قمة نواكشوط الإفريقية و تكريم مانديلا | صحيفة السفير

قمة نواكشوط الإفريقية و تكريم مانديلا

ثلاثاء, 30/01/2018 - 16:35

بعد رئاسة الاتحاد الإفريقي و تنظيم القمة العربية، عطفا على مناصرتها القضايا العادلة و انحيازها لكل ما هو إنساني و تكريم الأبطال و الشخصيات ذات الإشعاع، مواصلة على مسار الصعود و حجز مقعد الرئيس بالمحافل التي كان حضورنا فيها خافتا على مدى عقود خلت، و ترسيخا للانتماء و تقاسم المشترك، تعد موريتانيا الأفارقة و العالم بتكريم تاريخي لأسطورة النضال ضد نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا نيلسون مانديلا، التكريم الذي سوف يتخلل فعاليات قمة الاتحاد الإفريقي بنواكشوط منتصف العام.

"لإفريقيا المنبع الأعذب..." بهذه الكلمات المتراصة من النشيد الوطني الجديد، تستقبل موريتانيا الأفارقة و قد أزالت كل لبس عن هويتها الإسلامية العربية الإفريقية، وشرعت في تشييد قصر لاحتضان الحدث التاريخي الذي يعد تتويجا لمسار تضحياتها لبناء صرحنا القاري، من رئاسة لجان و استضافة اجتماعات و فض نزاعات حقنا لدماء شعوب السمراء، موريتانيا التي كانت منطلق تكتلات إقليمية رأت النور على أرضها المباركة تحت مظلة الاتحاد، لتتلقفها المنظومة الدولية بكل امتنان.

بلادنا التي صدحت حنجرتها العذبة ديمي بنت آبه بسقوط الآبرتايت. لا غرو أن يكرم ماديبا على أرضها بعد قرن من ميلاده، ميلاد صحوة سطرها الراحل في التاريخ الإنساني، نيلسون الذي لن يغترب في شعب إفريقي حملت قوافله الإسلام و اللغة العربية لغرب القارة، و يواصل رفع المشعل في مدارسه بداكار و بانجول، شعب يشكل رجال أعماله و تجاره أرقاما مالية كبيرة تدفع عجلة الاقتصاد في عدة بلدان إفريقية. إن انفتاح موريتانيا على شقيقاتها المتجسد في انسيابية تنقل الأفراد و البضائع، و كونها ملاذا آمنا لأبنائها هربا من البطالة لسان حالهم معاتبا الأوروبيين " ولي دونكم أهلون ..." هذه الأرض التي تصان فيها كرامة المهاجرين و اللاجئين الأفارقة، و تتحقق عليها الشروط الكافية  لاحتفاظهم بإنسانيتهم حتى و إن مكثوا مدى الحياة، الدولة التي بذلت دماء أبنائها ذودا عن السلام و الأمن في أرجاء القارة و تحصد كتائبها أوسمة الامتياز، حتما سوف تعتلي بجدارة منصة الاتحاد و تصدع منبرا لإسماع صوته و تنتصب لوحا ذهبيا تنقش عليه بطولات شعوبه.

مانديلا يكرم في موريتانيا التي يحاول البعض عبثا وصمها بعار الاسترقاق و هي منه براء براءة الذئب من دم يوسف، موريتانيا قلعة التحرر بصياغة النصوص و مصادرة العبيد و خلق فرص العمل و محاربة الفقر و القضاء على الأمية، لكي لا يأخذ الاسترقاق أشكالا تتكيف مع الظرف و الواقع. مسيرة نيلسون الحافلة بالعطاء و التضحية الملهمة للبشرية جمعاء، لم تضاهها سوى حملة موريتانيا العظيمة لترسيخ ثقافة التحرر في أذهان شعبها، القائمة على مكونات هي أساس امتلاك الإنسان قراره.

أكملت بلادنا الترسانة القانونية المتعلقة بمحاربة الاسترقاق، و واكبتها بسياسة عقارية و خطط للحد من الفقر و خلق فرص العمل و فرض تساويها، منحت القروض و شقت القنوات و استصلحت الأراضي للزراعة و أطلقت الوكالات مشاريعها، كل ذلك سعيا للقضاء على مخلفات الرق، هكذا فعلت موريتانيا و كذلك كافح مانديلا الذي سيمطر تكريمه بنواكشوط المزايدين وابلا من الأسئلة، أين أنتم من ماديبا؟ يا أبعد الناس من اقتفائه.

إن تنظيم قمة الاتحاد الإفريقي منتصف العام بموريتانيا و تكريم الراحل نيلسون مانديلا، سوف يشكلان نجاحا دبلوماسيا كبيرا و نصرا مؤزرا على قوى أعياها إلصاق التهم ببلاد الحرية و أرض الأحرار. سيذكر التاريخ اسما كان له فضل اقتناص فرص أشبه بالظواهر الفلكية النادرة الحدوث، شكرا لمن منحنا بهجة تقدم الشعوب الإفريقية و جعل موريتانيا تتردد على ملايين الشفاه و الصفحات التي لم تألف نطقها أو رسمها سابقا.

 

خالد ولد الداه