحة للشرب للعديد من القرى الواقعة على خط مثلث الأمل بمناطق آفطوط وما يجاورها، وذلك من خلال مد الأنابيب لجلب مياه الشرب لعدد كبير من المواطنين.
وتتعايش في هذه الولاية مختلف القوميات والفئات المكونة للنسيج المجتمعي الوطني، حيث تتحدث معظم الساكنة بمختلف اللغات الوطنية الحسانية، البولارية، السوننكية، والوولفية.
وتحتوي الولاية على مساحات زراعية شاسعة، خصبة وهامة حيث توجد بها مختلف أنواع الزراعات المطرية والفيضية والمروية، والزراعة ما خلف السدود، حيث أن الكميات المنتجة سنويا من الحبوب كبيرة تسد غالبا الحاجيات المحلية للسكان، ويتم تصدير الفائض إلى الولايات والمناطق المجاورة.
وحسب الدراسات الجيولوجية التي أقيم بها فإن الولاية تحتوي على اكبر احتياطي من معدن الفوسفات النفيس، إلا أن هذا المخزون لا يزال في أعماق الأرض حيث لم يتم استغلاله حتى الآن.
وجدير بالذكر هنا على أن إقامة مثل هذا الحدث الوطني الكبير في ولايات الداخل سيسهم لا محالة في التعريف والتعرف على مقدرات هذه المناطق الاقتصادية، والإطلاع على مستوى التقدم الحاصل في المجالات الأخرى، وكما أنه سيساعد في التحسين والتطوير من المستوى التنموي لهذه الولايات مع مراعاة الخصوصية الجغرافية والاقتصادية لكل منها على حدة.
وستكون ولاية كوركول بحول الله وقوته على موعد مع التاريخ في الثامن والعشرين من نوفمبر2017.
وإذا كانت ولاية كوركول في هذه الأيام محطة أنظار الجميع في الداخل والخارج لما ستشهده في الأيام القليلة القادمة من إقامة أكبر حدث وطني ولأول مرة في تاريخ البلد تحت إشراف فخامة رئيس الجمهورية، وبحضور السلطات العليا في البلد، فإن السؤال الذي يبقى مطروحا هنا هو هل سيسجل التاريخ لولاية كوركول أنه ولأول مرة كذلك في تاريخ موريتانيا الحديثة، وفي عهد الرئيس محمد ولد عبد العزيز ستشهد هذه الاحتفالات المخلدة للذكرى المجيدة تتويجا لأهم الإصلاحات المقام بها في البلد، وذلك من خلال تطبيق بنود الحوار الوطني الشامل الذي جمع أحزاب الأغلبية المدعمة بعدد من أحزاب العارضة المحاورة، والعديد من الكتل والشخصيات النقابية والمستقلة، وخاصة البند المتعلق منه بالعلم والنشيد، فهل يا ترى سيعزف ويلحن النشيد ويرفع العلم الوطنيين الجديدين وللمرة الأولى على ارض، وفي سماء مدينة كيهيدي الجميلة عاصمة الولاية؟