بين من صدق خبر سقوط النظام، ومن لم يصدق حدوث ذلك، أصبح الشعب في التاسع من نيسان عام 2003 امام حقيقة تغير النظام، والأمور تتجه لتحسين أوضاع الشعب بالمجمل، لذلك سمح لخياله بأن ينسج أحلاما تفوق الخيال، معبرا في ذلك عن معاناته من نقص وعوز، فقبل جميع ما يقال، وما سوف يحدث للعراق بعد تغيير النظام.
لمعاناتنا كثيرا، اخذ معظمنا يتحدث عن البطاقة التموينية وما سوف تتضمن من مفردات كثيرة، فراح كل شخص فينا يعد قائمة تتضمن الكثير من المواد قاربت على الخمسين مادة.
سقط النظام الحاكم، فسقطت معه اركان الدولة كافة، فتحولت الدولة من مركزية شديدة وخانقة، الى ديمقراطية مفرطة ومنفلتة، جعلت الشعب يتصرف في احيان كثيرة تصرفات لا تنسجم مع بيئته وواقعه الاجتماعي الذي تربي فيه، اخذ يستقبل كل شيء يأتي من الخارج , فلا يتوقف او يسال عن المصدر، او هل ما يفعله يخدمة او للمجتمع ، ربما يكون الكبت الذي كنا نعيشه طيلة العقود الماضية، سببا لتصرفاتنا، فهي تمثل ردة فعل لمعاناة وحرمان سابق.
افراطنا برؤية ما بعد سقوط النظام، وسوء الوضع الذي عشناه في الواقع، من موت ودمار، جعلنا نشعر بخيبة الامل وعدم الرضا والقبول بالتغيرات التي حصلت خلال السنوات الماضية، يضاف لها الانفتاح على العالم الخارجي ومقارنة ما نراه في تلك الدول وما موجود على ارض الواقع في البلد، كلها عوامل ساعدت لجعل تفكيرنا سلبيا, اتجاه العملية السياسية برمتها
ما يشهده البلد اليوم من تغيير في مستوى العمران او مستوى دخل الفرد، يعتبر ضمن الحد الأدنى مما يجب ان يحصل للبلد والشعب، فإيرادات البلد تضاعفت، وموازنات البلاد تعتبر من الموازنات التي يحلم كثير من دول المنطقة ان يحصلوا على نصفها، مع ذلك لا ينعكس ذلك على الشارع، وان وجد ففيه الكثير من الضبابية وعدم الوضوح.
بعد خمسة عشر عام من التغير، اغلب الشعب غير راضي عما حصل خلالها، وغير مقتنع بان هناك تغير سوف يحدث خلال الأعوام القادمة، لذلك تجده عازف عن المشاركة في الانتخابات.
السؤال هنا من المسؤول عن الذي حصل؟ وكيف يستطيع الشعب ان يعيد ثقته مرة أخرى بمن يطرح نفسه للتصدي للعملية السياسية وقيادة البلد؟
مشكلتنا جميعنا نقول هدفنا خدمة الوطن والشعب، لكن في الغالب الهدف يكون الخدمة الشخصية، والمنافع الفردية لا أكثر
لذلك يجب ان تكون مرحلة ما بعد الثاني عشر من أيار مختلفة عن سابقتها, والا لات حين مندم, وهنا مطلوب منا ان نتحمل مسؤوليتنا, ونبتعد عن عواطفنا وميولنا الشخصية, فننظر بعين المحب للوطن, الباحث عن مستقبل ابنائه, فندقق كاننا في اختبار يكون فيه رسم مستقبل للقادم, فنؤشر على القائمة التي لا ترفع شعار الوطنية فقط, انما تجعله منهج عمل لها, من خلال خط سيرها طيلة السنوات الماضية, فنختار الحكماء فيها ليستطيعوا ان يبنوا وطن تسود فيه الحكمة والعدل, فيأخذ كل ذي حق حقه, ونبدأ بوضع العراق في المكان الذي يليق فيه ويستحقه, بعد ان فارقة عقود طويلة, فسبقه من سبقه.
لا يمكن لامة ان تنهض دون حكمائها, لذلك يجب ان تكون الحكمة خيارنا الوحيد