من المقرران يتوجّه الروس الى صناديق الاقتراع في 18-3-2018 لانتخاب رئيس للجمهورية، ومن المتوقع أن يحصل الرئيس الحالي فلاديمير بوتين على الأغلبية الساحقة من أصوات الناخبين ويقود البلاد لمدة ست سنوات أخرى تنتهي عام 2024.
عندما استلم بوتين الرئاسة في 31 - 12- 1999،كانت روسيا الاتحاديّة تمرّ بمرحلة تحوّل هائلة،وتعاني من فوضىعارمة عصفت بنظامها السياسي وبمؤسّساتها؛ انهار نظامها الاشتراكي الماركسي، وتفكك حلف وارسو، وتراجعت مكانتها على الصعيد العالمي، وتراجع الانتاج الصناعي والزراعي بشدّة، ووصل اقتصادها الى حافة الانهيار، واعتمدت ميزانيّتها على القروض الأجنبية، فانخفضت قيمة الروبل انخفاضا حادا، وعم الفقر والبطالة، وانتشرت الجريمة، وتحولت روسيا من قوّة عظمى يهابها العالم، إلى دولة ضعيفة ممزّقة تكافح للملمة جراحها والبقاء موحدة.
تمكّن بوتين خلال السنوات الأربعة عشر الماضية من رئاسته لروسيا الاتحاديّة من إحداث تغييرات هامة أعادت لها هيبتها ومكانتها الدولية كقوة كبرى لها ثقل سياسي وعسكري عالمي لا يمكن تجاهله أو التقليل من أهميته؛بوتين سياسي متمرّس يدرك جيدا أن الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي لعبا دورا هاما في تفكيك الاتحاد السوفيتي، وإنهما يعملان على إضعاف روسيا وتهميش دورها كقوة عظمى؛ ولهذا فان سياسته في التعامل معهما تتسم بالتحدي والمواجهة والتركيز على مصالح بلاده وأهدافها الاستراتيجية.
فمنذ عام 2012 اجتاحت روسيا أوكرانيا وضمت شبه جزيرة القرم اليها، وتدخّلت عسكريا في سورية واقامت فيها قواعد جوية وبحرية، واعلنت أنها طوّرت جيلا جديدا من الصواريخ والأسلحة الذرية، وعقدت صفقات لبيع الأسلحة مع عدة دول، وأحرزت تقدما في تطوير إنتاجها الصناعي والزراعي، وتصدّت للصلف السياسي الأمريكي الأوروبي، وفرضت وجودها في الأمم المتحدة والمحافل الدولية، واقامت علاقات شراكة استراتيجية مع الصين وايران وتركيا والهند وبعض دول أمريكا اللاتينية، وعادت إلى الساحة الدولية كقوة يحسب حسابها.
سيواجه بوتين خلال الست سنوات القادمة عددا من المشاكل الرئيسيّة من أهمهاتحقيق نصر واضح في سوريا، وتعزيز النفوذ الاقتصادي والسياسي والعسكري الروسي في منطقة الشرق الأوسط والعالم ، وانهاء المقاطعة الاقتصادية الأمريكية الأوروبية التي فرضها الطرفان على بلاده بعد ضمها لشبه جزيرة القرم، والاستمرار في تطوير الانتاج الصناعي والزراعيوالنظام الصحي، ومحاربة الفقر، وتحقيق المزيد من التقدم والازدهار لروسيا.
د. كاظم ناصر - كاتب فلسطيني