انتهت مباريات المرحلة الأولى من المونديال العالمي المقام حالياً في روسيا، وكعادة المونديال العالميّ فهو مليئ بالأحداث والملاحظات:
المونديال حتّى الآن في مجمله العام متوسّط وربّما أقل، ويتميّز بالحرص الدّفاعي الواضح لأغلب المنتخبات المشاركة. وهذا واضح جليّ في قلّة نسبة الأهداف في أغلب المباريات وقد ظهر بوضوح اتّجاه لتحوّل كرة القدم إلى علم وتخطيط علي حساب المهارة والكرة الجميلة.
وهذا ما يفسّر صعود عشرة منتخبات أوروبية الّتي تعتمد علي العلم والتّخطيط مقابل ستّة منتخبات فقط من القارات الأخرى للمرحلة الثّانية من المونديال. وهذا عكس ما جرت عليه العادة في موندياليّ جنوب أفريقيا 2010 والبرازيل 2014 حيث مثّل قارة أوروبا ستّة منتخبات فقط في المرحلة الثّانية مقابل عشرة منتخبات من القارات الأخرى.
*أبرز اللّاعبين حتّى الآن من وجهة نظري، هما لاعبي ريال مدريد كريستيانو رونالدو والحارس الكوستاريكي جيسوس نافاس. على الرّغم من خروج منتخب الأخير من الدّور الأوّل فرونالدو استطاع بمفرده من تحويل منتخب البرتغال المتوسّط إلى منتخب قويّ مرشح بقوّة للأدوار النّهائية، ونافاس نجح بمفرده في تحويل منتخب كوستاريكا الضّعيف جدّاً إلى منتخب متوسّط استطاع أن يصمد لفترات طويلة أمام منتخبات كبري مثل البرازيل وصربيا.
*شهدت هذه النّسخة من المونديال الاستخدام الأوّل لتقنية الفيديو في التّحكيم مودّعة معها جانب كبير من دراما كرة القدم الممتعة والشّيّقة الّتي تعتمد على أخطاء الحكّام. فكلّنا يذكر حتّى الآن بكثير من الشّغف والنّشوة يد مارادونا الّتي أطاحت بمنتخب انجلترا من الدّور قبل النّهائي من مونديال 1986 والّتي قال عنها مارادونا إنّها يد الله وليست يده!
وهنا أذكر بكلّ الخير الرّئيس السّابق للاتّحاد الدّولي لكرة القدم السّويسري جوزيف بلاتر الّذي رفض بشدّة استخدام هذه التّقنية طوال فترة رئاسته للاتّحاد ، واصفاً إيّاها بالمفسدة لمتعة كرة القدم !
بالإضافة إلى أنّه أوّل من زوّد مقاعد أفريقيا في المونديال إلى خمسة مقاعد، ولا شأن لي هنا باتّهامات الرّشوة المتّهم بها فهذا قول حقّ لا يلغيه اتّهام!
*لو صحّ ما تردّد عن أن نجم المنتخب الأرجنتيني وبرشلونة الإسباني ليونيل ميسي يتدخّل في التّشكيل ويستبعد بعض اللّاعبين، فلا شكّ أنّ ما عاناه المنتخب الأرجنتيني المدجّج بالنّجوم، هو نتيجة طبيعيّة لذلك.
فالنّجم مهما بلغ حجمه، إن لم يعمل داخل منظومة ، لا أن يكون هو المنظومة، فلا خير في النّجم ولا نجاح للمنظومة! في أعتقادي أن منتخب الأرجنتين لن ينتظر طويلا للتتويج بكأس العالم بمجرد اعتزال نجمه ميسي أفضل من لعب كرة قدم في التاريخ!
*من الأحداث الّتي أثارت جدلاً في هذا المونديال رفض نجم المنتخب المصري محمد الشّناوي استلام جائزة رجل مباراة مصر والأورجواي بدعوى تقديم زجاجة خمر مع الجائزة .
وما أثار هذا الموقف من جدل. في رأيي ليس في هذا الفعل ما يلام عليه الشّناوي، ولا أريد أن أشقّ صدره وأتّهمه بادّعاء التّقوى مثلما فعل النّجم الإيفواري يايا تورية منذ سنوات عندما رفض استلام جائزة أفضل لاعب في إحدى مباريات الدّوري الإنجليزي للسّبب نفسه.
وتمرّ الأيّام ويتمّ إيقافه من قبل الشّرطة الإنجليزية بداعي قيادة السّيارة في حالة سكر!. فهذا حقّه ومعتقده بل هذا خطأ اللّجنة المنظّمة لعدم تقدير معتقدات اللّاعبين. وحسناً أنّها تداركته فيما بعد.
لكن من ناحية أخرى أتمنّى أن نفهم نحن العرب أنّ الدّين لا يقتصر على النّهي عن المنكر بل هو مليئ بالأمر بالمعروف وفعل الخير والرّوح الرّياضية وهذا أحبّ إلى الله .
*ليس لدي تعليق على أداء الفرق العربيّة ولا أريد أن أسمّيه بالفضيحة. فهذه كرة القدم لكن أتمنى أن يفهم العرب أنّه لا يوجد في قاموس كرة القدم أو أي شيء آخر ما يسمّى بالخسارة المشرّفة!
*أخيراً، أداء ونتائج محبطة للكرة الأفريقيّة الّتي كان بالتأكيد لديها الأفضل لتقدّمه للوصول إلى أبعد من ذلك في هذا المونديال.
إلّا أنّها افتقرت إلى الطّموح الكافي والتّخطيط الصّحيح فلأوّل مرّة منذ مونديال إسبانيا 1982 تخلو المرحلة الثانية من أيّ منتخب أفريقي!