لا أعرف إذا كانت مفارقة غريبة أو مخطّط لها أن تصل ثلاث منتخبات من بين أربع للمربّع الذّهبي لكأس العالم الّذي أقيم مؤخّراً في روسيا ممّن تستقبل دولهم المهاجرين من أنحاء شتّى حول العالم، من بينها بالطّبع أفريقيا والدّول العربيّة.
بعد خروج المنتخبات الأفريقيّة والعربيّة جميعها من الدّور الأوّل لأوّل مرّة منذ مونديال أسبانيا 1982، انتشرت نغمة غريبة تقول إنّ أفريقيا والعرب ممثّلين في المربّع الذّهبيّ باللّاعبين ذي الأصول الأفريقيّة والعربيّة الّتي تلعب لمنتخبات بلجيكا وفرنسا حتى أنّه وصف البعض المنتخب الفرنسي تندرا بالشّقيق تعبيراً عن كثرة اللّاعبين ذي الأصول الأفريقيّة فيه!
فهل هذا فعلاً أمر يستدعي الفخر؟! هل هذا إنجاز يحسب لنا؟! هل من حقّ المغرب مثلاً أن تفخر بلاعبي المنتخب البلجيكي ناصر الشّاذلي ومروان فيلايني لأنّهم ذو أصول مغربيّة؟! هل من حقّ تونس وموريتانيا أن تفخرا بنبيل فقير وعثمان ديمبلي لاعبي المنتخب الفرنسي؟! هل من حقّ أفريقيا أن تفخر بلاعبي هذه المنتخبات ذي الأصول الأفريقيه امبابي ولوكاكو وكانتي وغيرهم؟!
حتى بعيداً عن كرة القدم هل من حقّ المغرب أن تفخر برشيدة داتي السّياسيّة الفرنسيّة والوزيرة السّابقة وأوّل من يشغل هذا المنصب في الحكومة الفرنسيّة من أصول عربيّة وهل من حقّ باكستان مثلاً أن تفخر بعمدة لندن المسلم ذي الأصول الباكستانية؟!
لو تتبعنا قصص هؤلاء المهاجرين أو والديهم لوجدنا أغلبها قصص مأساويّة بكلّ معنى الكلمة حتى أنّه اختار البعض منهم فرصة ضعيفة للنّجاة والبقاء على قيد الحياة مريداً مراكب الموت الّتي تربط أفريقيا بأوروبا على أن يبقي في وطنه!
في أوطانهم، لا تهمّ كفائتك أو موهبتك للحصول على حقك الطّبيعي. ما يهمّ ما هو عرقك؟ وما هي قبيلتك؟ وما هو دينك؟ وما هو جنسك؟!
احتضنت هذه الدّول هؤلاء المهاجرين ووفّرت لهم فرصة الحياة الكريمة دون عوائق بشرية واستقبلتهم الغالبيّة من هذه الشّعوب بترحاب دون تمييز بناء علي العرق أو اللّون أو الدّين. أقول الغالبيّة وليس الكلّ فالأمر كلّه لله وإلّا ما استطاعوا أن يصلوا لما هم عليه.
في تقرير صحفيّ عام 2002 توقّع أحد الصّحفيين البلجيكيين أن يقود روميو لوكاكو وفينست كومباني ذو الأصول الكونغولية وموسي ديمبلي ذو الأصول المالية بالإضافة إلى ادين هازارد ودي بروين المنتخب البلجيكي للمنافسة علي كأس العالم بعد بضعة أعوام وهو ما حدث بالفعل في هذه النّسخة من كأس العالم وحصول بلجيكا علي الميدالية البرونزية لأوّل مرة في تاريخها .
إذن لم يكن الأمر صدفة ولا هو ضربة حظ فبعد أن تمّ دمج هؤلاء المهاجرين في المجتمع بصورة طبيعيّة صاروا جزءاً من الخطّة المستقبليّة مع أبنائه الأصليين للنّهوض به. وهو ما تحقّق فيما بعد فمن حقّ هذه البلاد أن تفخر بنفسها .
أمّا نحن وبالعودة للسّؤال أعلاه، هل من حقّنا أن نفخر بنجوم لم نصنعها لمجرد أنّها أو أحد والديها ولد على أرضنا؟! هل هذا من ضمن إنجازاتنا ؟! الحقيقة هي أنّه إن كان من حقّنا شيء هو أن نخزى!