"هذه ليست لحظة تاريخية لي بل لسيدات مصر والعرب وأفريقيا بشكل عام". هكذا عبرت السباحة المصرية فريدة عثمان عن سعادتها بحصولها على برونزية سباق 50 متر فراشة في بطولة العالم التي أقيمت مؤخراً في بودابست عاصمة المجر التي تم أختيارها مؤخراً لجائزة أفضل رياضية أفريقية لعام 2017 في حفل الجوائز السنوي لاتحاد اللجان الأولمبية.
للأسف الشديد كثيرون في الوطن العربي لا يعرفون هذه البطلة. فلم تسلط عليها الأضواء بالقدر الكافي. وكثيرون ممن يعرفونها لا يرونها سوى فتاة منحلة خارجة عن القيم والتقاليد. تسبح بملابس السباحة المعروفة! فربما يعتقدون أنها يجب أن تسبح بجلباب. ويتداول البعض الأمر من الناحية الشخصية وليس من الناحية الرياضية ! ما يقودنا إلى الحديث عن وضع المرأة في المجتمعات العربية. فالفتاة صاحبة الاثنين والعشرين عاماً تفتخر بالعرب ولكن السؤال هل يفتخر العرب بها؟! كم هي نسبة الّذين يعرفونها أصلاً من العرب ؟! لماذا لم يُسلط عليها الضوء في الإعلام العربي كنموذج مشرف للمرأة العربية؟! إذا لم تكن هذه الفتاة نموذجاً للمرأه العربية فمن تكون النموذج الذي يريدونه؟! لماذا يريدون إلغاء وطمس نصف المجتمع العربي في حين أنه يسير فاقداً أحد جناحيه، بل أهم جناحيه. فكما يقول فان هرست "إذا علمت رجلاً فإنك تعلم فرداً, وإذا علمت امرأة فإنك تعلم جيلاً".
لماذا يقاتل البعض حتى لا تأخذ المرأة حقها في التعليم والعمل والمواطنة بل في الحياة؟! ولماذا أصبحت المرأة فريسة في مجتمعاتنا العربية؟!
لعلً الإجابة على جميع هذه الأسئلة هي أننا شعوب أصابها الانفصام التام. فنكتفي بمشاهدة المرأة في الأفلام الإباحيّة. ونتودّد ونتذلّل لها في الإنبوكس والغرف المغلقة. وفي نفس الوقت نريد أن نهينها ونتحرش بها ونلغي وجودها في العلن!! والرجل الذي يشتكي من تفاهة زوجته هو نفسه الذي يمنعها من العمل والحياة العامة!!
لا أريد أن أخوض في أهمية دور المرأة في المجتمع فهو أمر يعرفه القاصي والداني ولا يحتاج شهادة مني أو من غيري. ولا أريد أن أعدد المناصب التي تبوّءتها المرأة في العالم بنجاح منقطع النظير فيوجد امرأة رئيسة ورئيسة وزراء حتى قائدة جيوش. لكني أجزم أن مجتمعات تحارب المرأة لن تتقدم خطوة واحدة في ركب الحضارة وستظل غارقة في انفصامها وتخلفها.