مع تراجع زخم التظاهرات في ايران، يرى محللون ان الرئيس حسن روحاني بات أمام تحديات وفرص في الوقت نفسه، في اطار الجهود التي يقوم بها لاصلاح البلاد.
وبعد تسجيل اعمال عنف خلال التظاهرات الاخيرة، وحدت القيادة الايرانية صفوفها، وصوبت نحو اعداء الخارج والمجموعات "الارهابية" في المنفى محملة اياها مسؤولية ما يحصل.
لكن جميع أطياف الساحة السياسية يقرون بأن الاستياء العميق الناتج عن البطالة وعن غلاء المعيشة والفساد تحول إلى قنبلة موقوتة في ايران.
والانتقادات التي وجهت الى الرئيس الايراني تركزت على تخليه عن الفقراء مع محاولته زيادة أسعار المحروقات في ميزانيته الاخيرة التي اعلنت قبل اسابيع من بدء التظاهرات.
وفي خطاب الميزانية أكد روحاني الحاجة الى زيادة الاسعار للتصدي للبطالة، لكن المرجح ان يرفض مجلس الشورى الاجراءات الأكثر إثارة للجدل كي يظهر انه يستمع إلى غضب الشارع.
وقال نائب رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية ناصر لاركاني الخميس ان "السكان لم يعودوا قادرين على تحمل زيادة في اسعار الوقود. من الخطأ اقرار هذه الزيادة مع مواجهة السكان مجموعة واسعة من المشاكل اليومية الاقتصادية".
وبرزت هذا الاسبوع وكالة اخبار جديدة على الانترنت نشرت فيديو سرعان ما انتشر بشكل هائل وبدا فيه أفراد من سكان طهران ينتقدون سياسات الحكومة.
وقال رجل في الاربعينات "هل اشترى روحاني البيض او اللحم بنفسه في أي وقت؟".
واضاف رجل أكبر سنا "انا احتج على ما يحصل من سرقات واستيلاء على المال العام. من يقف وراء ذلك؟ انهم الذين يقيمون في القصور ولديهم أثرياء في حكومتهم".
وأكد روحاني ان إصلاحاته التحريرية ضرورية لإصلاح الاقتصاد، مشيرا الى هبوط التضخم من حوالى 40 إلى 10% ما اعتبره إنجازا اساسيا في عهده منذ 2013.
كما تحدث عن انتعاشة كبيرة للنمو الاقتصادي الذي قدر البنك المركزي نسبته بـ12,3% في العام الفائت، إثر ابرام الاتفاق الدولي حول برنامج ايران النووي في 2015 ورفع العقوبات الدولية الكثيرة المترتب عنه.
لكن جزءا كبيرا من النمو ناتج عن إرجاع أموال مبيعات النفط التي لا تولد توظيفا يذكر.
وتشير تظاهرات هذا الاسبوع إلى شعور الكثير من الايرانيين بالسأم من انتظار تجسد نتائج الاتفاق فيما ما زالت البطالة فوق 12% إجمالا وحوالى 30% من الشبان.
وقالت المعلمة البالغة 35 عاما في طهران ساريتا محمدي لوكالة فرانس برس ان "الناس لم يعد يسعهم التحمل، خصوصا الشباب...لا يمكنهم شراء منزل او مواصلة تعليمهم. لم يعودوا قادرين على الاستمرار في هذا الوضع".
- تأجيج العنف في مشهد -
رغم ذلك يرى محللون ان روحاني ما زال قادرا على انتزاع نصر من اضطرابات هذا الاسبوع، خصوصا إن لجم المحافظون انتقاداتهم.
ويتهم الكثيرون من انصار الرئيس الايراني المحافظين بتأجيج الاضطرابات من خلال كيل الانتقادات لسياساته الاقتصادية على مدى اشهر.
وافاد محمد صادق جوادي حصار المحلل الاصلاحي في مشهد التي انطلقت منها الاحتجاجات في 28 كانون الاول/ديسمبر ان خصوم روحاني زاروا المدينة قبل بدء الاحتجاجات.
وقال لوكالة فرانس برس ان "عددا من الخصوم المعروفين من جبهة بايداري (المحافظة) اتوا الى مشهد... لتعبئة الناس كي ينزلوا الى الشوارع".
واضاف "ركزوا على الزيادات المؤقتة لأسعار السلع الاساسية كالبيض وعلى الزيادة المرتقبة لسعر الوقود"، مؤكدا انهم ارادوا تعبئة الاحتجاجات ضد الحكومة قبل تجمعات مقررة مسبقا السبت في ذكرى هزيمة حركة الاحتجاجات الكبرى السابقة في 2009.
وقال المحلل "كان هذا هدفهم لكنه خرج على السيطرة".
واعتبر اسحق جهانغيري نائب الرئيس الايراني غداة انطلاق التظاهرات ان متشددين معارضين للحكومة قد يكونون مسؤولين عنها، وقال للتلفزيون الرسمي "يعتقدون انهم يؤذون الحكومة بما يفعلون" لكن "آخرين هم من سيركب هذه الموجة".
ونفى المحافظون هذه الاتهامات بشكل قاطع، لكن الشائعات وحدها قد توفر فرصة لروحاني.
وقالت محللة الشؤون الايرانية في المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية إيلي غيرانمايه "أنا واثقة ان حكومة روحاني ستكسب رصيدا سياسيا ما من ذلك"، موضحة "ان اتضحت صحة الشائعات القائلة ان المحافظين مسؤولون، فسيعتبرهم الشعب عديمي الكفاءة وسيتساءل كيف عساهم ان يديروا البلد".
لكن حتى لو خرج روحاني سليما سياسيا من الازمة، فسيبقى عليه مواجهة شعب غاضب وسط انعدام الحلول السهلة. وقال المحلل المقرب من الاصلاحيين عباس عابدي في طهران ان "هذه الازمة افسحت فرصة جديدة لإحداث تغييرات، وهذا ضروري وإلا فستكون العواقب خطيرة".
"لكن هذا لا يعني ان روحاني يمكنه التلويح بعصا سحرية وتبديل كل شيء".
AFP