سَحْبُ المشهد المتأزم من العاصمة ومركز القرار السياسي إلى داخل البلاد وإنعاش الصراعات المحلية البائسة من خلال حملة انتساب حزبي تشرف عليها الدولة وأجهزتها المختلفة في الريف والقرى والمداشر النائية لن يكون اقل كلفة على النظام وحزبه من الإصلاح السياسي المطلوب القيام به للعبور الآمن إلى مرحلة استحقاق حَدّد النظام نفسه أهم ملامحها حين اكد احترامه للمواد المحصنة من دستور الجمهورية الإسلامية الموريتانية.
إن فتح حملة انتساب لحزب الدولة في مطلع هبوب صيفي قاحل، يتواصل مع نهاية موسم هَلكتْ فيه المواشي وأجدبتْ البلاد، لن يكون هوالنجعةَ التي ينشدها سكان الريف ولا انتظارات عموم المواطنين الجياع العطاش، بل المؤكد أنه سيزيد من إضعاف ما بقي من مصداقية الدولة عند من كان ينتظر منها المواساة، سواء بدعم الأمن الغذائي أوبتوفير الأعلاف، بدل اجباره على بذل المال والجهد لإعادة الروح لأدوات سلطة ضبطه الاجتماعي التقليدية في مواجهة (خصومه) المحليين و التقرب من السلطة على أمل الاستفادة من وهم ريعها المشروط بالولاء لأجهزتها العميقة وحزبها الذي يمتلك وحده اليوم من الوسائل المادية ما يمكنه على أحسن وجه من القيام بأهم الأدوار المنوطة بالأحزاب وهي زيادة وعي المواطنين، واستزراع قيم التنشئة السياسية السليمة بينهم، بدل جعل مواسم حملات انتسابه فرصا ذهبية لايقاظ الحميات العشائرية والمناطقية والاثنية...حتى في وقت تتقترب فيه البلاد سريعا من استحقاقات كبرى تستوجب على الحاكم وحزبه البحث عما يعزز نجاحها وصرف النظر عن كل جهد لا يبذل في إزالة ما يمنع قيام توافقات سياسية تضمن تامين نجاح المسار الانتخابي المرتقب، وما يحتاجه من ضمانات تؤمن الاستقرار وتقف في وجه تهديداته المختلفة من كل الاتجاهات والخنادق.
افتتاحية حزب الصواب، الجمعة: 09/03/2018