بمناسبة خسائر فيفا 2018 المخجلة …… فكرت اكثر من مرة في كتابة هذه المقالة واخيرا كتبتها فان مجرد طرح الموضوع على طاولة النقد قد يكون مفيدا. بعد ان استمعت الى الكثير من التعليقات على نتائج المباريات والمشاركات على اليوتيوب والتي تشترك جميعها دون استثناء في الاحساس بالخيبة بدءا من خسارة فريق السعودية 0-5 امام روسيا الخسارة المخجلة والمحبطة والمستفزة وهي المبارة الافتتاحية – المباراة التي سبقها كثيرا من الاعلام الذي وعد الجماهير العربية بمفاجأة للمنتخب السعودي ستكون حديثا للعالم “يعني هم اصلا لا يعرفون مكانهم على الخريطة” – ونهاية بخسارة منتخب مصر الذي عول عليه – لتواجد النجم محمد صلاح فيه لا غير – امام المنتخب السعودي بأداءه الضعيف …. “ويا شماتة ابله ظاظا فينا” وياخيبة وقهر 280 مليون عربي.
في البدء اتمنى لو اعزي النجم محمد صلاح الذي تحمل الكثير من العبئ لوجوده في بؤرة الاضواء ضمن فريق ضعيف – بأدارة فاسدة و بمدرب سبق وصفه بضيق الافق واتحاد كرة غير مسؤول – وتحميله مسؤولية القيادة من الفشل الى النصر. والكل “عايز يصعد على قفا صلاح” حتى الفنانين فما علاقة ارسال وفد فني اعلامي كبير على نفقة الدولة الى روسيا يضم فيفي عبدو ولميس الحديدي مع وفد رجال اعمال يضم احمد ابو هشيمة ليتعدوا على حرمة غرف اللاعبين فيأخذوا صورا تذكارية معهم داخلها كما تعدوا على حرمة الملاعب واوقات التدريبات فيلتقطوا صورا مع اللاعبين في وقت الراحة واثناء التدريب “صور تفكركوا بخيبتكوا اللى حطيتوها على المنتخب” … وكله الا كيكة بوسي شلبي بصورة محمد صلاح والله كنا محتاجيها …. “مهزلة بكل المقاييس” وحالة هرج اقرب وصف لها هو “فرح العمدة” ارسال كل اساليب التشويش والفوضى الى مقر اقامة فريق يراد لها تحقيق النصر فحصد الجميع الخسارة المخزية ومرارة لمئة مليون مصري ذنبهم في رقبة اتحاد الكرة. آه يا بلد!! فهل سمعنا بمثل هذا من قبل وأين مكان الشباب والجماهير الكروية المشجعة ومتى ترسل ان لم ترسل الى بطولة كأس العالم اذن؟؟
انما تتبارى دول العالم في كرة القدم و تتنافس لتختبر نجاحاتها في التخطيط والتنظيم والتدريب وتقارن بغيرها. بطولة كأس العالم لكرة القدم عرس عالمي تحتفل فيه الفرق العالمية اولا بأهدافها ثم بتنظيم منتخباتها واعدادها وتختبر نتائج خططها وحكمة مدربيها ثم تزف ابطالها … مدافعيها … ومهاجميها التي تلهم الاجيال القادمة وتكون حافزا للنشئ ثم انها تدخل الفرحة على قلوب جماهيرها التي تعيش تلك الايام عرسا حقيقيا محتفيا بكل هدف من اهدافها. طبعا بطولات كرة القدم كغيرها من البطولات العالمية الاخرى التي تنتهي بفائز واحد يعود بالكأس وفرحة يحملها لأربعة سنوات قادمة اما الفرق المشاركة الاخرى فتبدأ عادة بأعادة تقييمها لنتائج والمخرجات التي تستعد بها لمواسم البطولات الآتية هذا ما يجري في العالم عادة فماذا يجري للفرق العربية.
