يحقّ للرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونتنياهو والصهاينة أن يشعروا بالارتياح لردود فعل الشعوب العربية ومعظم الحكّام العرب على اعتراف ترامب بالقدس كعاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها. الإدارة الأمريكية ارتكبت هذه الجريمة بحق الشعب الفلسطيني لأنها كانت تعلم علم اليقين بان معظم القادة العرب يدعمون قراراتها سرا، ويريدون تصفية القضية الفلسطينية ولهذا فإن واشنطن لم تهتم بتصريحاتهم العنترية عن تمسّكهم بعروبة القدس، وان قولهم بأن ” القدس خط أحمر لا يمكن القبول بتجاوزه والسكوت عنه ” لم يكن سوى كذبة لخداع وتضليل شعوبهم !
لقد فقد هؤلاء القادة مصداقيّتهم، وانكشفت أكاذيبهم، وتجاوز ترامب ونتنياهو وغيرهم جميع المحرّمات “والخطوط الحمراء “، وأصبح الوطن العربي كله من محيطه إلى خليجه دول طوائف وقبائل ممزّقة مثقلة بجراحها ومستباحة تتكالب عليها دول كثيرة للحصول على حصتها من خيراتها ومقدراتها . ترامب ونتنياهو والعالم بأسره يعرف ذلك بينما ما زال شيوخ قبائلنا يقيّدون شعوبهم، ويجرّدونهم من حقوقهم، ويقدمونهم لقمة صائغة لكل معتد أثيم وكأن الأمر لا يخصهم، والجنازة ليست جنازتهم وجنازة أمتهم !
لقد أظهرت الشعوب العربية التي سمح لها بالتعبير عن رأيها تمسّكها بالقدس وفلسطين، وخرجت إلى الشوارع في مظاهرات أعلنت خلالها رفضها لقرارات الإدارة الأمريكية، وطالبت باتّخاذ قرارات حازمة ضدّ صلف وعنصرّيّة ترامب وتحيّزه الأعمى لإسرائيل؛ لكن الملفت هو أن بعض الدول العربية المعروفة بتآمرها على القضية الفلسطينية وانبطاحها للإرادة الأمريكية …سمحت بخروج هذه المظاهرات … ، وأمرت وزراءها وكبار شخصيّاتها بالمشاركة فيها وقيادتها، وقامت مخابراتها وجيشها وشرطتها بحراستها ومنعها من الانتشار.
مشاركة الرسميّة العربيّة في المظاهرات كانت تكتيكا رسميّا جديدا لخداع الشعوب والسيطرة عليها، ومنعها من إظهار حقيقة مشاعرها وولائها للقدس ولشعب فلسطين، ومن ثم احتواء غضبها وافشال المظاهرات ومنعها من الاستمرار والتوسع، والمراهنة على لعبة الزمن التي يعتقد معظم الحكام العرب أنها ستنسي الشعوب العربية الجرائم التي يرتكبونها ضدّها، ومن ضمنها فشلهم في حماية أوطانها ومقدّساتها .
الشعب الفلسطيني استمر في انتفاضته ضد قرارات ترامب، وقدّم وسيظل يقدّم المزيد من الشهداء الأبرار دفاعا عن فلسطين والقدس والعواصم العربية التي لا يخفي الصهاينة نواياهم لاحتلالها؛ فهل ستنفجر هذه الأمة وتنتقم من حكامها الذين أذاقوها الأمرين، ودمّروا حاضرها، ووضعوا مستقبلها على المحك من أجل استمرارهم في الحكم ؟