سمعت من محلل رياضي عبارة: أنه لو جمعت كل الفرق العربية المشاركة في كأس العالم هذا العام في مجموعة واحدة لكانت نتيجتها “لم ينجح احد” كما في مدرسة المشاغبين انه بالتأكيد تحليل واحد مفروس. عادت الفرق العربية مبكرا بخسائر محبطة للشعوب العربية التي صدمت بالاداء الهزيل للمنتخبين السعودي والمصري اللذين علقنا آمالا عليهما لو علقناها على منشر الغسيل لكانت النتيجة واحدة.
وتتعدد الاسباب والفشل واحد وتتكرر عبارة “التمثيل المشرف” وهو تعبير مراوغ لكلمة “الخسارة” اي شرف في سحق المنتخبات العربية الرياضية تحت الاقدام امام الناشئين على مرأى من شعوب الارض؟؟ علما أن كلمة “المنتخب” تعني المختار وتعني “نخبة القوم” خيارهم. وما علقنا عليه الآمال صار حبلا لنشر الغسيل الوسخ فمسؤولي المنتخبات والرياضة عادوا ليتبادلوا الاتهامات والفضائح على الشاشات الفضائية وكأن المصائب لا تأتي الا بالجملة.
عادة ما يتردد في نهاية كل بطولة عالمية بالاضافة لكل ما نسمع لوما للمدرب – خصوصا انه اجنبي في الغالب – ثم لوما لأتحاد الكورة واللجنة الاولمبية ثم الوزير وأخيرا لوما لبعض اللاعبين ينتهي بقرارات ومقترحات تتكرر كل سنة على لسان الجميع بما فيهم الاعلام ثم المسؤولين ولا شئ يتغير لأن تلك الاشياء هي جزء من منظومة فاشلة لن تتغير وبالنسبة لمصر فكبش الفدى موجود وهو المدرب الاجنبي الأرجنتيني “كوبر”. اما للسعودية فوضعها مختلف ولا يجمعه مع الوضع في مصر سوى الفشل.
لم تكن خسارة الفرق العربية مفاجئة للشعوب – فلم يكن فوزها متوقعا – الا انه ما يوجع فعلا افتقارها لأبسط مبادئ فنون اللعب المحترف وقد بخلت على الجماهير حتى بالمتعة والاثارة واصابتها باليأس والاحباط. فكأن الفرق العربية جاءت لتهان بخسارتها المؤكدة وتستعرض أداءها الهزيل.
فالمنتخبات الرياضية العربية هي جزء من المنظومات والاجهزة الكروية والتي هي جزء من منظومات المجتمع والدولة وثقافتها واحدة وتختلف كليا عن ثقافة الغرب الرياضية فالفرق الغربية تمارس اللعبة للأمتاع واختبار القدرة والقوة والمهارة بينما تتعامل الفرق العربية ومسؤوليها مع كرة القدم على انها”سبوبة” لجني الارباح على حساب القيم الرياضية و على حساب اعصاب شعوبها.
اقتراح ونصيحة للأجهزة الرياضية العربية ان لا تشارك ببطولات دولية وعالمية الا ان ترى نفسها على استعداد لها وقد يتطلب هذا عقودا من الزمن لتحفظ ماء وجهها ولتجنب شعوبها مزيدا من الاحباطات وشعور المهانة ولتوفر على اجيالها الناشئة الشعور بمرارة الاحباط والظآلة من اجل ان نحصل على اجيال سوية نفسيا. “والله الشعب العربي بحاجة ماسة لعلاج نفسي بعد هذا الصيف الذي اشتعل بحرقة اعصابهم بس مين يحس؟؟”
كانت بطولة فيفا روسيا 2018 – كما غيرها من البطولات – مرآة للشعوب ترى بها انفسها مقارنة بالآخرين فهنيئا لمن فاز بجدارة ففرح بفوزه وحظا اوفرا للجميع في المرة القادمة “كرر المحاولة في وقت لاحق” وحظا اوفر للفرق العربية.